عز الكلام

اللهم لك الحمد والشكر

أم وضاح

ظللت ولستة أشهر ماضيات، ومنذ بداية حراك الثورة السودانية القاصدة، ظللت أختم هذه الزاوية بدعاء (اللهم أحمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء)، لأنني كنت ولا زلت وسأظل مؤمنة ومقتنعة بأن بلادنا هذه لن تأتيها الضربة القاضية والقاتلة إلا من باب الخلاف وليس الاختلاف، لأن الخلاف غير الراشد والمندفع يؤدي في النهاية إلى طرق مختلفة نهاياتها غير معلومة وغير مفهومة، تشتت شمل الأمة وتقصم ظهرها وتفتح ثغرة لتدخل الأعداء والحاقدين والراصدين والذين يريدون أن ينهشوا لحمنا ويقتلوا أحلامنا في أن نصبح في مكاننا الطبيعي، أمة عظيمة تقود الآخرين والحمد لله الذي استمع لدعوانا ودعوات المخلصين المحبين لهذا التراب، ووفق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في اتفاق نأمل أن تخرج به البلاد من هذا المنعطف الخطير والامتحان الصعب، لتكون الثلاث سنوات القادمات هي سنوات ننظف بها الجرح الذي التهب وسبب للوطن السهر والحمى، وأن تكون الثلاث سنوات القادمات هي المطهر والمنظف لعفن الفساد ونفايات الظلم الذي أثقل ظهر شعبنا الصابر، وهي بالمناسبة ستكون أصعب ثلاث سنوات تمر على بلادنا، لأن المسؤولية عظيمة والآمال أعظم والشارع بعد كل التضحيات التي قدمها يرتفع سقف أشواقه إلى نتائج سريعة وعاجلة وملموسة ومحسوسة، والثلاث سنوات القادمات ينتظر فيها شعبنا أن تنمو شجرة العدالة التي رواها الشهداء بدمائهم الزكية، والثلاث سنوات القادمة ينتظر شعبنا أن تتفتح زهور المستقبل ويزورنا الصباح بعد ليل طويل دامس امتدت فيه أيادي الغدر وتسللت فيه أشباح الظلام، والثلاث سنوات القادمات ينتظر فيها شعبنا أن يتقدمه الأوفياء الخلص وليسوا السماسرة والوسطاء، وبالمناسبة للسلام سماسرة كما للحرب سماسرة ووسطاء، وهؤلاء مستعدون أن يحولوا المشهد السياسي برمته إلى سوق كبير ومزاد أكبر والغلبة فيه لمن يدفع وليس لمن هو أنفع، لذلك فإن هذا الشعب العظيم الذي صنع ثورة فارعة الطول وأوجدها من رحم الغيب، لم يثنه التخويف والترهيب ولا الترويع، ولم يكسر عزيمته أو يهد حيله قمع وتنكيل سيكون هو الضامن والمراقب لحكومة الثلاث سنوات، بل هو الوصي عليها، لأنه من دفع ثمنها وسدد فاتورتها الغالية.
الدايرة أقوله إن الاتفاق الذي تم أمس الأول، بين المجلس العسكري وقحت، هو اتفاق تاريخي يؤكد وطنية كلا الطرفين ويؤكد عزمهما على أن يجنبا البلاد شر الفتن وهول المحن لنمضي نحو الأمام بخطوات سريعة ونترك النظر إلى الخلف، لأنه يشعل نيران الضغائن ويصب الزيت على نيران الثأرات القديمة.
فألف مبرووك أبناء شعبنا على ما تحقق من اتفاق، وألف مبروك وضعنا لأقدامنا على بداية الطريق الصحيح، ولنبدأ أول حصص الوطن عملاً وإنتاجاً وحراكاً إيجابياً كل في مكانه، والشعوب العازمة على النهوض هي التي تتعب وتعمل وتكد وتجتهد لتصنع الحاضر والمستقبل، وليست تلك التي تنتظر أن تمطر لها السماء ذهباً وفضة.
} كلمة عزيزة
لو أنكم رأيتم أمس، دموع الرجال وزغاريد النساء وعناق الشباب، لأدركتم كم هو عظيم هذا الوطن، كم هم أهله رائعون.
} كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية