رأي

فنجان الصباح..

أحمد عبد الوهاب

في بريد قوى الحرية..مع التحية !!

الثورة بدون فكر قطع طريق) قالها الرئيس “ياسر عرفات” ذات مرة، ونرسلها اليوم في بريد الحرية والتغيير، هل يسمعني ثوار ما كان يعرف بقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، وهم يهددون بتصعيد جديد؟. أم أنهم مصممون بالأصل لعدم سماع أي رأي آخر .. ومجبولون على عدم اﻻستجابة لأي صوت مخالف .. حتى لو كان ناصحاً شفيقاً أو نذيراً بين يدي خطر داهم وعدو غاشم ، يبعثون هذه الأيام بدعوات منكرة لمسيرات ليلية. ولمواكب هتافية فقدت سلميتها وفارقته (فراق الطريفي لجملو).يوم دفعت الأبرياء نحو موت عبثي وأسلمت مرضى الأزمة والربو والقلب والأطفال الخدج للقتل بدم بارد . لم تختف ألسنة النيران التي أشعلها الثوار بين يدي عيد سعيد ..لم تجف بعد دماء الشهيد حتى رأينا أوﻻد المصارين البيض في الحرية والتغيير يدعون لمحرقة جديدة، معرضين بالدخان وبالبمبان أطفالاً ونساء وعجزة للموت اختناقاً. ويزداد الأمر سوءاً حينما يبنوا في كل شارع وزقاق متاريس من شأنها أن تكمل الناقصة وعراقيل تجهز على كل مريض بالربو بالموت الزؤام.. وعلى كل رضيع باﻻختناق بدخان الإطارات وعلى كل حامل وعجوز بالهﻻك الناجم من الرماد المسرطن والحراك المشوطن. وتترافق وقتها الدعوات للإضراب بإرهاب يطال الأطباء ويهدد الصيادلة ويجعل من سيارات الإسعاف هدفاً مشروعاً.. لكأنما لبعض ثوار آخر الزمان ثأر مع الشعب .. فأعجب لمن يرى الدكتاتور يتركه ويستهدف الشعب الصبور ويصب جام غضبه على المواطن البائس الفقير. إن قوى الحرية والتغيير لم تعِ الدرس بعد ولم تتعلم من أخطائها القاتلة وقراراتها التي تخاصم الحكمة وخطواتها التي تجانب الصواب. ولو أن عدواً للحرية والتغيير قصد حربها وتعمد ضربها وسعى لأذيتها لما وسعه أن يضرها بأكثر مما فعلته لنفسها وجلبته من اصطفاف ضدها والشارع يراها تسقط في الميدان وتفشل على الطاولة و تضيع فرص الحل. ثم ترتكب الإعدام عمداً وهي تتعاطى الحرام قصداً عندما تحاول مجدداً جعل عذابات الشعب رافعة ثورية تحقق بها ما لم تحققه بشهرين من اﻻعتصام. وأسبوعين من العصيان. وكأنما صار الشعب لقوى الحرية والتغيير مثلما كان بالنسبة لـ”البشير” هو الصيد السهل والحائط القصير.. فقد كان الشعب بالنسبة للطاغية بالضرائب وبالجباية وزيادات الأسعار مجرد بقرة حلوب.. وها هو اليوم في عهد ثوار آخر الزمان مجرد طعم ﻻصطياد سمكة السلطة. ومجرد (شرك) ﻻقتناص المجلس العسكري لكي يسلمهم هذا البلد الهامل على طبق من ذهب. أين عقﻻء بﻻدنا لعقلنة هذا الحراك قبل أن يدمر نفسه ويدمر الآخرين. أين دهاقنة القوانين أين فقهاء الدستور؟ ..لتجريم أي عمل فوضوي .وإدانة كل دعوات للتخريب ودعايات من شأنها أن تعطل دوﻻب العمل وتعرقل حياة الناس. أين الأطباء ونطاسي السودان لشرح مخاطر هذا الدخان الأسود المسرطن الكريه المنبعث من إطارات قديمة محروقة تقابلها طرقات متروسة وشوارع مغلقة وخدمات إسعاف ممنوعة. وأدوية ﻻ يمكن الوصول إليها.. في أي دين مجيد وفي أي معتقد كريم وأي عرف وقانون.. يجوّز أن تصيب شعباً بالمرض ثم تمنعه من العﻻج أو تمنع العﻻج عنه.. وقديماً تساءل شاعر الحقيبة في زمان الثوار العاشقين سؤاﻻً مماثﻻً إذ يقول : لي في الحب مسائل يا قاضي الغرام.. ليه يحل سقامي وطبي يكون حرام..؟.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية