*سألني أحدهم عن السبب الأهم وراء عزوف الأغلبية العظمى من الشعب السوداني عن المشاركة في الاحتجاجات، فكان ذلك سبباً مهماً في منع تحولها (لثورة شعبية شاملة) قادرة على الإطاحة بالنظام؟!..من المؤكد هو (سؤال هام وكبير) قد لاتكفي إجابته هذه المساحة الصغيرة المتاحة لهذا المقال…بل هو يصلح لأن يكون (عنواناً) لبحث علمي يجيب عن أسئلة وفرضيات تبحث في الماضي والحاضر الوطنيين وعلاقاتهما بالمحيطين الإقليمي والدولي،مع دراسة الإفرازات (المحبطة) للربيع العربي واحتمالات المستقبل…لكن رغم ذلك فإن الإجابة تبدو سهلة إن نحن اعترفنا كلنا بأن هنالك (حقيقة هامة) مغيبة عمداً داخل مفكراتنا الخاصة..فما هي هذه الحقيقة التي يهرب منها المعارضون وأنصار النظام، ويضعون مكانها (تطمينات) لأنفسهم يحس معها كل طرف بأنه هو من (كسب الجولة)، فنظام الحكم يرى أنه أردى المعارضة (صريعة) بين يديه، والمعارضة تكاد تقسم اليمين بأنها (زلزلت) أركان النظام!!
كلا الطرفين يراهنان على (الأغلبية) من الشعب التي لم تشارك في الاحتجاجات،حينما يتحدث كل منهما بهزيمته للآخر ويجزم بأن (الأغلبية الشعبية) معه قلباً نابضاً وهتافاً راعداً… لكن، تظل (الحقيقة الدامغة) تنطق بخلاف مايظنه الطرفان،فهذه (الأغلبية الشعبية الصامتة) ليست كلها مؤيدة للنظام ولاهي كلها ضد المعارضة ،لأنها تفهم أن ماتراه من صراع سياسي، ليس (جديداً) عليها ،فهو مشهد تكرر كثيراً، ويحكيه تأريخنا السياسي حينما يكشف كيف (تفترس) الديمقراطية الأنظمة الشمولية عبر الثورة الشعبية، ثم بعد حين كيف تعود الشمولية (لتطحن) الديمقراطية تحت عجلات الدبابات، فيبدو قدر الشعب وكأنه دوران مرهق مع شيمة جهنمية من الانقلابات والثورات الشعبية ،ثم يكون الحصاد الأخير استمرار المزيد من المعاناة والإحباط مع الانتظار الممل لمستقبل بعيد يعجز عن ارتياده الخيال ناهيك عن البرامج والاستراتيجيات التي ترسمها الحكومات!!.
*عليه…لا النظام ولا المعارضة حققا (نصراً) أو لعقا (هزيمة) فالنتيجة النهائية للمباراة السياسية بينهما،أشبه (بالتعادل) أمام الأغلبية الشعبية المتفرجة مع الاعتراف بأن (دفاع) النظام كان (الرقم الحاسم) في المباراة، أما (الكأس) فسيكون لاحقاً من نصيب أي نظام حكم قادر على قهر الفقر والتخلف وتحقيق مطلوبات الشعب المتمثلة في الحرية المسؤولة، والأمن المترع والسلام الراسخ ، والتوافق الوطني والاستقرار السياسي، والتبادل السلمي للسلطة، ولقمة الخبز الشريف والحفاظ على حرمة المال العام، وقطع دابر الفساد والمنافع الخاصة، وسيادة الكفاءة في العمل العام وازدهار الإنتاج في كل ميادينه!!.
الأغلبية العظمى من الشعب لاتبالي كثيراً بهذا الصراع السياسي الحاد بين الطرفين، بل يهمها أن تتحقق طموحاتها.. فمن يأنس في نفسه الكفاءة ليكسب هذا الرصيد الشعبي الضخم؟!.
سنكتب أكثر!!!