حوارات

المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين “أمجد فريد” في حوار الراهن مع (المجهر)

* الحُرية والتغيير وقعت في أخطاء كبيرة أبرزها ضعف التمثيل النسائي في لجان التفاوض

*سنتواصل مع القوى السياسية صاحبة النضال الكبير ضد النظام السابق ورافضة للاتفاق للوصول لحل لما تراه نقصاً في الاتفاق
* معيار الاختيار للمجلس السيادي وفقاً لتمثيل الأقاليم ـ ولا مانع أن تكون الشخصية السادسة ذات خلفية عسكرية
*نريد لجنة تحقيق وطنية مستقلة يكون لديها القدرة على توجيه الاتهامات، تحت إشراف دولي للتأكد من استقلال عملها
حوار: المهدي عبد الباري

بعد الاتفاق الذي توصل إليه طرفا التفاوض في السودان الحُرية والتغيير والمجلس العسكري برعاية أفروإثيوبية، برزت قوى سياسية وحركات مسلحة رفضت الاتفاق ووصفته بالثنائية، وقالت بعض المواقع والصحف الأجنبية إن أوان نجاح الثورة المضادة بات قريباً، وضعت (المجهر) هذه التساؤلات أمام المتحدث باسم تجمع المهنيين للإجابة عليها لمعرفة مآلات هذه الانتقادات وانعكاساتها على الاتفاق .

*الحركات المسلحة وبعض التكتلات رفضت الاتفاق بين قوى إعلان الحُرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي ووصفته بالثنائية، ما موقفكم من ذلك ؟
الاتفاق الذي تم بين الحُرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي تم بشكل سياسي مبدئي لم يكتمل بعد وما تزال تفاصيله تحت الصياغة والتوقيع وهنالك حركات سياسية سودانية ذات نصيب وافر من النضال ضد النظام السابق (المؤتمر الوطني) ولعبت دوراً كبيراً في إسقاطه من حقها أبداً رأيها السياسي في الاتفاق ونحن على تواصل معها ومنها جزء كبير موقع على إعلان الحُرية والتغيير يتم النقاش معها للتوصل لحلول لما تراه نقصاً في الاتفاق، وهذا الاتفاق هو ليس سدرة المنتهى للحركة النضالية الجماهيرية السودانية وإنما مجرد خطوة تحيط بها كثير من المخاوف والمطالب المشروعة والحرص على تنفيذها بالنضال السياسي هذا من جانب، هنالك قوى أخرى مثل تنسيقية القوى الوطنية التي تضم المؤتمر الوطني والتي وصفت الاتفاق بأنه ثنائي وهي أوصاف غير لائقة وهذه القوى غير متفهمة لطبيعة المرحلة في السودان والثورة والانتقال من النظام القديم إلى النظام الجديد للمستقبل، والمرحلة الانتقالية ليست مرحلة تنازع سياسي وصراع حول السُلطة ولكنها هي مرحلة لإعادة البناء لإصلاح ما أفسده حُكم الإسلاميين والمؤتمر الوطني لمدة (30) سنة بالفساد والاستبداد، الثورة فتحت صفحة جديدة في تاريخ السودان تبدأ بالمرحلة الانتقالية، والقفز للصراعات السياسية وتحويلها إلى معركة سياسية لاقتسام السُلطة أو الكيكة مثلما وصفها “البشير” قبل سقوطه هو أمر لا يليق بالثورة وتضحيات الشعب السوداني والشهداء، وعلى هذه القوى السياسية الرافضة أن تلتفت إلى محاولة إصلاح نفسها وتقديم برامج للشعب بدلاً من خلق الصراعات غير الإيجابية .
*ماذا أنتم فاعلون حال استمرت القوى المضادة للثورة في اجتراح الصراعات ونزلت الشارع بثورة مضادة ؟
المخاطر على الثورة السودانية هي مخاطر موجودة على الدوام من بقايا النظام السابق وكتائب الظل التي أشار إليها “علي عثمان” والمجموعات الموالية لـ”نافع علي نافع” داخل الأمن والموالين للمؤتمر الوطني المتقلقلين داخل الخدمة المدنية، لكن كل هذه المخاطر حائط الصد أمامها هو وعي الشعب السوداني والمكون العبقري من الشعب الذي خلق لجان المقاومة وهذا الوعي هو حائط الصد الأول أمام الثورة المضادة للانقضاض على مكتسبات الثورة السودانية، وهذه المكتسباب ليست بالسهلة والشعب السوداني بذل فيها النفيس بتمسكهم بوحدتهم وسلميتهم في مواجهة آلة العنف والقمع التابعة للمؤتمر الوطني وانتزعوا فيها حقوق أساسية لا يمكن التراجع عنها والمساومة بها ولا يمكن السماح لبقايا النظام السابق بتخريبها ونعول على وعي الشعب السوداني في ذلك، ونحن في هذه المرحلة مقبلون على مرحلة التأسيس والبناء لنظام ديمقراطي وسلام حقيقي ومن حق أي مواطن أو قوى سياسية أن يبدئ رأيه . وما سنقف ضده هو محاولة التشويه لهذه الممارسة الديمقراطية باستعمال أدوات غير ديمقراطية، ولكن غير ذلك من حق أي فئة سياسية أو حركات مسلحة أن تطرح ما تراه مناسباً للشعب السوداني، وأن ترفض أو تقبل ما يوافق هواها، ولكن الشعب السوداني توحد منذ ثورة ديسمبر في عمله من أجل الحُرية والسلام والعدالة، وأكد عليها عند مطالبته بسُلطة مدنية انتقالية تضع الأساس لديمقراطية مستدامة في السودان، والوعي الذي انتج هذه المطالب قادر على التصدي لأي ثورة مضادة .
*الفريق البرهان قال : نحن من يحمي الاتفاق برأيكم من الذي يحمي الاتفاق ؟
الشعب السوداني هو الذي يحمي الاتفاق، يحمي الاتفاق أرواح الشهداء وتضحياتهم، يحمي الاتفاق مؤسسات السُلطة المدنية، والسُلطة المدنية التي طالبنا بها تعني وجود حكم لمؤسسات الدولة المدنية، والسُلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية المستقلة ووجود نظام واضع للرقابة بين هذه المؤسسات وهذا هو الذي يحمي الاتفاق والقوات المسلحة واحدة من أجهزة الدولة السودانية وليست هي الدولة السودانية، والقوات المسلحة نفسها محتاجة لكثير من الإصلاح وإعادة الهيكلة من اجل استعادة دورها الوطني المقدر في حماية الوطن ومكتسباته، الدور الذي شهدناه بعد 6 أبريل والذي غاب بعد ذلك، ونحن محتاجون بدلاً من أن يكون هناك (حامد) ورفاقه يكون الجيش السوداني كله يبقى (حامد) .
*تكوين المجلس السيادي كيف سيتم اختيار شخصياته، هل بالتوافق أم بالتصويت ؟
قوى الحُرية والتغيير هي التي تختار الـ(5) مدنيين ومعيار اختيار هؤلاء الخمسة هو تمثيل الأقاليم المختلفة في السودان لأن خلال (30) سنة من حُكم الاستبداد والفساد من المؤتمر الوطني الذي لعب دورا بشعا في تمثيل الجريمة في المجتمع السوداني لدرجة أن السودانيين أصبحوا يفتدون الهوية الوطنية لذلك كان معيار الاختيار هو التمثيل للأقاليم لكي يرى كل سوداني نفسه ممثلا في مجلس السيادة كذلك من أجل انهاء قصة احتكار السُلطة لفئة أو إثنية معينة ومجلس السيادة يجب أن يكون ممثلاً لكل السودانيين بمختلف إثنياتهم ودياناتهم في السُلطة الانتقالية المدنية، وبعدها يترك الأمر لصناديق الاقتراع وأما العضو السادس فسيتم التوافق عليه بين العسكريين وقوى الحُرية والتغيير وهو شخصية مدنية . ومن المقترحات ايضا أن يكون ذات خلفية عسكرية، لم تتم حتى الآن مناقشة الأسماء، والمقترحات وليس لدينا مانع من أن تكون الشخصية السادسة ذات خلفية عسكرية مقبولة ولكنه ليس شرطاً ملزماً، وهنالك شخصيات ذات خلفيات عسكرية في قوى الحُرية والتغيير أمثال العميد “عبد العزيز خالد” و”كمال إسماعيل” رئيس حزب التحالف السوداني، وماهو مطروح هو وجود أغلبية مدنية في مجلس السيادة .
*كنتم قد طالبتهم بتكوين لجنة تحقيق مستقلة برعاية دولية أو إقليمية من الاتحاد الأفريقي، ومرة أخرى لجنة تحقيق وطنية من شخصيات مستقلة سودانيين هل ستضم محققين أجانب أم لا ؟
نحن لا نريد لجنة التحقيق في جريمة فض الاعتصام، وما حدث في الثالث من يونيو واليوم الثلاثين منه وكل الانتهاكات من بقايا النظام أن تكون لجنة أجنبية من الاتحاد الأوروبي أو غيره، ولكن ما ظللنا نطالب به لجنة تحقيق مستقلة تكشف الحقائق ويكون لديها القدرة على توجيه الاتهامات .
وما تم طرحه أن تكون تحت إشراف دولي، تم اختيار محكمة مفوضية السلام والأمن وحقوق الإنسان الأفريقية ببانجول للإشراف على لجنة التحقيق المستقلة الوطنية ولكنها لا تجري التحقيق، وإنما مناط بها التأكد من استقلالية عمل اللجنة وتكوين اللجنة خاضع للقانونيين، ومن المتفق عليه أن يكون لهذه اللجنة السُلطة المطلقة للتحقيق مع أي شخص لكشف الحقائق التي ارتكبت في حق الشعب السوداني منذ بداية النضال سواء في الأقاليم أو المركزي لتقديم مرتكبيها إلى العدالة .
* يرى البعض أن تجمع المهنيين والحُرية والتغيير باعت دم الشهداء بمجرد الاتفاق على الشراكة مع المجلس العسكري الذي كان مرفوضاً تماماً ؟
الحُرية والتغيير والتجمع مجرد وسيلة لمطالب الشعب السوداني ومطلب تحقيق العدالة في دم الشهداء مطلب أساسي لذلك تم الإصرار على لجنة التحقيق، وما هو مطروح هو الوصول إلى حل سياسي ينقل البلاد من معركة المواجهة إلى المجال السياسي، ونحن متفهمون أن معركة الثورة طويلة لم تنتهِ بعد وإنما انتقلت من مرحلة الثورة إلى المرحلة السياسية، وهذه المطالب ينبغي أن يعكف على حراستها الشعب السوداني وأن تكون لجان المقاومة في الأحياء شاهدة وحارسة عليها، والراعون الدوليون ليس هم الضامن الأساسي وإنما الضامن الأساسي هو الشعب السوداني نفسه، ولجان المقاومة ليست لمقاومة “البشير” ونظامه فقط وإنما مقاومة كل شيء لا تقبل به للشعب، والحُكم في ذلك هو الأيام والحُرية والتغيير والتجمع سيظل في مطالبته بتحقيق العدالة في دماء الشهداء، ولا يمكن أن نسمح لمناهج الحصانة والإفلات من العقاب أن تسود مرة أخرى لأن السودان أغلق هذه الصفحة وبدا صفحة جديدة ولا مكان للحصان والإفلات من العقاب في السودان الجديد .
*هناك تجمعات وتكتلات جديدة تقول إنها ولدت من رحم ميدان الثورة ظهرت بعد فض الاعتصام رفضت ما تم بينكم والمجلس العسكري وممارسة الإقصاء واحتضنتها قوى سياسية أخرى من بينها المؤتمر الوطني، هل لديكم تواصل معهم ؟
تجمع المهنيين منفتح للتواصل مع أي جهة سياسية أو اجتماعية في السودان وبالفعل تم عقد عدة اجتماعات ولقاءات مع جهات سياسية لم تكن جزءا من النظام السابق، ولكن المجموعات التي تقصدها هي كانت جزءاً من النظام السابق وليس لدى علم بتجمع شباب الثورة الميداني وتجمع الشباب الثوري، ولا استطيع الحديث عنهم ولكن أي مجموعة كانت مع النظام السابق بالتأكيد لن تكون جزءاً من معالجة آثار نظام المؤتمر الوطني التي خلقها على مدى (30) سنة.
هنالك حديث كثير عن الإقصاء من المحللين والمتابعين دون تحديد الإقصاء لمن بالضبط لأن تجمع المهنيين والحُرية والتغيير يسعى لجمع أوسع طيف من النسيج السوداني حتى أننا التقينا من مجموعات كانت مشاركة مع النظام عبر توقيع اتفاقيات السلام معه مثل “التجاني سيسي وموسى محمد أحمد” لأننا نريد تحقيق سلام شامل وإغلاق ملف الحرب في السودان للأبد وهذه المجموعات عبَّرت عن أنها لا تريد المشاركة في النظام السابق وإنما كانت تريد للقضايا التي تمثلها أن تنال حظها، وهذا تم الاتفاق عليه ولذلك عندما يتم الحديث عن الإقصاء يجب التحديد لمن الإقصاء لأن الثورة قامت لمعالجة ممارسات المؤتمر الوطني وآلات عنفه وقتله، وقوى الحُرية والتغيير تحالف عريض يضم أكثر من (80) حزباً وحركة مسلحة ومؤسسات نقابية ومنظمات مجتمع مدني، ويمثل غالب الطيف المعارض الذي ظل يناضل طوال فترة (30) سنة الماضية ضد نظام المجرم “عمر البشير”، ولجان المقاومة ليست تنظيمات هلامية كما يحاول البعض التسمية بها، وإنما هي ذات وجود حقيقي على الأرض ولديها اتصالات مع لجان التجمع في الميادين قد يكون بعضها لديه آراء وأطروحات مقبولة حول الاتفاق وهي آراء يتم نقاشها داخل تجمع المهنيين وقوى الحُرية والتغيير، التي تلتقي بهم بشكل راتب وقد يكون في محاولة من بعض الجهات لسرقة مكتسبات الثورة ومن حق أي زول في الشعب السودان أن يقول رأيه في الاتفاق سواء سلباً أو إيجاباً لتحقيق أهداف الثورة السودانية ولكن من غير الكريم محاولة سرقة اسم الآخرين .
*ماهي الأخطاء التي وقع فيها تجمع المهنيين والحُرية والتغيير في التفاوض مع المجلس ؟
أي جهد بشري قابل للخطأ وقوى الحُرية والتغيير وقعت في كثير من الأخطاء أبرزها ضعف التمثيل النسائي في لجان التفاوض والهياكل القيادية وهذا خطأ كبير وموروث ومتأصل في المؤسسة السودانية ينبغي معالجته، ولكن ما كان هنالك فترة كافية لذلك وتم النص على (40%) من مقاعد السُلطة التشريعية الانتقالية للنساء، لحل هذه الأزمة، وايضا هنالك اخطاء في إطالة زمن التفاوض مع المجلس والتجمع وقع في اخطاء اعتذر عنها علنا في منصات التواصل من خلال بياناته .
*هنالك صحف أجنبية أشارت إلى قرب نجاح الثورة المضادة بعد الاتفاق ؟
ما تقوله الصحف والمواقع الأجنبية عن نجاح الثورة المضادة يعود إليها ونحن نشيد بوعي الشعب السوداني الذي واجه كل آلات وأسلحة نظام “البشير” وماضون قدما في نحو سودان جديد ونحو تحقيق الأهداف التي خرج من أجلها الشعب السوداني على رأسهم الشهداء والجرحى ومنع أي جهود لثورة مضادة، ولا واهم يظن أنه سيحكم السودانيين على عكس إرادتهم ونؤمن بالشعب السوداني في حماية ثورته، فوق جبل أحد يسهرون عليها .
*”تراجي مصطفى” تقود حملة تجمع المهنيين لا يمثلني والحُرية والتغيير لا تمثل الشعب السوداني ؟
من حق أي سوداني التعبير عن رأيه لما يراه مناسبا وحُرية التعبير والعمل السياسي هو ما خرجنا من أجله وهو مكفول دوليا، الحُرية لنا وللجميع في التعبير عن الرأي سواء “تراجي مصطفى” أو غيرها من السودانيين، ونحن ضد أي أدوات للقمع والشعب السوداني هو من يختار من يمثله وسنظل ندافع عن حق أي سوداني وسودانية في التعبيير عن رأيهم السياسي مع أو ضد قوى إعلان الحُرية والتغيير .
*الحُرية والتغيير وتجمع المهنيين بعد مليونية 30 يونيو أصبحت تتعالى على الشعب ونفرت عنهم بعض القوى السياسية ؟
الحُرية والتغيير هي من رحم هذا الشعب السوداني ولا تملك أن تتعالى عليه وإنما هي معبر عنه فقط، وتتشرف الحُرية والتغيير بدعم الشعب لها وهو ما تستند عليه في عملها السياسي .
*”البرهان” قال إن للمجلس السيادي الفيتو في اختيار شخصيات مجلس الوزراء ؟
مجلس السيادة لديه سُلطات منصوص عليها وليس من صلاحياته الإشراف على السُلطة التنفيذية أو التدخل في شؤونها ومجلس الوزراء له كامل الصلاحيات في ممارسة سُلطاته التنفيذية . واختيار الشخصيات الحُرية والتغيير سترشح رئيس مجلس وزراء وسيعمل مشاوراته معها لتكوين فريقه التنفيذي وليس هنالك فيتو لأي جهة على رئيس الوزراء ومجلس السيادة يعتمد تعيين من اختارهم رئيس الوزراء وهذا هو الاتفاق حتى الآن.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية