وخابت الآمال .. !!
تمخض الجبلُ فولِد فأراً ، هذا أنسب مثل يمكن أن يقال لتوصيف حكومة “محمد طاهر أيلا” التي أعلنها أمس على عُجالة ، لدرجة أن قادة الإعلام ورؤساء التحرير اتصلت بهم وزارة مجلس الوزراء لحضور المؤتمر الصحفي قبل (نصف ساعة) فقط من الموعد المحدد ، كنتُ محظوظاً أن اتصل بي وزير مجلس الوزراء الأمير “أحمد سعد عمر” شخصياً ، آخرون اتصل بهم موظفون في الوزارة ، أو هاتفهم نقيب الصحفيين (لا أدري ما علاقته بالدعوة) قبل دقائق من بداية مؤتمر “أيلا” !!
وهذا في حد ذاته عدم احترام للإعلام ، ولهذا قررتُ عدم الذهاب ، ولم أكن أتوقع أن يكون مؤتمراً لإعلان (حكومة الكفاءات) التي بشرّنا بها الرئيس “البشير” مساء (22) فبراير الماضي من داخل حدائق القصر الجمهوري .
ظننتُها دعوة لتوضيح موقف رئيس الحكومة من العقد الموقع من حكومة سلفه “معتز موسى”، والوزير السابق واللاحق لوزارة النقل “حاتم السر” مع الشركة الفلبينية لتشغيل الميناء الجنوبي في بورتسودان ، فالسيد “أيلا” مهتم جداً بهذا الملف ، لسببين ، الأول أنه ينحدر من الشرق حيث الميناء ، والثاني أنه مدير سابق لهيئة الموانئ البحرية في عقد تسعينيات القرن الماضي وبالتأكيد له رؤيته الخاصة في إدارة الميناء ، سواء كانت رؤية صحيحة أو خاطئة .
لكنني ما توقعتُ أن تُعلن حكومة الكفاءات بهذه السرعة (تشكيلها أسرع من حكومة الفريق “بكري” الأولى) ، وذلك لأنني أعلم أن قيادة الدولة لم تدخل بعد في حوار جدي مع أحزاب المعارضة ، وعلى رأسها حزب الزعيم الحكيم سماحة الإمام الحبيب “الصادق المهدي” ، فكيف تسابق القيادة الريح لإعلان حكومة من ذات الوجوه مع تبديل وتغيير محدود ، بينما يبقى (العظم) هو ذات العظم !!
ولو افترضنا أنهم موقنون بأن الإمام “الصادق المهدي” وأحزاب (اليسار) وعلى رأسها الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر السوداني لن تشارك في الحكومة التي كانت مرتقبة ، فقد كان مطلوباً ابتدار حوار ابتدائي معهم ، وإشراكهم في ترشيح الكفاءات الوطنية غير المنتمية ، كما فعل قبل سنوات الإمام “الصادق” ، بترشيحه للرجل المحترم البروفيسور “مختار الأصم” لعضوية ثم رئاسة هيئة الانتخابات العامة ، وهي المعلومة التي كشف عنها الرئيس قبل أشهر قلائل .
ليس بالضرورة أن يشارك حزب الأمة القومي في حكومة الكفاءات ، ولكن كان بإمكان زعيمه أن يرشح كفاءات غير منتمية لحزبه ، كما كان بالإمكان إقناع كفاءات حقيقية من الخبراء العاملين في المنظمات والبنوك والمؤسسات الدولية للالتحاق بالحكومة ، في هذه المرحلة السياسية بالغة الأهمية .
الحكومة التي كانت مُنتظرة ، لم تكن مهمتها تصريف الأعمال ، لأنها تأتي في فترة احتقان سياسي كبير ، بل مهمتها الأساسية هي تفريغ هذا الاحتقان ، فهل جاءت بوجوه باهرة قادرة على أداء هذه المهمة ؟!
لا أظن ، خاصة أنها حملت للوزارات أسماء لا كفاءة عندها غير ميزة الانقسام والاستقالة من أحزاب كبيرة بعضها معارض وبعضها شريك !!
بصراحة .. هذه التشكيلة بوزراء (السيادة) أنفسهم ، وبوزراء جرّبتهم ذات الوزارات وغيرها من قبل ، واختفوا تماماً عن المشهد خلال احتجاجات الشهور الثلاثة الماضية ، بصراحة .. هي تشكيلة مُحبِطة و مخيبة للآمال .