مجرد سؤال

جنون الأسعار!!!

رقية أبو شوك‬

‫‫تشهد الأسواق هذه الأيام ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار مختلف السلع الأساسية والاستهلاكية المعاشية التي يحتاجها المواطن بشكل يومي، بعد أن أسقط من قاموسه السلع الكمالية، بل وحتى الضرورية صنفها إلى سلع ذات الأولوية ثم الأقل ثم الأقل وهكذا، فالسوق يستطيع أن يبتلع بكل مافي الجيوب من أموال وبالتالي يصبح المواطن قاب قوسين أو أدنى من الجنون، لأن الذي يحدث بالأسواق يؤدي إلى الجنون بل يؤدي إلى أكثر من ذلك. ‬
‫فالأسواق تعاني عدم الرقابة، فالسلع ترتفع في الرفوف، والخضروات والفاكهة ترتفع بشكل يومي في ترابيز العرض، يضعون قائمة الأسعار بمزاجهم فمثلاً كيلو الطماطم قفز إلى (60) جنيهاً وكيس الشعيرية من (15) جنيهاً إلى (30) جنيهاً وارتفعت أيضاً أسعار اللحوم بشقيها الحمراء والبيضاء. ‬
‫وأنا اتجول بالأسواق لشراء بعض الاحتياجات الأسرية، تألمتُ جداً لإحدى الأخوات وهي تسأل عن سعر كيلو الطماطم؟ وكانت الإجابة بأن سعر الكيلو من الطماطم (60) جنيهاً وهنا أبدت الأخت دهشتها ووقفت، ولكن لا محالة من الشراء لأنها تريد أن تشتري الطماطم ولربما لحاجتها الماسة، وهنا قالت (أديني بعشرة جنيه) .. وكان الرد من صاحب المحل (اسي اديك كيف بعشرة جنيه؟) غادرت المحل بصمت ولكن صاحب المحل ناداها لأنه تألم لحالها .. ناداها وأعطاها قطعتين من الطماطم أي سعر القطعة الواحدة (5) جنيهات‬.
‫هذا هو الواقع المرير الذي يسود أسواقنا حالياً. ‬
‫أيضاً إذا ذهبت لتشتري دواءً من إحدي الصيدليات قد تشاهد الكثيرين يحجمون عن شراء الأدوية بعد أن يتعرف على أسعارها ليترك مريضه بين الموت والحياة، وقد يبيع أهل المريض أعظم ما يملكون كالمسكن مثلاً من أجل العلاج ولكن عندما يحجم عن الشراء تأكد تماماً بأنه لا يملك ما يبيعه.‬
‫فالأزمة الاقتصادية التي تمر بالبلاد قد رمت بظلالها على كل شئ .. نعم هنالك انفراج نسبي في أزمة السيولة ولكنها لم تحل الحل الجذري، مما أقعد الكثير من القطاعات الإنتاجية والتي تعتمد من بعد الله سبحانه وتعالى على التمويل .. أزمة استمرت قرابة العامين، فشلت كل المعالجات لأن الثقة انعدمت ما بين المصارف والعملاء، وذلك لكون العملاء لا يجدون ما يطلبونه من أموالهم، باتوا يخزنون أموالهم بالمنازل والمكاتب والسيارات رغم الخطورة .. ففقدان الثقة هذا من شأنه أن يفاقم من أزمة السيولة حتى وإن تم طباعة المزيد من الأوراق النقدية الكبيرة، فما لم تتم إعادة بناء الثقة لن تحل الأزمة. ‬
‫الآن تم إصدار العُملة فئة الألف جنيه وقبلها كانت فئات (100،200،500).. نعم هذه الفئات تم تداولها ولكنها في المقابل لم تحل المشكلة ليبقى السؤال إلى متى تستمر الأزمة؟‬
‫فعلى الجهات المختصة ضرورة وضع معالجات جذرية فلتكن أولها تطمين المواطنين بأن أموالهم ستكون رهن إشارتهم متى ما طلبوا ذلك مع تنبيههم أيضاً بخطورة التخزين، والذي يعرض أموالهم للسرقة ولربما أشياء أخرى من شأنها أن تؤدي إلى أن يفقدوا أموالهم .. فالفئات الكبيرة سهلة الحمل والتخزين وستخرج من المصارف أو الصرافات الآلية ولن ترجع مرة أخرى إلا بإعادة الثقة التي ظلت مفقودة وأدت إلى تفاقم مشكلة السيولة وأدت أيضاً إلى ظهور سوالب في الاقتصاد السوداني لم تعرف طريقها له إلا بعد ظهور هذه الأزمة مثل ظاهرة (الكاش والشيك)، سعران لكل واحد، فقد يضطر الذي يريد الكاش أن يتنازل عن نسبة كبيرة منه مقابل أن يسد حاجته بعد أن يقدم شيكاً معتمداً لصاحب الكاش وهكذا. ‬
‫نتمنى أن تتم معالجة كل هذه الظواهر السالبة وقبل ذلك لابد من وضع ضوابط وسياسات ورقابة مشددة على الأسواق .. نعم ننتهج سياسة التحرير ولكنها لا تعني الفوضى.‬

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية