رأي

يجب وأد الكتلة الثورية الحية

أمل أبوالقاسم

فرح غامر توشحت به الشوارع عقب التوقيع بالأحرف الأولى على الوثيقة الدستورية للحد الذي حدث فيه تناغم حتى بين القوى المتنافرة أو كما بدا مسبقاً، فقام المبتهجون من المواطنين بحمل الوسيط الأفريقي (ولد لبات) على الأكتاف، بيد أن المدهش واللافت هو حمل عدد من منسوبي الجيش والدعم السريع لعضو قوى الحرية والتغيير مولانا “تاج السر” وهم يهتفون بالمدنية، وليس هنالك أدل من ذلك على تلاحم الشعب في الأفراح والأتراح والتسامي عندهما عن أي أمر سياسي أو خلافه فهؤلاء جميعاً سودانيون ووطنيون مدني أو عسكري، هو بالأخير مواطن سوداني من حقه أن ينعم بالاستقرار، والقادم يهم كل الوطن ومواطنيه، وعلى مستوى القيادة فقد تحدث كل من الفريق أول ” محمد حمدان دقلو”، والمهندس “عمر الدقير” حديثاً طيباً، وضعا مصلحة البلد فوق مصالحهما، وكلمات “الدقير” ودموعه كانت أصدق أنباء عن ما يعتمل به صدره وعقله، كيف لا وقد عكف الجميع وانخرط في مشاورات استغرقت عدداً من الأيام والليالي والسهر حتى ساعات الفجر، وكانت خصماً على راحتهم وزمنهم الخاص،فلهم منا الشكر جميعاً.
لعل أهم ما يتمخض عنه هذا الاتفاق هو أن ثمة استقرار وهدوء نسبي من المفترض أن يطرأ على الساحة ريثما يتم التوقيع النهائي منتصف الشهر، لكن ما راج بشأن المحافظة على الاحتجاجات وأن التوقيع لا يعني أن الثورة قد توقفت وانتهت لهو أمر محير للغاية، ماذا تبقى يا هؤلاء وقد توافق الجميع على كافة النقاط وليس هنالك ما يمكن أن نقول إن الاحتجاج للضغط على المجلس العسكري مثلاً في كذا، وقد تنازل عن كل نقطة خلاف لصالح الاتفاق والبلد، وإن كان وسيلة ضغط كذلك للمحافظة على الثورة حتى التوقيع النهائي وتشكيل الحكومة فهي محروسة بوجود الوسطاء الذين سيشهدون بالتوقيع النهائي. إذن خبرونا بالله عليكم لِمَ التحركات؟ وعلاما الاحتجاج؟ اللهم إلا أن كانت هذه القوى تريد الاحتفاظ بكوادرها المتحركة لإحداث اضطرابات مجدداً. وأن هؤلاء الذين يشكلون خميرة عكننة حتى لـ(قحت) إنما يرمون من خلال الاحتجاجات الحصول على مزيد من السلطة. لكن كان عليهم معرفة أن الكتلة الثورية الحية يتم القضاء عليها بوصول الثورة إلى أهدافها كما هو الحال في تاريخ الثورات..وعليه ينبغي على الشارع الواعي المبتهج الآن ألا ينصاع لدعوات هؤلاء ولا يلقي بالاً لترهاتهم.
(٢)
بحسب الأرصاد فإن أمطاراً غزيرة ستضرب عدداً من الولايات بما فيها الخرطوم وستستمر لعدد من الأيام حتى يوم 16 من الشهر الجاري. والناس في قمة نشوتهم وانشغالهم بالتغيير والتفاوض أخشى أن ينصرفوا عن هذا الحدث الهام والذي له تداعيات بيئية وصحية كارثية إن لم تتكاتف فيها الجهود الرسمية والشعبية، ترى هل استعد الدفاع المدني بكل ولايات السودان؟ هل أعدوا العدة لمجابهة هذه الأمطار بالشوارع والطرقات، بل حتى المنازل والمؤسسات إن حدثت صواعق أو إشكالات كهرباء؟ أما المواطنون فمسؤوليتهم لا تقل عن الجهات الرسمية ويجب أن تتضافر الجهود وأن يتوفر جهد شعبي في الأحياء بجهود ذاتية بما يتوافق وإمكانياتهم. وكذا على كل المؤسسات وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم مراجعة كل المدارس والتأكد من بنيتها وخلافه حتى لا تنجم خسائر بشرية عقب مزاولة الطلاب لمدارسهم. وعلى المجلس العسكري الانتقالي الإشراف على هذا الأمر الهام بالتوجيه والإرشاد والمتابعة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية