تقارير

بعد زيارة المسؤول الأمريكي ..مبعوث روسي يزور البلاد

الخرطوم بين واشنطن وموسكو

تقرير – ميعاد مبارك

يصل مبعوث الرئيس الروسي لأفريقيا والشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ورئيس الجانب الروسي في لجنة التشاور السياسي بين موسكو والخرطوم، “ميخائيل بكدانوف”، يصل إلى البلاد غداً (الجمعة) حاملاً رسالة من الرئيس الروسي “فلادمير بوتين” إلى رئيس الجمهورية، “عمر حسن أحمد البشير”، حسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير “بابكر الصديق” وإن برنامج الزيارة يناقش العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز التشاور بينهما حول كافة القضايا فضلاً عن لقاء يجمعه بوزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد”.
وكان مدير شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، “سيريل سارتور” زار الخرطوم قبل أسبوعين والتقى عدداً من المسؤولين في البلاد، في خطوة استبقت بها واشنطن موسكو، في ظل الأزمة الاقتصادية والاحتجاجات الراهنة في البلاد.
فما هي أسباب تأخر الحليف الروسي، ولماذا تأتي الزيارة الآن بالتحديد؟!

الراهن السياسي
تأتي الزيارة بعد قرابة الثلاثة أشهر من بدء الاحتجاجات التي انتطمت البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة، وما تبعها من تغييرات سياسية، كان أبرزها تعيين رئيس الجمهورية، للفريق ركن “عوض بن عوف”، نائباً له، و”محمد طاهر أيلا” رئيساً للوزراء، فضلاً عن تعيين ولاة للولايات من العسكريين، وفرض حالة الطوارئ في البلاد.
العلاقات السودانية الروسية
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الخرطوم وموسكو منذ استقلال السودان في العام 1956، لتستمر العلاقة بين البلدين في التطور في ستينيات القرن الماضي، لتشهد بداية السبعينيات انتكاسة في العلاقة بين البلدين وصلت لإعلان الخرطوم مقاطعة روسيا، لتعود البلدان إلى التقارب مرة أخرى في منتصف الثمانينيات، ثم العام 1991 أعلنت الخرطوم اعترافها بروسيا الاتحادية.
في أبريل من العام2002 زار وزير الدفاع وقتها الفريق ركن “بكري حسن صالح” روسيا، وتم أثناء الزيارة إعداد اتفاقية التعاون العسكري التقني بين الحكومتين الروسية والسودانية. والتي تم توقيعها في مارس 2003 وذلك خلال زيارة نائب رئيس لجنة التعاون العسكري والتقني الروسية “يوري خوزيانينوف” للخرطوم.
بعدها في العام 2004 زار وزير الداخلية وقتها الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” الممثل الخاص للرئيس في شؤون دارفور موسكو، تلتها زيارتين وهو وزير للدفاع في عامي 2006 و2008 وهدفت الزيارات إلى تسليم رسالة رئيس السودان إلى رئيس روسيا في مسألة دارفور.
وكان رئيس الجمهورية، “عمر حسن أحمد البشير” قد زار روسيا يوليو الماضي، وعقد قمة رئاسية مع نظيره الروسي “فلاديمير بوتين”، طلب خلالها مساندة موسكو لمواجهة ما وصفه بعدوان الولايات المتحدة الأمريكية، التي اتهمها بأنَّها قسَّمت السودان وتخطط لمزيد من التقسيم.
في المقابل شهدت العلاقات السودانية الأمريكية الكثير من التقلبات، حيث وضعت واشنطن الخرطوم في قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 1993 وبعدها فرضت عليه عقوبات اقتصادية في العام1997.
وبدأت الخرطوم وواشنطن حواراً ارتكز على مسارات خمسة في الخامس عشر من يونيو 2016 على أن ينتهي في الخامس عشر من ديسمبر 2016بقيادة وزير الخارجية السابق بروفيسور “إبراهيم غندور”، وكانت اللجنة تجتمع كل أسبوعين برئاسة وكيل وزارة الخارجية السابق، “عبد الغني النعيم”، مع المعنيين في السفارة الأمريكية، وكانت تعقد اجتماعاً شهرياً يرأسه وزير الخارجية .
وشملت المسارات الخمسة مكافحة الإرهاب، ووقف دعم جيش الرب، ودعم السلام في جنوب السودان، وتحقيق السلام في السودان، والشأن الإنساني والسماح بايصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاعات في جنوب كردفان، والنيل الأزرق.
ليضاف إليها فيما بعد قطع العلاقات مع كوريا الشمالية.
أسفر ذلك عن رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن السودان في يناير2017، وقد شمل الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” قرارين الأول يتعلق بإلغاء القرار رقم (13067)، الذي أصدره الرئيس الأسبق “بيل كلينتون” في العام (1997)، بخصوص تجميد الأصول السودانية في الولايات المتحدة، والثاني الذي يتعلق بإلغاء القرار رقم «13412» الصادر في 2006، الذي أصدره الرئيس الأسبق “جورج بوش”، بفرض عقوبات اقتصادية إضافية على الخرطوم، ونص القرار على فك تجميد الأصول، والتحويلات البنكية، والمصرفية، وكل المعاملات التجارية، وإلغاء العقوبات الاقتصادية.
إلا أن القرار الأمريكي ظل حبراً على ورق في انتظار المرحلة الثانية من الحوار السوداني الأمريكي المتعلقة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
بعدها ظلت المرحلة الثانية من الحوار بين الخرطوم وواشنطن تسير ببطء.
حيث التقى وزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد” سبتمبر الماضي خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية عدداً من المسؤولين هناك، ناقش الجانبان خلالها بدء المرحلة الثانية من الحوار بين البلدين المنوط بها رفع اسم السودان من قامة الدول الراعية للإرهاب.
وكان مدير شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، “سيريل سارتور” أكد خلال زيارته الأخيرة للبلاد أن الشأن السوداني خاص بالسودان، لافتاً في ذات الوقت إلى عدم استخدام العنف في التعامل مع الاحتجاجات.
في وقت أكد محللون أن المسؤول الأمريكي حمل مبادرة للخرطوم، فيما يلي الخروج من الأزمة الراهنة، إلا أن الخرطوم لم تقبلها أو ترفضها بالمجمل.
في وقت يعتزم وفد من الكونغرس الأمريكي زيارة البلاد خلال الشهر الجاري، حيث سيعقد عدداً من اللقاءات مع مسؤولين في وزارة الخارجية والبرلمان.
رغم تطاول المرحلة الثانية من الحوار السوداني الأمريكي إلا أن زيارات المسؤولين الأمريكيين الأخير تمهد إلى انتقال العلاقات بين البلدين لمرحلة أكثر تقدماً، خاصة زيارة “سارتور” التي تشير إلى محاولة واشنطون لتكون حاضرة في هذه المرحلة الخاصة، في وقت ظلت موسكو تؤكد دعمها للخرطوم، مع استمرار العلاقات التي ظل البلدان يصفانها بالمميزة، فضلاً عن دفاعها عن الخرطوم في الأمم المتحدة، في وقت نحى محللون إلى وصف زيارة المسؤول الروسي إلى الخرطوم بالمتأخرة في ظل التقارب الكبير بين القصر الجمهوري والكرملين.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية