مجموعة (بشيش) الكردفانيّة .. الفن في مناطق النزاعات..!!
يُعتبر الفن أحد أهم العوامل المؤثرة في الحراك الاجتماعي على مر الأزمان، لكن طريقه كثيراً ما تواجهه مصاعب منها ضعف الإمكانيات.. وفي مناطق الهامش والمجتمعات الريفية، ومناطق النزاعات المسلحة، يواجه المبدعون أوضاعاً صعبة، ومنها ما حدث الأسبوع المنصرم لأعضاء مركز (بشيش) للفنون الأدائية والتنمية في منطقة (دردوق) بمحلية (ود بنده) بولاية (شمال كردفان).. إذ تعرضت المجموعة – التي تضم أكثر من (10) ممثلين وفنانين – لتجربة قاسية، عندما هاجمتها مجموعة مسلحة تنتمي إلى ما تسمى بالجبهة الثورية في الأول من يناير الجاري، فوجدت نفسها أمام الموت مباشرة أثناء أداء واجبها الفني والإبداعي، ما أثار الرعب وسط الجمهور والفزع والهلع بين أفراد الأسر.
{ رسالة الفن في مناطق الحرب
ولمعرفة ما ظل يتعرض له المبدعون الناشطون في مناطق النزاعات من الحركات المسلحة، وبأخذ حادثة (دردوق) الأخيرة مثالاً، قال رئيس مجموعة (بشيش) الأستاذ المخرج المسرحي “معمر القذافي”: إن قضية الأمن والسلام بمناطق الصراع، هاجس ظل يؤرق كل المجتمعات والشرائح القاطنة بتلك المناطق، لذلك أفرزت (بشيش) مساحة مقدرة من أعمالها الإبداعية لهذه القضية الملحة، إلى جانب الاهتمام بالتنمية عبر المسرح والفنون الأدائية الأخرى. وأضاف: في الرحلة الأخيرة للمجموعة لتقديم عروض مسرحية تفاعلية للتوعية بمخاطر مرض الإيدز، وجدت المجموعة نفسها أمام موت محتوم كاد يودي بحياة أعضائها جميعهم وهم: “الصادق أحمد”، “المكي عمر المك”، “عبد الله حماد”، “وفاء عبد اللطيف”، “نسرين حمد”، “عبير المك” و”سامر جمعة”. ومضى “القذافي” قائلاً: نحن وعبر الفن ندعم مشروعات السلام والتنمية والصحة، ودأبنا على تقديم عروضنا في كل المناطق الواقعة على الطريق إلى محلية (سودري)، وتستهدف هذه العروض في الأساس المدارس والأسواق، وتصاحبها محاضرات عن مرض الايدز، وفحص طوعي متجول، وقد تم تقديم عدد (19) عرضاً مسرحياً.
ويواصل رئيس مركز (بشيش) للفنون شهادته قائلاً: خلال هذه الجولات يتحمل المبدعون العديد من الصعاب، ولعل أقساها كان الهجوم على المجموعة التي تضطلع بإرساء قيم الأمن والسلام، باعتبار أن مركز (بشيش) للفنون الأدائية والتنمية، مركز متخصص في التنمية عبر الفنون منذ تأسيسه في 2005م تحت اسم مجموعة (بشيش) الفنية، يهدف إلى بناء مجتمع واعٍ بموروثه الثقافي وتعزيز ثقافة السلام ومفاهيم التنمية البشرية والسلوك الديمقراطي ودعم قيم الحوار المتمدن بين المجموعات السكانية المختلفة، ونشر مفاهيم المشاركة المجتمعية ومحاربة العادات الضارة، ونشر الوعي الصحي بمخاطر الإيدز والأمراض الطارئة والمستوطنة، ومحاربة الأمية وتشجيع التعليم.
{ الإبداع لا يقمع بالسلاح!!
واختتم “القذافي” قائلاً: قامت (بشيش) بتنفيذ العديد من برامج التوعية والتثقيف مع العديد من المنظمات المحلية والدولية مثل (بلان سودان) في مجال الأطفال، خدمات التنمية الألمانية في مجال التدريب والاستشارة، لجنة الإنقاذ الدولية في ثقافة السلام بجنوب كردفان، منظمة (اليونسيف) في مجالات الأطفال ومكافحة الإيدز والإسهالات المائية. وتعتبر أنشطة مكافحة الايدز من أميز الأنشطة التي تنفذها (بشيش)، إذا بلغ عدد العروض المسرحية التي قدمتها حتى الآن (570) عرضاً مسرحياً في كل محليات الولاية حتى ولاية الخرطوم، وتقديم العديد من الورش والسمنارات خلال المناسبات الوطنية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال التنمية كافة، مؤكداً أن حادثة هجوم (دردوق) الأخيرة لم تهدد دوره الفني والاجتماعي من خلال مسرح الشارع واكتشاف المواهب الإبداعية بالمدارس والجامعات والمساهمة في معالجات العادات الضارة بالمجتمع.