حوارات

الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار “عبد المحمود أبو” في حوار فوق العادة مع (المجهر)

*التظاهرات الحالية من الأساليب التي يمكن تصنيفها في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

*شخصياً خضعت للمحاكمة بقانون النظام العام، وحقوق الإنسان مهدرة في كل الدول الإسلامية والعربية.
*يجب تدريب منفذي القانون على تحمل الأذى وعدم الاستجابة للاستفزاز وإخضاع تطبيق القانون للمشاعر.
*التكفير عرض من أعراض المجتمع الذي أحيط بالاستبداد ـ وغاب عنه التفكير الحُر ومنهج الاجتهاد.

دعا الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار، “عبد المحمود أبو”، إلى ضرورة إلغاء قانون النظام العام الذي شرعته الحكومة، لجهة امتهانه لكرامة الإنسان، وقال “أبو” أنا شخصياً حوكمت به في خطبة عيد، وتساءل لا أعلم أي خدش عام أحدثته تلك الخطبة، وفي السياق ذاته انتقد “أبو” عدم مراعاة تطبيق حقوق الإنسان في الدول العربية والإسلامية، وحذر بعض أئمة المساجد والوعاظ من تكفير الناس وإطلاق القول على عواهنه، مشيراً إلى أن التكفير حكم شرعي ينبغي أن يصدر من جهة مكلفة فضلاً عن ارتدادها إلى قائلها، وقال “أبو” في حوار مع (المجهر): إن الخروج على الحاكم لا ينطبق على المتظاهرين..
فإلى مضابط الحوار..
حوار – وليد النور

{ ما مدى موائمة تطبيق حقوق الإنسان في الدول الإسلامية وهل تتعارض بعضها مع قوانين الشريعة الإسلامية ؟
طبعاً حقوق الإنسان مهدرة في كل الدول الإسلامية.
{كيف؟
لأن الإنسان ليس هو المحور الذي تدور حوله القوانين، وإنما جعلته الدول سلعة وإذا لم تتغير هذه النظرة والعمل بالمنهج الإسلامي الذي يجعل الإنسان هو الأساس، وينبغي أن تصبح كل القوانين لصيانة هذه الكرامة، ولكن بكل أسف الدول الإسلامية تنتهك كرامة الإنسان باسم القانون، والإسلام منهم براء. ولابد أن تتسق الدساتير والقوانين وممارسات الأجهزة نفسها يجب أن تدرب أفرادها وتوضح لهم أن السُلطة التي منحت لهم لم يأخذوها بخبراتهم وطاقتهم وإنما بالقانون، ويجب أن يتعلم لا يدخل مشاعره في تطبيق القانون، فمثلاً إطلاق الرصاص على المتظاهرين والغاز المسيل للدموع داخل المساجد والمستشفيات بحجة الاستفزاز يجب أن يتدربوا على تحمل الأذى وأن لا يستجيب للاستفزاز والتعامل مع المجتمع وحرمة المساجد والمنازل ومن بيده السُلطة ويتجاوز يجب أن تطبق عليه العقوبات الرادعة حتى نحميهم من أنفسهم لأنهم خدام للناس وليسوا مسيطرين عليهم.

{ ما رأيك في البيانات التي تحرم التظاهرات وتعتبرها خروجاً على الحاكم ؟
هنالك قاعدة فقهية تقول إن الحُكم على الشيء فرع من تصوره، قضية الخروج على الحاكم كانت في مرحلة سابقة، وكان خروجا مسلحا وفيه سفك للدماء وانتشار للفتنة، بيد أن التظاهرات الحالية تعتبر من الأساليب يمكن تصنيفها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لاختلاف الأزمنة وتطورها فكان في السابق الحكام يحتكون بالناس وفي المساجد، ولكن الآن الحاكم معزول بطبيعة عمله التي تقتضي ذلك، ولو اتبع الطريقة القديمة سيعطل دولاب العمل في الدولة بل الآن توجد مؤسسات تساعد الحاكم الذي يحكم عبر الدستور والقانون في دول المؤسسات وهذا في لفظ الخروج على الحاكم لا ينطبق على المتظاهرين أو الحراك المدني الذي يقوم به الناس الآن اعتراضاً على سياسات أضرت بمصالحهم، والشريعة تتطلب منك جمع النصوص مع بعض لاتخاذ القرار السليم لأن الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتطلب الدعوة إلى الأخذ بيد الظالم وإسداء النصح.
{ ما تعليقك على وصف المتظاهرات بصفات غير لائقة من بعض السياسيين ؟
أولاً ليس صحيحاً أن المتظاهرين الذين خرجوا هم ساقطون، كما جاء في بعض التصريحات كما ذكرت أنت بل العكس هم عقلاء، ويدركون أنهم يواجهون بعنف لفظي أو بدني ومحاكمة وربما القتل ورغم ذلك خرجوا للتعبير عن رأيهم، فبالتالي هم قاموا بواجبهم اتجاه وطنهم وهذه مبادئ يجب أن يطالب بها الجميع والذين يطالبون بحقوقهم لا يمكن وصفهم بذلك، وعلى مطلقي الألفاظ مراجعة أنفسهم وربما خرجت تصريحاتهم في لحظة غضب.
ونحن لاحظنا خلال الحراك الذي استمر لثلاثة أشهر أن العنف جاء من قبل الدولة وليس من المحتجين الذين لم يمارسوا العنف.
{كثرت ظاهرة التكفير في فضاء الشوارع من قبل الدعاة وبعض أئمة المساجد ؟
قضية التكفير وما يتبعها من غلو وتطرف وإرهاب سعي لقتل المخالف، هذه كلها قضايا في الواقع لا علاقة لها بالإسلام، بل تعود للشخص المٌكفر,
{كيف ؟
أولا التكفير في الشريعة الإسلامية حكم شرعي, وله ترتيبات معينة, وعندما تريد إصدار حكم شرعي يجب أن تتبع خطوات محددة، ثانيا يصدرها الشخص المكلف بها وعليه أن يتحقق من عدم وجود موانع, وتحقق الثقة حتى يصدر الحُكم الشرعي ولذلك لا يجوز (للواعظ) أو (المرشد) أو (إمام مسجد) إطلاق الإحكام على عواهنها بهذه الطريقة فضلاً عن أنها خطأ, وهي تؤلب المجتمع وتجعل الذي يسمعها يعتقد أنها صحيحة فهذه الأحكام خاطئة من الناحية الشرعية والحكمية لأن الإسلام وضع قاعدة أن لا إكراه في الدين، ويقول المحققون من الفقهاء أن لا ليست لا النهي وإنما لا النفي لأن العقيدة لا يمكن أن تقوم على الإكراه بل على الفهم والرضى.
{ هل يصح استخدام الظنيات في هكذا أمور؟
يقول علماء الأصول إن العقائد لا تثبت بالظنيات وإنما بالأحكام القطعية والتكفير الذي سألت عنه أصبح ظاهرة وأنا شخصياً شاهدت كثيراً من أولئك عندما تطرح عليهم بعض الأسئلة يجيبون بتهكم على السائل وعلى المتهم بمخالفة منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعتبر ظاهرة التكفير عرضاً من أعراض المجتمع الذي أحاط به الاستبداد زمناً طويلاً وغاب فيه التفكير الحُر ومنهج الاجتهاد، وعندما تغيب هذه الأشياء يطلق أمثال هؤلاء هكذا أحاديث لأن القرآن أمر ونهي، وهنا لابد من التنبيه للذي يلقي كلمة الكفر على أخيه المسلم، لأنها تذهب الكلمة للشخص إن وجدته كافراً وقعت عليه، وإن وجدته مسلماً عادت إلى مطلقها.
{هنالك دعاة جُدد يستخدمون لغة الجيل الجديد في نشر الدعوة، ولكن وصلت بأحد هؤلاء التهكم حتى على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التطاول على السابقين والعلماء منهج غير صحيح والإنسان في منهج الدعوة ينبغي أن يركز في إيصال الدعوة الصحيحة للناس والتحذير من المظاهر المنحرفة, ولكن الحديث في الأشخاص منهج غير إسلامي خاصة إذا كان الشخص هو رجل من العلماء ناهيك عن الحديث عن الصحابة والرسول صلى لله عليه وسلم,
{أفتى مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم السنوسي” بأن شهادة المرأة تعادل شهادة الرجل ؟
صحيح أن العلماء تحدثوا عن الآية تختص بالشؤون المالية، خاصة وهي أمر الناس إلى تسجيل المعاملات في حالة الدين حتى لا يدخلوا في صراع أو نزاع، والغرض هو توجيه إرشادي لعدم الدخول في نزاع وهو كتابة المعاملة عبر شهود من الذين ترضون شهادتهم وهذا الأمر إرشاد لحفظ الأموال ولأن حدث تطورات وظهرت وثائق والأمر لا يحتاج إلى هذه الزوبعة, ولا علاقة لها بتفضيل المرأة على الرجل وإنما هي علاقة أهل الخبرة في هذا المجال، وإذا تطورت الحياة، الناس يتحينون الفرصة للنساء فإن مفهوم الآية لا ينطبق عليها وهو نهاية الآية من ترضو دي مفهوم الآية لا ينطبق عليهن بهذه الطريقة.
صحيح بعض الفقهاء عمموا هذه الآية على كل شهادات المرأة وهذا ليس صحيحاً فمثلاً قضايا النفاس والبلوغ والوضع هذه تقدم فيها شهادة المرأة على الرجل لأنها مباشرة له.
{ قضية مواصفات لبس المرأة، أخذت حيزاً كبيراً، وظلت من الأمور التي تعرض الفتيات للمضايقة، كيف ترى طريقة معالجة الأمر ما بين الحُرية الشخصية والفوضى؟
مافي شك أن جيل اليوم لا يتشكل عقله بالتربية في المنزل فقط لأنه لا يستقي معلوماته من القرآن والسُنة وحدهما وإنما هنالك وسائل كثيرة تشكل عقل الإنسان المعاصر وأصبحت المعلومات متدفقة وأهمها وسائل التواصل الاجتماعي, ونحن في واقع وعصر مختلف ومجتمع مختلف لابد أن يخاطب بلغة تناسب الجيل الجديد بل نحن مطالبون في كافة وسائلنا التربوية والإعلامية والتربوية أن نرتقي للمستوى لمخاطبة الجيل بعصره.
{ قضية ارتداء الزي والمظهر العام؟
أما قضية الزي وما شابه ذلك في الدولة الحديثة تسمى النظام العام.
{قانون النظام العام ؟
لا اعني محاكم وقانون النظام العام في السودان لأنه يمتهن كرامة الإنسان وأنا شخصيا حوكمت بقانون النظام في خطبة من خطب الأعياد, ولا اعرف ما هو الخدش العام الذي سببته خطبة عيد، ولكن النظام العام المقصود هي القيم والأعراف والمصالح التي تعارف عليها في المجتمع وأصبحت قضايا مقدسة ينبغي أن تحترم قضية الزي هي من القضايا الخاصة والإسلام كان واضحا في احترام ذلك (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)) وقوله تعالى (قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ) والتوجيه القصد منه حماية المرأة.
إلى آخر الآية مثل هذه الأشياء لا تضبط بالقوانين لأن آخر الدواء الكي بالنار، والقوانين ينبغي أن توجه ويحاسب بها كبار المفسدين الذين يعتدون على المال العام ويستخدمون نفوذهم للكسب وهؤلاء هم الذين خرجوا وينبغي أن يحاكموا , أمام الشباب يمكن إرشادهم لأن هذه مهمة الدعاة والتربويين وليست مهمة الحُكام ورجل الشرطة , لأن السلوك لا يضبط بالقانون وإنما يضبط بالتوجيه والإرشاد وتعريف الشخص بمصلحته لكن ما يمارس الآن يحتاج إلى مراجعة جذرية يحفظ لأن كرامة الإنسان نحن لا ندعو فقط لا تعاقب النساء بل يلغى ويترك للمجتمع ممارسة توجيهاته بحرية وبأسلوب تربوي فيه محنة ومعزة وليست عقوبات تمنح لأشخاص هم أولى بأن يضبطوا لأننا سمعنا تصريحات من مسؤولين حتى على مستوى التشريع تخالف الذوق العام وتهدد سلامة وأمن المجتمع وتماسك الدولة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية