رأي

إلى متى والقوات المسلحة جسر لعبور الأحزاب للسلطة؟! (2/5)

د: حجازي إدريــــــس

أشرت في نهاية مقالتي السابقة (1/5) بأنني سأعرج سريعاً إلى حادثة الاتصال التاريخي الذي أفرز أول استيلاء عسكري على السلطة في السودان، وقد حدث ذلك عندما تيقّن “الأميرلاي عبد الله بك خليل” رحمه الله رئيس وزراء السودان في الفترة 1956ــ 1958م بأن التفاهمات بين الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي على وشك أن تنجح لتشكيل الحكومة واستبعاده من رئاسة الوزراء، اتصل بالفريق “عبود”(رحمه الله) لتنفيذ أول استيلاء عسكري على السلطة في السودان بتحريض مباشر من حزب الأمة وتأييد السيدين “عبد الرحمن المهدي” و”علي الميرغني” رحمهما الله في نوفمبر 1958م ، ومنذ ذلك الحين أصبح نهجاً سودانياَ كما ذكرت في مقالتي الفارئتة!.
إن الحراك الشبابي الذي تسبب في الإطاحة بحكم الإنقاذ بعد أكثر من ثلاثين عاماً بمشاركة جميع الأحزاب ما هو إلا (كلاكيت) أرجو أن يكون آخر مرة نستجدي من خلاله الإجابة عن السؤال الأزلي: إلى متى والقوات المسلحة السودانية جسر لعبور الأحزاب التي لم نحصد منها إلا العذاب؟.
فلتسمح لي عزيزي القارئ قبل الخوض في تفاصيل وحيثيات الإجابة أن أمارس نوعاً من تنشيط الذاكرة عن ماهية القوات المسلحة السودانية وتاريخها، فقد أنشئت الكلية الحربية كمدرسة حربية يوم 16 مايو 1905م في عهد الجنرال “ونجت” حاكم عام السودان حيث تخرجت الدفعة الأولى من الكلية الحربية في العام 1907م وكان قائدها في ذلك الوقت سيادة البكباشى أ.ح “المقبول الأمين الحاج” كأول قائد لمصنع الرجال وعرين الأبطال، وخلال هذه الفترة خرجت الكلية الحربية (34) دفعة حتى أغلقت أبوابها عام 1924م بمقتل “السير لي أستاك” حاكم عموم السودان في مصر، ومظاهرات عارمة من قبل الطلبة الحربيين ضد المستعمر الإنجليزي نتج عنها محاكمة الطلاب عسكرياً.
ومنذ ذلك التاريخ توالت الأحداث ما بين افتتاح المدرسة الحربية مرة أخرى عام 1938 وانتقالها بعد عامين إلى أم درمان حتى تم إغلاقها من جديد، والجدير ذكره أنه قد تم سودنة الكلية الحربية -إن جاز التعبير- في العام 1954م وتولى البكباشى “الطاهر بك العبد” قيادة الكلية الحربية ليتحول مع فجر الاستقلال قسم الولاء لقادة المستقبل من عبارة ولاء التاج البريطاني إلى قسم نص بحماية تراب الوطن ودستور السودان ثم بدأت الكلية الحربية تتطور مع تطور قواتنا المسلحة تحت قيادة أبناء هذا الوطن الذين وضعوا الغاية.
فهل كان في مضامين الغاية أن يتحول تراكم الخبرات وكل هذه المراحل الانتقالية لقواتنا المسلحة إلى ما يشبه السجادة الحمراء لعبور من لا همّ لهم سوى الجلوس على كرسي الحكم بعيداً عن الغاية الأسمى لرفعة الوطن؟
في الحلقة القادمة من سلسلة هذه المقالات سوف أجيب.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية