رئيس تجمع المهنيين دكتور محمد يوسف المصطفى في حوار مع المجهر السياسي 2 من 2
* الثورة مستمرة و الخائن يطلع برة !
* الثورة لم تنطلق بقرار من قوى الحرية والتغيير ولا من تجمع المهنيين، الشعب من أطلق الثورة
*الاعتراض على عوض بن عوف كان بسبب أنه وزير الدفاع ،وعمر زين العابدين وجلال الدين الشيخ والطيب بابكر لقربهم من البشير .
* درجة توحد الشعب التي حققتها هذه الثورة لم تحدث في ثورة أكتوبر ولا في انتفاضة أبريل ولا في الاستقلال
حوار / سوسن يس
رهن رئيس تجمع المهنيين دكتور “محمد يوسف المصطفى” قبول قوى التغيير والحرية بالجلوس مع المجلس العسكري على طاولة واحدة للتفاوض بتبرئة الأخير لساحته من جريمة فض الاعتصام بالقوة وقتل المئات من الشباب المعتصمين أمام القيادة العامة عشية 29 رمضان، محملاً العسكري مسؤولية ارتكاب الجريمة وقال:(المفاوضات كانت للمشاركة لنتشارك ونشتغل مع بعضنا في الفترة الانتقالية لكن الآن الوضع إختلف وإذا هم لم يبرئوا ساحتهم من هذه الجريمة الشنيعة ما في زول ممكن يشتغل معاهم شراكة .. من الصعب أن نتفاوض معهم .. أتفاوض ليه مع مجرم كيف ؟!! ) و دعا دكتور “محمد يوسف” المجلس العسكري إلى تحمل مسؤوليته كاملة وتقديم مرتكبي الجريمة إلى العدالة وتحكيم صوت العقل وتسليم السلطة للمدنيين لتجنيب البلاد المزيد من الجراح والآلام وقال: إن الثورة مستمرة، معلقاً على ما انتهت إليه بعد ليلة فض الاعتصام بقوله (رب العالمين كاتب أنها تمشي بالطريقة دي وحتمشي بمشيئة رب العالمين لا بمشيئة الكيزان) ودعا الشعب السوداني والقوى الثورية إلى الاستمرار وتشديد نضالهم الثوري من أجل استكمال المهمة الثورية كاملة غير منقوصة.
إلى مضابط الحوار :
# بالمناسبة هل “البشير” سقط بالفعل أم تنحى باختياره ؟
– ( لا من ناحية إنه سقط فهو سقط ) .. نحن كنا متابعين وعارفين أنه كان هناك صراع منذ زمن و”البشير” كان عبئاً على النظام لأنه كان محاصراً دولياً وكان مركزاً لعمليات فساد فهو لم يظهر أي نوع من الجدية والحزم في محاربة الفساد وهذا بالنسبة لهم كان مشكلة كبيرة.. (وهو أيضاً ما كان بيشاورهم ، كان يكون حكومته بالطريقة التي يريدها وحكوماته كلها فاشلة وبالتالي هو كان بالنسبة لهم مشكلة وكانوا يريدون أن يتخلصوا منه) .. فلذلك سقوطه كان يعني سقوط صيغة كاملة من صيغ الاستبداد . فالشعب من حقه أن يفرح لأنه هو من قام بهذا الإنجاز (الجيش كان قاعد وما قدر يعمل الحكاية دي ما قدر يشيل “البشير” .. و الأمن ما قدر يشيل “البشير” ، المؤتمر الوطني بكل كوادره لم يقدر على إزاحة “البشير” ، من قدر على ذلك هو الشعب بمظاهراته وبالمواجهات وبالتضحيات الجسام التي قدمها، فمن حقه أن يفرح . لكن بعد الفرحة الشعب كان واعياً تماماً وانتبه بعدما تمت مخاطبته من تجمع المهنيين، انتبه إلى أنه فعلاً الثورة ما اكتملت والهدف ليس هو “البشير” فقط و(أننا لازم نمشي أكتر) ، ولذلك أسقط “ابن عوف” .
# لكن يا دكتور هل هناك فرق بين مجلس “ابن عوف” و مجلس “برهان” ؟ هناك من يرى أنه لا فرق بين المجلسين .. فماذا يرى تجمع المهنيين .. ؟
— شكلياً ، “ابن عوف” وزير معروف و قائد للجيش ورئيس هيئة أركان حكومة “البشير” .. أما “برهان” (فأنا المتابع دا أول مرة أسمع بيهو)، دعك من الجمهور و من أفراد الشعب .. الشعب السوداني لا يعرف “برهان” ونحن اعتراضنا على “ابن عوف” كان بسبب أنه وزير دفاع “البشير” .
# لكن اللافت في المشهد كان نقطة ترشيح “ابن عوف” لـ”برهان” .. فبعدما قلتم لم تسقط بعد وهتفتم وهتف معكم الناس ( لم تسقط بعد وتسقط تاني)، ما حدث هو أن “ابن عوف” تنحّى وجاء هو بـ”برهان” .. وهذا يعني أن “برهان” و “ابن عوف” سيان ، فإذا كان “ابن عوف” ضد الثورة فهو بالتأكيد لن يرشح للمجلس العسكري شخصاً مؤيداً للثورة والعكس صحيح.. ألا ترون ذلك ؟
— صحيح .. صحيح . لكن لغاية ذلك الوقت أنا لم تكن لديّ معلومات .
لكن نحن قلنا إنه واضح أن الشعب قادر على أن يفرض إرادته حتى ولو( واحدة واحدة شوية شوية) .. وبعد “ابن عوف” الناس اكتشفوا أن بالمجلس العسكري ثلاثة لهم علاقة قوية جداً بـ”البشير” والناس قالوا (إلا يشيلوهم وفعلاً شالوهم برّة وهكذا .. فنحن كنا عايزين نشتغل معاهم بالطريقة دي لكن شوية شوية اتضح لينا إنو ديل ذاتهم جزء من النظام القديم فقلنا ما دام هم بيتعاونوا ، يعني هم شالوا لينا “ابن عوف” تاني شالوا لينا الثلاثي المرح “عمر زين العابدين” و “جلال الدين” بتاع الأمن ومين كدا “بابكر” بتاع الشرطة الشعبية فالأمور بتمشي قلنا ) ..
# منو هم البيشيلوا و يختوا ديل يا دكتور .. في الثورة ما ممكن يجي زول يقول لي أنا بشيل ليك وإلا فدي ما حتكون ثورة ! الثورة بتقتلع اقتلاعاً ..
— ( أيوة صحيح .. ما خلاص عرفنا وفرضنا عليهم ذلك) .. هل هم قاموا بذلك بإرادتهم ؟ نحن فرضنا عليهم ذلك، فرضناه بالشارع .
# هناك التفاف حدث على الثورة وروح الثوار تراخت بعدما أسقطوا “البشير” و(شالوا ليهم “ابن عوف” وشالوا ليهم الثلاثي المرح) ، شعروا بأنهم أنجزوا فتراخت عزيمتهم وبدلاً عن أن يواصلوا بذات الوتيرة التي بدأت بها الثورة حتى اقتلاع النظام ، … ؟
— مقاطعاً : نعم صحيح .
ثم مستدركاً : لكن توازن القوى ما كان سيسمح لأنهم حتى ذلك الوقت كان عندهم السلاح . (يعني كانوا حيتمترسوا بالسلاح ويكونوا ماسكين القيادة العامة .. نحن هل عندنا سلاح نجتاح القيادة العامة ونقلعها منهم ؟ ما عندنا ) .
# النتائج ربما كانت ستكون مختلفة عما هي عليه الآن إذا حافظت الثورة على ذات الوتيرة التي انطلقت بها حتى النهاية وإذا لم تلتفت لسقوط “البشير” أو لسقوط غيره من الأشخاص .. ؟
–.. الظروف ما كلها في يدك أنت . ما بتتحكم فيها زي تحكمك في تجربة في غرفة (بتاعة) معمل بتكب الحاجات بوزنة و درجة الحرارة تتحكم فيها . الأشياء بتحصل مستقلة عنك وأنت بتحاول في خضم تفاعل الأحداث أن تتصرف التصرف المناسب .
# أيضاً واحد من أخطائكم أنكم أهملتم مسألة لمّ الشمل و تماسك صوت الثوار .. أصوات الثوار كانت مشتتة ومنقسمة وكانت هناك هتافات ساعدت على عدم تماسك الثوار.. مثل هتاف ( كل كوز ندوسو دوس) هذا الهتاف كان من الهتافات التي أضرت بالثورة، وهناك من يرى أن جهاز أمن نظام “البشير” هو من صنع هذا الهتاف وبثه في أوساط الثوار للإضرار بوحدة الثوار وجمع الكيزان ووضعهم في مواجهة الثورة .. أنتم كجهة مديرة للحراك لو تنبهتم لذلك ووجهتم الثوار لرفض هذا الهتاف منذ وقت مبكر لحافظتم على تماسك صوت الثوار وكنتم ستنجحون في المحافظة على تأييد الكيزان للثورة ووقوفهم معها أو تحييدهم على الأقل .. لكن حدثت معمعة وحدثت انقسامات والناس أهدروا وقتاً كبيراً في تجريم بعضهم وتوعد الكيزان و و ؟
– لا .
– أولاً ومثلما قلت لك، هذه الثورة عندما انطلقت لم تكن بقرار من قوى الحرية والتغيير ولا بقرار من المهنيين . الثورة كانت من الشعب، تجمع المهنيين كل ما كان يفعله أنه (كان بينظم يقول والله يا جماعة يكون في موكب الليلة ينطلق من الحتة الفلانية).. ربما يكون حديثك صحيحاً (ناس الأمن عشان يوحّدوا الكيزان يجيبوا هتاف زي دا) لكن لا تنسي أن الشعب السوداني بأغلبيته الساحقة عنده غبن شديد وغضب تجاه الكيزان ( فإنتِ ما بتقدري تقولي إنو جايبنو ناس الأمن .. صحيح ناس الأمن ممكن يستخدموه) لكن
هذا الهتاف تعبير حقيقي وتعبير دقيق عن درجة الغبن و الغضب والكراهية التي يشعر بها الشعب تجاه الكيزان لأن الكيزان أذاقوه الأمرين.
# نعم ولكنه كان هتافاً مضرّاً بالثورة وأنتم كجهة مديرة للحراك لو تنبهتم لذلك ووجهتم الثوار لرفضه منذ وقت مبكر لحافظتم على تماسك صوت الثوار وكنتم ستنجحون في المحافظة على تأييد الكيزان ووقوفهم مع الثورة ناس الإصلاح الآن والمؤتمر الشعبي وغيرهم أو تحييدهم على الأقل ..؟.
– كون أن يقفوا في موقف الحياد أو يؤيدوا الثورة فهذا شأن يخصهم .. وهم تأكدوا تماماً من أن الثورة ماضية و أنها إذا وصلت لنهايتها فستتم محاسبتهم منذ لحظة 30 يونيو وليس منذ اليوم الذي خرج فيه “غازي” أو الشعبي من المؤتمر الوطني فسواء الشعبي أو الإصلاح الآن (عندهم جرائمهم وعندهم ثراؤهم العملوه في ذلك الوقت).. فحديثهم عن أن: (من يقولون كل كوز ندوسو دوس اقصائيون ونحن كان ممكن نقيف معاكم و و و) أفتكر أن هذا كلمة حق أريد بها باطل.. وكان من الممكن هم أنفسهم أن يقولوا فعلاً كل كوز ندوسو دوس، بمعنى يا جماعة أنا كوز تعالوا قدموني للمحكمة وإذا وجدتم عليّ شيئاً اقطعوا رقبتي، مثلما يقول “مبارك الكودة” في تغريداته. فهذا الشعار التلقائي ما عملوه ناس التغيير ولا الشيوعيون زي ما هم بيقولوا، هذا شعار شعبي يعبّر عن شعب غاضب ومغبون ، فبالتالي أنت كان عليك أن تقول والله استجابة لإرادة الشعب أنا أفتكر أي كوز …
# مقاطعة : أي كوز نقدمه لمحاكمة .. بدلاً عن أن ندوسو دوس . لو كنتم صححتم الهتاف ونبهتم الثوار لرفض عبارة ندوسو دوس، لأن الشعب في لحظة الثورة كان مشتّت و
– مقاطعاً : ( والله الشعب ما مشتّت. الوحدة الأنا شفتها في هذه الثورة.. ) يا “سوسن” أنا حضرت أكتوبر كنت في المدرسة الوسطى آنذاك، وحضرت الانتفاضة كنت أستاذاً هنا في جامعة الخرطوم .. درجة توحد الشعب التي حدثت في هذه الثورة لم تحدث لا في أكتوبر ولا في انتفاضة أبريل ولا في الاستقلال حتى، بحسب قراءاتي.
طبعاً عندما نتكلم عن وحدة الشعب لا نتحدث عن وحدة بنسبة مئة بالمئة ولكن نتكلم عن الأغلبية الساحقة بمعنى أن البقية أقلية. الكيزان جزء من الشعب لكنهم أقلية ضعيفة ومعزولة، والدليل على ذلك أن هذه الشوارع امتلأت وكلها كانت تهتف كل كوز ندوسو دوس. والدليل الآخر أنهم فشلوا في أن يخرجوا موكباً واحداً يدافعون به عن أنفسهم ويقولون (لا الكيزان كويسين).. فشلوا وما قدروا واختفوا من الشوارع نهائياً .
# الكيزان اشتغلوا ضد الثورة و تآمروا عليها ؟
– بعد داك طبعاً ، وهذا نهج عندهم، الكيزان كذابين وواحد من الأشياء التي أغضبت عليهم الشعب أنهم يكذبون على الشعب، في أول يوم عملوا فيه الانقلاب بدأوا بكذبة وواصلوا نهج الكذب حتى آخر يوم، وبالتالي لا يمكن أن نثق فيهم. (حتى لما يجوا يقولوا لينا نحن معاكم ممكن تكون كذبة.. البيمنع شنو؟ دا النهج بتاعهم ).
# الكيزان ربما يكونون أضروا بالثورة وتآمروا عليها و نجحوا في إحباطها لكن المؤسف أنكم لم تقدروا على مسايرة نهجهم .. ؟
— مقاطعاً بسرعة : لا لا لا نحن لن نسايرهم في
# مقاطعة : أنا أعني لم تقدروا على مسايرة نهجهم بالحكمة والحنكة السياسية.. (لست بالخب ولا الخب يخدعني) أنتم انخدعتكم للكيزان وهم نجحوا في إحباط الثورة .. وهتاف ( كل كوز ندوسو دوس) لم يفد الثورة و لكنه أضرّ بها .. من الحنكة السياسية كان رفض هذا الهتاف والانتباه لضرره وتصحيحه وأن تقولوا ما كل كوز ندوسو دوس ولكن كل كوز نقدمه للمحاكمة أو كل كوز ندوسو بالقانون .
– هذا قلناه في بياناتنا .
– الناس بتعمل هذه الهتافات بصورة تلقائية.. هذه ذهنية شعبوية.
# نعم ولكنّكم كمديرين للحراك كان عليكم الانتباه لتأثير الهتافات وتصحيح الأخطاء فيها، لو انتبهتم لخطأ هذا الهتاف ربما كنتم حافظتم على تماسك صوت الثوار والمحافظة على تأييد الكيزان وهذه الجهة التي صنعت هذا الهتاف المضرّ، جهاز الأمن أو الكيزان كنتم ستلقمونها حجراً .. ؟
— ( نحن ما مهتمين بيهم، قلت ليك نحن ما مهتمين بيهم يزعلوا يطرشقوا.. نحن مهتمين بالعدالة وبتأسيس نهج عدم الظلم . لكن كون أن يزعلوا و يكوركوا أو يجعروا …
# مقاطعة : من أجل إنجاح الثورة لازم (تهتموا بيهم) و تهتموا بهذا الأمر.. وإلا فسينجحون في إفشال الثورة و إحباطها والتآمر عليها أو سيؤخرونها على الأقل .. ؟
— ( لا ما بيأخروها . رب العالمين كاتب أنها تمشي بالطريقة دي وحتمشي بمشيئة رب العالمين لا بمشيئتهم هم) .
# الآن ما الذي سيحدث بخصوص عودة التفاوض .. هل ستعاودون الجلوس مع المجلس العسكري قريباً أم ما الذي سيحدث ؟
— والله شوفي .. المجلس العسكري هذا ارتكب موبقة من الموبقات، غير الكلام الكثير الذي قلناه عنه وتحفظاتنا عليه وطبيعة ارتباطاته، فهو ارتكب موبقة هي المجزرة لشباب ما كان يحلم سوى بتغيير في البلد من أجل السلام والحرية والعدالة، قتلوا المئات بدون ذنب وما زالوا يتسترون على ذلك .. فإذا لم يتحملوا مسؤوليتهم كاملة ويقدموا من فعلوا ذلك لمحاكمة عادلة فمن الصعب أن نتفاوض معهم بروح الشراكة. المفاوضات كانت للمشاركة لنتشارك معهم ونشتغل مع بعضنا في الفترة الانتقالية، لكن الآن الوضع اختلف. فإذا هم لم يبرئوا ساحتهم من هذه الجريمة الشنيعة (ما في شخص ممكن يشتغل معاهم شراكة .. من الصعب أن نتفاوض معهم .. أتفاوض لي مع مجرم كيف ؟! ) .
# ما موقف الثورة الآن .. هل هي مستمرة أم متوقفة أم .. ؟
— الثورة مستمرة والخائن يطلع برة .
# في ختام هذا الحوار إذا طلبنا منك أن توجه رسالتين ستوجههما لمن وماذا ستقول فيهما؟
— أولاً للشعب السوداني وللقوى الثورية، أن يستمروا ويشدّدوا نضالهم الثوري من أجل استكمال المهمة الثورية كاملة من غير نقصان حتى ينالوا المبتغى .
و الرسالة الأخرى للمجلس العسكري أن يعقلوا ويحكّموا صوت العقل والحكمة ليجنّبوا البلد المزيد من الجراح والمزيد من الآلام، بأن يسلموا السلطة كاملة غير منقوصة للمدنيين ممثلين للثوار ولممثلهم الشرعي و الوحيد قوى التغيير والحرية.