رأي

فوبيا (الكيزان)

عمار سليمان

· أحدثت الإطاحة برأس نظام الكيزان، حالة من الاضطراب المجتمعي، الذي استبشر به السواد الأعظم من السودانيين والسودانيات باعتباره بارقة أمل في إعادة الأمور إلى نصابها والمياه إلى مجاريها، وودع كثير من الذين كانوا يعانون رهاباً اجتماعيا ًمن هؤلاء الكيزان خوفهم ليعودوا أصحاء. لكن في المقابل مثّل الحدث الأضخم في تاريخنا الحديث صفعة في جبين كل (كوز) كان يؤيد أن ينفرد أخوانه في التنظيم بتقرير مصير هذه الأمة، دون مراعاة لآخرـ وإن سجد بين الركن والمقام ـ فهم السودانيون وحدهم، وهم أيضا وحدهم (المسلمون)، هكذا ـ باطلاً ـ يعتقدون.
· قطعاً كان وقع (الصدمة) على الكيزان مؤلماً للدرجة التي تضعهم أمام معاناة مع (الخوف) الذي يسيطر على بعضهم ويتحول إلى (فوبيا) ورهاب اجتماعي.
· وحيث يدخل الشعور بالخوف ضمن سلسلة المشاعر التي تَعتري الإنسان في مختلف فتراته العمرية، كالفرح والحزن والدهشة وغيرها، لكن المبالغة في الشعور بالخوف من أشياء معينة يتحول إلى مرض نفسي مزمن يطلق عليه “الفوبيا” أو “الرهاب”، ولعل خوف (الكيزان) من (الثوار) تجاوز الحد الطبيعي ليدخل في حيز (المرض).
· و”الفوبيا” علمياً هي خوف مرضي متواصل من أشياء أو نشاطات أو مواقف معينة، فور حدوثها أو حتى مجرد التفكير فيها، ما يترك المريض في حالة من الضجر والضيق بسبب الخوف غير المنطقي الذي يشعر به… وبما أن الجميع في السودان يوقنون بفظاعة وبشاعة ما اجترحته أيادى (الكيزان) و ألسنتهم خلال الأعوام الثلاثين الماضية فإن كثيراً من أسر الشهداء وضحايا التعذيب والظلم والاستبداد الفكري والسياسي والاستعلاء والتمكين ذاقوا (ويلات) من يد (الكيزان) الباطشة إلى أن أصابتهم “فوبيا” من الدولة نفسها، التي تحولت إلى آلة في يد (النظام).
· وترتبط تلك “الفوبيا”، وفق البروفيسور “يورجن مارجراف”، أستاذ علم النفس في جامعة “بوخوم” الألمانية، بمواقف سابقة حدثت مع الشخص المصاب بها، جعلته يهاب المواقف المشابهة، مثل أن يخاف من حيوان بعينه كان قد تسبب له بالأذى في وقت سابق، ومن ثم يظل حريصاً وحذراً منه، ويتحول ذلك الحرص إلى “فوبيا” مرضية.
· ومن أعراض “الرهاب” النفسية، الخوف الدائم من مواقف وأماكن عادية بالنسبة للشخص السليم، وعدم قدرة المريض على التفكير في أي شيء باستثناء خوفه الشديد وقلقه الدائم من تعرضه للموقف الذي يثير خوفه أو تواجده في مكان يخيفه، ورغبته الدائمة في الفرار من الموقف أو المكان الذي يخيفه.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية