كتبت إحداهن تستفسر عن كيف ترد على زوجها الذي يرغب في تسمية مولودهما الذي أشرف على الخروج إلى الدنيا على اسم والده إن كان ذكراً، فيما ترغب هي في تسميته على والدها المتوفى، تخليداً لذكراه لافتة إلى تعنت زوجها فيما صمّم عليه وهي كذلك. كما اشتكت أخرى أن زوجها وأهله يتشددون في ضرورة تسمية ابنتهم حديثة الولادة باسم والدته المتوفاة، لكنها تمانع بذات الشدة كون الاسم (دقة قديمة) ولا يتناسب البتة مع الأسماء العصرية التي تعج بها دفاتر شهادات الميلاد، ما خلق جفوة قد تفضي إلى خصام ومشاكل بين كل الأطراف المتنازعة على اسم حفيدة العائلة.
قد يبدو الموضوع في ظاهره بسيطاً ولا يستدعي النقاش حوله لكن العكس هو الصحيح؛ فهذه القضية تعدّ بمثابة قنبلة قد تنفجر مخلفة دوياً وعاصفة قوية ربما تؤدي لكوارث مجتمعية، وفي الغالب الأعم تنتهي بالطلاق وأكاد أجزم أن في خاطر كل منكم قصة بالخصوص.
مسألة اختيار اسم المولود مسألة مصيرية تعتمد على مدى تفهم واتفاق الطرفين؛ فبعض الرجال بعقليات رجعية يستوقفهم الاسم كثيراً وبتحريض بعض الأهل يصر على ما اختارته الأسرة، وهنا إما أن (تشتري الزوجة دماغها) وترضخ لما رغبت فيه أسرة زوجها، أو فالويل والثبور لها إن قالت (بغم) وحدثتني قريبة لي ذات دردشة بالخصوص وكم كانت لطيفة في سردها التلقائي، إنها وفي كل ولاداتها للذكور لا تعرف ما انتوى عليه الزوج ما تسميته، اللهم إلا بعد أن يؤذّن له في أذنه ويرفع فأسأله (سميتو منو؟) وبعد أن أكمل أسماء ثلاثة من أهله وقتها تمكنت من فرصة تسمية والدي. هكذا تتنازل الكثيرات من باب سد الذرائع، أو ربما احتراماً لرغبته ورغبة أهله في تمنيهم بتخليد ذكرى عزيز لديهم أو ربما تيمّناً.
بيد أن الأسر العصرية الآن تجاوزت هذه المحطات سيما آباء هذا الجيل وجدود الوسط فتنحى هؤلاء وأفسحوا المجال لأولادهم لاختيار ما يروق لمواليدهم. حيث يعكف الأخيرون على دراسة قواميس الأسماء الحديثة التي ما أنزل الله بها من سلطان، بل أصبحت توصية أطفالهم وصغارهم هي التي تجد حظوة القبول.
عموماً لا تتأثر أسماء الأولاد كثيراً بالسيل القادم منها وهي وإن كثرت لا ترقى لذاك الكم المهول من أسماء البنات اللاتي أتت ببعضها الثقافات الواردة للحد الذي دفع بعض الفتيات من تغيير أسمائهن بما يواكب الحاضر، وحتى لا يصبحن نشازاً بين قريناتهن بالجامعات والمجتمع ككل. ومن عجب يستجيب الوالدان ويعمدان إلى ذبح عقيقة مجدداً وتغيير الاسم (طيب ما كان من الأول). وللحق فإن هذه معادلة صعبة فمن جهة قد تتسبب تسمية إحداهن -حتى على نطاق أسماء أخواتها بالأسرة دعك من المجتمع- في حالة نفسية لها ما يضطر لتغييره لاحقاً، وبالمقابل قد يتسبب في جرح صاحب الاسم المنتزع إن كان على قيد الحياة أو لذويه بما فيهم الوالدان.. لكنها مراعاة فروق الأسماء. لذا فمن الأفضل أن تتحرى لجنة اختيار اسم المولود أو الفرد بالأسرة وتتوخى الدقة وأخذ كل الاعتبارات والمآلات المحتملة، تفادياً للكثير.
إذاً وكما أسلفت فإن الاسم قضية مهمة ينبغي التريث والتعامل معها بالحكمة.