شهادتي لله

فليفعلها (نداء السودان) .. بلا سلحفائية

من الصعوبة بمكان ، إن لم تكن استحالة ، أن تتفق كل الأحزاب والحركات والتجمعات المهنية المكونة لتحالف قوى الحرية والتغيير على وثيقة دستورية واحدة ، وبرنامج عمل واحد ، ثم تتفق على عدد وأسماء أعضاء مجلسي السيادة والوزراء وعضوية البرلمان .
لا يمكن أن يحدث ذلك ولو انتظرناهم عاماً كاملاً ، وأنتم ترون الآن خلافات الحزب الشيوعي والناصريين والبعثيين مع حزبي الأمة القومي والمؤتمر السوداني ، واتهامهم لقيادتي الحزبين الأخيرين بالهرولة نحو السلطة بالتقارب مع المجلس العسكري .
في رأيي ، ليس بالضرورة أن توافق (كل) قوى الثورة على (كل) تفاصيل المرحلة الانتقالية ، لأن الزمن يمر بسرعة ، والبلد في حالة فراغ دستوري ، بلا رأس دولة متفق عليه وبلا حكومة وبلا برلمان ، وقد مر نحو شهر على سقوط النظام السابق .
فلتمض قوى (نداء السودان) قُدماً في خطوات الاتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي بتشكيل حكومة كفاءات من منتمين وغير منتمين لأحزاب الثورة ، لأنه يبدو أن قيادات (نداء السودان) هم الأكثر مرونة وموضوعية وواقعية في التعامل مع الواقع السياسي الماثل أمامنا بكل تعقيداته السياسية والأمنية .
مطالب المكتب السياسي للحزب الشيوعي فيها الكثير من الغلواء والتطرف ، ومع احترامي وتقديري لقيادات تاريخية عقلانية في الحزب الشيوعي مثل “صديق يوسف” و”صالح محمود” ، إلا أن المواقف التي تصدر عن الحزب لا تتسق مع حكمة جيل عرك السياسة وعركته عقوداً طويلة ، قضى جلها في مواجهة الأنظمة العسكرية ما بين سجن ومطاردة .
غير أن قوى (نداء السودان) نفسها تعاني من خلافات بين قيادتي الداخل والخارج ، فقد صدر أمس بيان من الأمين العام للنداء “مني أركو مناوي” شن فيه هجوماً لاذعاً على جميع مكونات قوى الحرية والعدالة ووصفها بالهمجية ، ما يشير إلى تذمر حركات دارفور من سلوك حلفائها في قوى الحرية والتغيير.
ومثلما يتصف الشيوعيون وشركاؤهم في قوى الإجماع الوطني بالجمود ورفض كل مقترح للتقارب وحل الأزمة ، فإن أحزاب الأمة القومي والمؤتمر السوداني والبعث السوداني وبقية أحزاب النداء تبدو سلحفائية ومترددة ، فقد أجاب السيد “عمر الدقير” أمس على سؤال الزميلة “لينا يعقوب” في قناة (الحدث) حول الأسماء المقترحة لمجلسي السيادة والوزراء ، بأنهم (لم يصلوا بعد مرحلة الأسماء) !!
شهر بعد الإطاحة بالنظام وأربعة شهور عمر الثورة ، ولم يصلوا بعد لمرحلة الأسماء !! فمتى تصلون أخي “عمر الدقير” ؟!
أنتم أحزاب حاكمة الآن .. أو في طريقكم للحكم ، والوضع مختلف عما كان في المعارضة ، لأن الحاكم لديه التزامات آنية وعاجلة تجاه شعبه ، ولابد من تقديم الحلول ، بخلاف الحال في معارضة ورشة العمل و(طق الحنك) وإصدار البيانات .
أسرعوا .. فإن الوقت كالسيف .. إن لم تقطعه .. قطعك .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية