عز الكلام

يا دوب الثورة بدأت!!

أم وضاح

من يمر بشوارع الخرطوم الرئيسية والجانبية، يظن أن حرباً قد دارت رحاها ما بين كر وفر، ومعظمها إن لم يكن جميعها، قد أصابه الدمار والخراب، وهي (أصلاً ما كانت ناقصة) سوء وتخلفاً، وحكومة الإنقاذ لم تجتهد للأسف طوال سنواتها، في أن تجعل من الشوارع براحاً ومتسعاً للناس والمركبات، وظلت شوارعنا هي الأقل جمالاً وصلاحية عن نظيراتها في الدول العربية والأفريقية، ثم طالها في ما بعد غضب الثوار، فكانت الحواجز والمتاريس التي استخدمت كوسيلة ضغط طوال أيام الاحتجاجات، والآن وبعد أن هدأت الأحوال (وراقت المنقة) وتم التوقيع على الاتفاق التاريخي بين المجلس وقحت، في انتظار تشكيل الحكومة المدنية، يقع على عاتق الشباب ولجانهم التي كانت تحرك المواكب ونجحت تماماً في الفعل الثوري، يقع عليهم عاتق ومسؤولية إزالة هذه المخلفات والأنقاض وترميم فواصل الشوارع التي انتزع عنها طوب الأرض، فأصبحت جرداء تشكو لطوب الأرض، ولا أظن أن المسألة صعبة أو مستحيلة، بل على العكس، القيام بها يعني أن الثورة عند الثوار ليست رفضاً لحكم بائد أو تغييراً لمشهد سياسي فقط، لكنها رفض لحالة الفرجة والجمود والوقوف على رصيف المشاهدة وتغيير لمفاهيم ظلت للأسف سائدة وهي أن البلد دي هي بلد الحكومة، يكسر المواطن وتبني الحكومة!!.. يوسخ المواطن وتنظف الحكومة، يخرمج المواطن ويطبظ، وتبرمج الحكومة وتظبط!!.. وهو تفكير ومنطق لم يكن مقبولاً ولا أظنه يشبه المبادئ والشعارات التي رفعتها ثورة تدعو للتغيير الإيجابي الذي يعدل حال الحاضر المائل، ويصنع مستقبلاً أجمل وأنضر لا يمكن أن يتحقق طالما وضعنا اليد على الخد وانتظرنا أجهزة الحكومة تعمل والجميع يجلس على كراسي المشاهدة.
الدايرة أقوله إن إزالة الأنقاض ومخلفات المتاريس ودهن البيوت بجدرانها وأبوابها التي كتبت عليها شعارات الثورة، هو واحد من واجبات الشباب الثوار وهم يستطيعون أن يفعلوا ذلك، لأنهم يملكون الإرادة ويملكون السواعد ومن بينهم المهندس والنقاش والسمكري والنجار وقطاع عريض من المهنيين، فقط يحتاجون إلى التنسيق مع الجهات الرسمية لتوفر لهم معينات هذا العمل من دعم لوجستي يجعلهم يعيدون للشوارع عافيتها وبعضاً من بريقها الذي انطفأ، بل أتوقع أنهم ربما يجعلونها أفضل مما كانت عليه.
فيا شبابنا الثورة لم تنتهِ بالتوقيع على مسودة الدستور والاحتفالات في الشوارع وتبادل التهاني، الثورة يا دوب بدأت تحدياً للعقبات وتجاوزاً للإخفاقات وتحقيقاً لشعارات لا يمكن أن تتنزل إلى أرض الواقع، ما لم تمس الثورة دواخلنا ويشملها التغيير الحقيقي الذي يغير مسارات تاريخ الشعوب.
} كلمة عزيزة
ما لم نخرج وننعتق من قيود تخوين الآخر ومصادرة رأيه ومحاولات التخوين التي يحرص عليها البعض تجاه زملائهم، ما لم ننعتق من هذه القيود ونخرج من ذاك القمقم، لن تقوم لنا قائمة ولن تنفتح أمامنا بوابات الحياة طالما اغتيال الشخصيات أصبح عند كثيرين هواية، وطالما أن كل شخص منح لنفسه الحق في أن يوزع صكوك الغفران ويدعي أنه الأكثر وطنية والأكثر سمواً وشفافية، يا جماعة نحن أمام تحدٍ كبير لإعادة بناء (بلد متوك) ومصاب بلستة أمراض، فلا تزيدوا عليه الوجع ولا تزايدوا عليه، فيكفيه مزايدة أنه ظل سنين عدداً معروضاً في المزاد.
} كلمة أعز
الثورة ليست شعارات وهتافات فقط، الثورة عمل وبناء وعرق، والعرق ليس أغلى من دم الشهداء، فابذلوه حتى يبلغ البناء منتهاه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية