.. من المثير جداً أن لا زال الإخوة في الحزب الشيوعي وبعض من أهل اليسار يطالبون بأربع سنوات للفترة الانتقالية التي تتسارع خطى الجميع الآن لتبدأ وتنقل هذه الثورة الشبابية العظيمة إلى مرحلة جديدة تعيد للبلاد استقرارها وهدؤها.. ولعل القاصي والداني والمهتم وغير المهتم حتى بمجريات الأحداث الراهنة قد علم الآن بسر هذا الإصرار الكبير من هذه القوى على الأربع سنوات حتى تلك المذيعة العربية التي قالت وعلى الهواء بأنها عاجزة عن فهم منطق تطالب فيه قوى التغيير الثورية السودانية بأربع سنوات للفترة الانتقالية في حين يصر الجيش على إبقائها فقط لمدة عامين باعتبارها الفترة الأنسب بالنظر لقصر فترة العام قياساً بتجربة انتفاضة أبريل .. وقد تكون مبررات الحزب الشيوعي و قوى اليسار في تجمع المهنيين في شكلها مقبولة للبعض من حيث الحاجة لفترة كافية للتطهير و(كنس آثار الإنقاذ) و(الكيزان) كما يحلو لهذه القوى إلا أن هذا الأمر يجب أن لا يكون مقبولاً البتة لأصحاب العقول الكبيرة في هذه القوى اليسارية، وكذا في من يملكون بينهم نفوساً أيضاً كبيرة.. فالعقل هنا تستدعيه فكرة أن يدخل هذا الحزب الشيوعي العريق تحديداً في مرحلة عصف فكري – مفاهيمي وهي مرحلة تأخر عنها كثيراً منذ أن انقلب عليه -ومنذ فترة طويلة- المشهد رأساً على عقب وهو الفعل الذي كان سيخرج الحزب وبشجاعة من مأزقه التاريخي الحاضر بحيرته حتى الآن والمكبل لا زال لمستقبله القادم، فالشجاعة وحدها وعبر مواجهة الذات و(جلدها جلد مبرح) هي فقط التي يمكن أن تخرج هذا الكيان (العجوز) من حيرته ولا سبيل لذلك إلا عبر شباب يحملون عقولاً شباباً وشيوخاً لهم نفوس عالية تتصدى لمراجعة موقفه الآيدولوجي التاريخي برمته وتتلمس وفق ذلك خطوطاً جديدة لممسكات أفكاره الحديثة المطلوب الإمساك بها سريعاً لمقابلة متطلبات المرحلة المقبلة وهي حاجة تتعارض الآن مع الدعوة لأن تكون الفترة الانتقالية القادمة طويلة ولمدة أربع سنوات إذ أن حاجة هذا الحزب تحديداً لبناء نفسه وإعادة صياغة موقفه، أكبر من حاجته لتفكيك الآخرين والرمي بهم في البحر.. أليس كذلك يا السهل الممتنع “الشفيع خضر” والوقور الصبور “كمال الجزولي” والرائع المغادرالذي نحبه “عبدالله علي ابراهيم” .. ؟؟!! .. أين أنتم من هذه (الهرجلة) .. ؟؟!!