أمين جماعة أنصار السنة المحمدية يتحدث لـ(المجهر السياسي) :
كلما اقترب موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يقفز هاجس احتمالات الاحتكاك بين منسوبين لـ (جماعة أنصار السنة المحمدية) و(الصوفية)، مع أن كلا الطرفين لم يُعهد في دعوته اللجوء إلى الوسائل العنيفة.. ولم يحدث على نطاق واسع أن مثَّل موسم العيد هاجساً بمثل ما يحدث منذ العام الماضي.. ومن جهة أخرى فإن الصوفية باتوا يشعرون بالغبن بسبب اعتداءت وقعت على أضرحة بعض شيوخهم، ومؤخراً بسبب أحداث المولد.
(المجهر) جلست إلى أمين جماعة أنصار السنة المحمدية بولاية الخرطوم اللواء (م) دكتور “حامد عبد اللطيف نقد الله”، لتستجلي منه الكثير من الحقائق، فإلى مضابط الحوار:
{ عرفت جماعة أنصار السنة باستخدام وسائل سلمية لإيصال دعوتها.. لكن نسب البعض تصرفات عنيفة إلى بعض أفرادها في مواسم دينية مثل (المولد النبوي)؟
– لم نلجأ إلى العنف على الإطلاق حتى الآن، ولم نستخدم أيدينا أو أي أسلوب من أساليب التعامل مع الأحداث بعنف، ومنذ قيام دعوتنا عرفت بأنها تدعو بالحكمة وبالتي هي أحسن.
{ وكيف تفسر حوادث العنف في الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
– نحن غير مسؤولين عن كل الأحداث التي ترونها في الاحتفال بالمولد النبوي، سواء في العام الماضي أو في غيره، وحتى أننا لا نتهم الطرف الثاني.. نحن لا نتهم الصوفية، بل نرى أن من يقوم بهذه الأعمال جهة تريد الوقيعة بيننا والصوفية، وذلك لأن علاقتنا جيدة، ليس في احتفال المولد فقط بل تمتد إلى الحياة الاجتماعية والمناسبات وغيرها، بالإضافة لذلك فنحن والصوفية يجمعنا الإسلام.
{ ولكن يُنسب إلى البعض منكم إحراق أضرحة الصوفية؟
– هذا مجرد اتهام، والاتهام في حده لا يعني أن من فعل ذلك هم أنصار السنة، وهنالك جهات تقوم بالتحقيق ومسؤوليتها أن تتوصل إلى معرفة من المعتدي، ومن ارتكب مثل هذا الفعل، ونحن في جماعة أنصار السنة لدينا في كل ولاية الخرطوم دراية بأي حدث يقوم بفعله أي منتمٍ لأنصار السنة.. ونعرف ذلك فوراً.
{ ما هي نقاط الاختلاف بينكم والصوفية؟
– نحن بالتأكيد لا يوجد بيننا والصوفية صراع أو ما شابه، إنما هنالك اختلاف بيننا في بعض مسائل العقيدة والعبادات وكذا، وهذه يتم تبيينها، وجماعة أنصار السنة من خلال تاريخها الطويل والمعروف كانت تحدث بينها والصوفية مناظرات ولقاءات في وسائل الإعلام المختلفة، وكل طرف يبين حججه عبر إيراد الكتب والأدلة وخلافها، ومثل هذه المسائل يفترض أن يتم التعامل فيها وفقاً لمنهج الجلوس والمجادلة وإيراد الأدلة من الكتب وغيرها، لا يوجد صراع حقيقة بيننا والصوفية.
{ قلت إنكم تعلمون بتجاوز أو تفلتات أي من عضويتكم، فهل لديكم آلية محاسبة؟
– لم يثبت حتى الآن أن واحداً من منتسبي جماعة أنصار السنة تفلت خلال الفترة الماضية.. ومن خلال متابعتنا للأحداث منذ بدايتها لم نجد أحداً متفلتاً سواء قام بالاعتداء أو فعل شيئاً آخر، ولو حدث مثل ذلك من أي عضو من الجماعة، فنحن لدينا وسائلنا التي من خلالها نحاسب.
{ هنالك من يقول إن التشدد هو المتتسب في انشقاقات جماعة أنصار السنة.. هل ذلك صحيح؟
– نحن لا نقول إنها انشقاقات، بل ناس لديهم آراء ويرون أنهم لا يستطيعون العمل مع الجماعة في الدعوة، ويقررون عمل منابر خاصة لهم، وبالفعل هؤلاء ذهبوا في ذلك الاتجاه، وما زال بيننا وبينهم تعاون، ولا يرقى الأمر إلى حد وصفه بـ (مفاصلة) أو (انشقاق) بالمعنى المعروف.
{ هل حدث ما حدث لدوافع سياسية؟
– الناس تختلف في وجهات النظر بطبيعة الحال، وفي تفسيراتهم للعمل، وذلك يحدث حتى في العمل الإداري، والاختلاف يحدث في العمل الشرعي والعمل الإداري، ومن يرى أنه لا يستطيع العمل مع الجماعة يذهب ويعمل له جماعة أو دعوة وكذا.
{ بعض القيادات الصوفية اتهمت أحد الولاة بأنه يحابي جماعة أنصار السنة التي ينتمي إليها على حساب الطوائف والفرق الأخرى؟
– أنا لم أطلع على مثل هذه الوقائع وبالتالي لا استطيع أن أفيدكم حولها.
{ البعض يقول إنكم تعملون على فرض منهجكم بأي شكل من الأشكال مع أن غالبية المجتمع السوداني صوفية؟
– كلامنا كله مستمد من الكتاب والسنة، ونحن نأتي بأدلتنا من الكتاب والسنة ومن ثم نقدمها للناس سواء في التعليم أو في الصحة أو كل مناحي الحياة، والقرآن والسنة بينا ذلك، ومن خلال سياستنا مع المجتمع وحاجة الناس نحن نرى بعض الرؤى ونقدمها، وبعدها يقبلها الناس أو لا يقبلونها فهذا شيء يخصهم هم، ثم إن الدولة نفسها تسير في الطريق الصحيح الطريق السني وتقبل.
{ ولماذا وضع خيام الجماعة داخل أماكن المولد الذي يحتفل فيه الصوفية؟
– نحن أولاً نعتبر المولد منبراً من منابر الدعوة، مثله ومثل المسجد أو حلقات الأسواق، ونحن نذهب إلى أماكن عديدة لم يذهب إليها الآخرون، لأننا نرى ضرورة إيصال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح معتقدات الناس وعباداتهم، وفي نفس الوقت إصلاح الأخلاق، هذه كلها أهداف نسعى لتحقيقها، والمولد يعتبر منبراً من منابر الدعوة، لذلك نحن نذهب إلى ساحاته ونقوم باستخراج التصاديق اللازمة من السلطات المختصة.
{ الصوفية يقولون إن تواجدكم بساحات المولد هو خطأ في حد ذاته.. ماذا تقولون؟
– هذه وجهة نظر نحن لا نخضع لها، لأننا نرى ضرورة وجودنا ومشاركتنا في هذه الساحات، والسلطات هي من تقرر أمر مشاركتنا من عدمه.
{ لماذا هذا الإصرار الشديد منكم على المشاركة في ساحات المولد؟
– من أجل تقديم الدعوة إلى الناس.
{ مقاطعة: على الرغم من احتمال الصدام بينكم والصوفية؟
– نحن إن شاء الله سنشارك، وإن شاء الله لن يحدث صدام، وهذه مجرد أقاويل، ولا أعتقد أن ما يقال يمكن أن يحدث.
{ هل وقعتم ميثاق شرف مع الصوفية تجنباً لحدوث أية صدامات محتملة؟
– لا يوجد مثل هذا الميثاق.. لم نوقع على ميثاق.
{ ماهي المبادرات الواضحة والعملية التي يمكن أن تقدموها للصوفية حتى لا تحدث مشاكل؟
– نحن مبادراتنا وأفكارنا مستمرة، وما زالت منذ العام الماضي. ومنذ حدوث هذه المشكلة جلسنا مع الصوفية وهم قدموا إلينا في مركزنا العام، وبينا لهم أن ما بيننا عامر، وليس مسألة المولد وحدها.. فعلاقتنا بالصوفية طيبة وتمتد لكل مناحي الحياة.. وقلنا لهم ذلك وضربنا لهم العديد من الأمثلة، وقال لهم الرئيس العام دكتور “إسماعيل” إننا مستعدون للحديث في خيامكم وبالمقابل تتحدثون في خيامنا، وأقول لإخواننا الصوفية نحن وأنتم في هذا البلد، وكلنا شركاء وتهمنا مصلحة الإسلام والعباد والبلاد، فإذا ما حدث نزاع أو صدام بيننا فإن ذلك لا يخدم الإسلام بل يخدم أعداءه الذين يريدون لنا النزاع والفرقة، وهذا الأمر يؤخر الدعوة الإسلامية والسودان.
{ ماهي حقيقة رؤيتكم للاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟
– النبي صلي الله عليه وسلم لم يحتفل بالمولد، وكذلك الصحابة من بعده والأئمة وغيرهم، والاحتفال بالمولد حدث في زمن (الفاطميين) بمصر، ولو كان النبي (ص) وصحابته احتفلوا به لكان ذلك عملاً مشروعاً ويمكن للناس أن يذهبوا فيه، ولكن طالما وجدت هذه الساحة، فنحن إن شاء الله سنتحدث فيها ونبين فيها الصواب والخطأ، وعلى المسلمين أن يرجعوا لدينهم، ولحديث النبي (ص) وأفعاله.
{ توجد اتهامات لجماعتكم بأنها تبني مساجد في بقاع التصوف من خلال التمويل الذي تتلقاه من دول خليجية.. هل ذلك صحيح؟
– حقيقة نحن لم نتلقَّ تمويلاً بمعنى تمويل، بل يوجد محسنون يريدون بناء مساجد، وهؤلاء سودانيون ومنهم غير سودانيين يتبرعون لبناء المساجد، ومن أجل الأعمال الخيرية والإغاثات وغيرها من الأعمال الخيرية، ونحن نتعاون مع هذه الجهات، ونقوم بفعل ما يرغبون به بهذه الأموال، سواء كانت مساجد أو إفطارات صائم أو أضاحي أو غيرها، ونحن نشارك في هذا كل المنظمات سواء من السودان أو من الخارج، ونحن نبني المساجد في أي مكان، حتى أن جهات صوفية لديها قطع أرض وتطلب منا بناءها، وحينما يأتي تمويل نقوم بتسليمهم هذه الأموال، وبالمقابل لا نقول لهم هذا مسجدنا.
{ هل ما زلتم تعتقدون إن الحكومة الحالية تطبق الشريعة الإسلامية؟
– الدولة الآن في السودان سبق وأن أعلنت أنها تريد تطبيق الشريعة الإسلامية، وأنها ماضية في هذا الاتجاه وإصلاح المجتمع والمؤسسات، وهذه نعتبرها خطوة جيدة، وبدورنا سنقوم بمساعدتها، ولن نطالب بإسقاط النظام حتى لا نبدأ من الصفر، وأي واحد يذهب في هذا الطريق فإننا سنتعاون معه حتى تعم شريعة الله كل مناحي الدولة، وهي ذهبت في هذا الاتجاه في إقامة الشعائر وبناء المساجد وتريد إقامة دستور مستمد من الإسلام.. هذه خطوات في الطريق الصحيح وكل شيء لابد أن يؤخذ بالتدرج وليس مرة واحدة.
{ نشر عنكم تحريمكم للتظاهر ضد الحكومة هل ذلك صحيح؟
– لا يجوز الخروج على الحاكم طالما أنه مسلم، ولا بد أن يطاع، وذلك حتى لو كانت لديه معاصٍ أو بدع، فطالما كان مصلياً فعلى الناس أن يصلوا خلفه ويطيعوه.
{ البعض يعمم في التوصيف ويقول بأنكم سلفيون مع أنكم تنتهجون وسائل سلمية في دعوتكم كيف ترى الأمر؟.
– أنصار السنة من خلال عملها يتبين أنهم لا يميلون إلى الأشياء التي يفعلها المتطرفون مثل قتل الناس الأبرياء، وهذه الأشياء واضحة في منهجنا ومعروفة بالنسبة لنا، وأي إنسان يدعو إلى الإسلام فإننا سنتعاون معه، ونبين له، ويمكن أن نتناصح.