استئناف التحويلات المالية بين السودان والسعودية.. هل يستمر طويلاً؟
بعد توقف أكثر من (5) سنوات
الخرطوم ـ رقية أبو شوك
بعد توقف دام أكثر من (5) سنوات، أعلن بنك الخرطوم عن استئناف خدمة التحويلات المالية بين السودان والمملكة العربية السعودية، عبره وبنك الجزيرة السعودي (جدة)
معروف أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد منذ أكثر من عقدين، أدت إلى توقف كل التعاملات المالية الفورية بين السودان وكثير من الدول، القطاع المصرفي من أكثر القطاعات تضرراً من هذه العقوبات، وإلى أن تم الرفع الجزئي للعقوبات فإن التحويلات لم تستأنف بصورة مستمرة بل توقفت.
الآن الإعلان عن استئناف التحويلات المالية بين السودان والمملكة العربية السعودية من شأنه أن يتيح خدمة للسودانيين العاملين بالمملكة العربية السعودية وغيرهم ممن يرغبون في ذلك .. ويتيح إمكانية تحويل أموالهم للسودان مقابل رسوم مخفضة من خدمة تحويل “الأموال فوري الجزيرة” حسب ما أكده الاتفاق الذي تم بين الطرفين والذي أكد ايضآ : بأن بنك الخرطوم سيقوم بتسليم التحويلات بالعُملة الحُرة والمحلية نقداً وعبر كافة وسائل الدفع الأخرى للمستفيدين، دون أي رسوم من بنك الخرطوم حتى نهاية العام.
توقعات بزيادة حجم التحويلات
مراقبون وخبراء مختصون أكدوا أن هذا العمل سيؤدي إلى زيادة حجم التحويلات القادمة من المملكة العربية السعودية للسودان، وسيؤدي إلى إنعاش حركة الصادر وجذب مدخرات المغتربين بالمملكة العربية السعودية، باعتبار أن السعودية بها أكبر قطاع من المغتربين مقارنة مع الدول الأخرى.
(المجهر) التقت عدداً من الخبراء الاقتصاديين ليحدثونا عن مزايا هذا الاتفاق وماهو المطلوب من السودان حتى يستطيع أن يجذب المدخرات في إطار هذا الاتفاق.
كانت أولى محطاتنا مع وزير الدولة بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي الأسبق د. “عز الدين إبراهيم” والذي قال: (طبعاً دا خبر إيجابي) في إشارة منه إلى معاناة المغتربين بالمملكة العربية السعودية، من صعوبة التحويلات، فالمغترب عندما يذهب لبنك من أجل التحويل تكون الإجابة: (ما عندنا معاملة مع البنوك السودانية)، عازياً ذلك إلى الحظر الأمريكي، مشيراً إلى أن استئناف التحويلات بين السودان والمملكة العربية السعودية سيؤدي إلى تسهيل أمر التحويلات للمغتربين، خاصة وأن السياسات البديلة في أمر التحويلات لم تكن واقعية، حيث كان من المفترض أن يتطلب الوضع إجراءات واقعية، لأن الوضع غير عادي مؤكداً أن هذا كان يشكل واحدة من العقبات التي تقف أمام التحويلات، وأضاف الآن ستزول وقال: (تسليم بنك الخرطوم التحويلات بالعُملة الحُرة والمحلية نقداً وعبر كافة وسائل الدفع للمستفيدين دون أي رسوم من بنك الخرطوم سيؤدي إلى تسهيل موضوع التحويلات)، كما أن هنالك أمر آخر مهم جدا وهو القدوة فإذا كان بنك الجزيرة يقوم بعملية التحويلات فإنه سيكون قدوة لبنوك أخرى للدخول في مسألة التحويلات المالية مما يشجع الكثير من المصارف والدول
رئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق البرلماني والخبير الاقتصادي المعروف د. “بابكر محمد توم” وصف الخطوة بالممتازة، وقال: هذه الخطوة تعتبر فتحاً كبيراً من ربنا حيث سيتم انسياب الموارد عبر بنك الخرطوم وبنك الجزيرة السعودي للسودان بشكل جيد خاصة وأن بنك الخرطوم معروف بانتشاره في كل ولايات السودان وبالتالي فهو من أكثر البنوك ذات الشمول المصرفي كما أن بنك الجزيرة يمتاز في المقابل بالانتشار الكبير في المملكة العربية السعودية.
وحسب د. “التوم” فإن عدد العاملين بالسعودية من أكبر التجمعات مقارنة بالدول الخارجية الأخرى، وأضاف (وبالتالي فإن مواردهم أكثر من موارد العاملين بدول الخليج الأخرى) وزاد قائلاً: (إذا ما تم هذا الإجراء وهذا الاتفاق بشكل سلس وتعاملت الدولة معه بمرونة فإنه من المؤكد أن يرفد موارد ضخمة تساعد في وسائل الاستقرار في سوق النقد الأجنبي)، داعيا بنك السودان المركزي للتشجيع وإتاحة فرصة واسعة إلى أن يتم التنفيذ بالفعل والرؤية.
خطوة مشجعة للصادر والوارد
ووفقآ لدكتور “بابكر محمد توم” فإن تسليم التحويلات من بنك الخرطوم بالعُملة الحُرة والمحلية نقدا وعبر كافة وسائل الدفع سيكون مشجعآ ويؤدي إلى دعم الاتفاق ويشجع المصدرين والمستوردين ويجعل دوران العلاقة بشكل مرن وأعرب عن أمله في أن يشمل هذا الاتفاق بنوك أخرى
وبما أن الاتفاق سيكون له انعكاسات مشجعة على قطاع المستوردين والمصدرين كان لابد لنا أن تكون لنا وقفة مع نائب رئيس غرفة المستوردين بالاتحاد العام لأصحاب العمل السوداني د. “حسب الرسول محمد أحمد” والذي قال عن استئناف التحويلات المالية بين السودان والمملكة العربية السعودية :
صعوبه التحويلات المصرفية رغم رفع العقوبات عن السودان ظلت عائقآ وتحديآ كبيرآ يقابل قطاع الاستيراد، فمعظم المصارف الخارجية لا زالت تتردد في التعامل المصرفي مع السودان، بحجة أن السودان لا يزال ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب بالرغم من أن السودان استوفى جميع مطلوبات شطبه من تلك القائمة ،بنك الخرطوم كان على رأس المصارف التي عملت على التواصل مع المصارف الخارجية رغم الحصار.
فإعلان بنك الخرطوم استئناف العمليات المصرفية مع السعودية عبر بنك الجزيرة السعودي يعتبر مواصلة لجهوده السابقة كما أنه يعتبر أمرآ مبشرآ لقطاع الاستيراد
ويرى د. “حسب الرسول” أن الاستئناف سيؤدي إلى الدفع بالتبادل التجاري بين البلدين بصفة خاصة كما أنه يعتبر مشجعآ للمصارف الأخرى لتحذو حذو بنك الخرطوم. وأضاف (قطاع الاستيراد يأمل في أن يعجل بنك السودان والمصارف المختلفة بالسودان في التواصل مع المصارف الخارجية عبر المراسلين حتى يتم فك القيود عن التحويلات الخارجية وذلك تشجيعا للتبادل التجاري بين السودان والبلدان الأخرى). معربآ عن توقعاته بأن يحدث نشاط للتبادل التجاري مع السعودية ودول الخليج عموما، وأن يحدث نشاط ايضآ في تحويلات المغتربين، والدفع بالاستثمار بين البلدين، وتحفيز القطاع الخاص للمزيد من الاستثمارات ينهما .
الباحث والمحلل الاقتصادي د. “هيثم محمد فتحي” أكد أن تنظيم عمليات التبادل المصرفي سينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوداني، وذلك بزيادة حصائل الصادر وتحويلات المغتربين للبلاد، مشيراً إلى أن التبادل عبر القنوات الرسمية يؤدي لثبات واستقرار سعر الصرف، وتقليل التكاليف عن السابق ،حيث إن التبادل المباشر مع البنوك السعودية مع السودان يقلل من التعامل مع السوق الموازي ويحافظ على سعر الصرف.
ويرى “فتحي” أن الاتفاق بين البنكين يعتبر خطوة متقدمة، وعلى بنك السودان والبنوك المحلية ضرورة فتح التعاملات مع البنوك الخارجية، فالتحويلات المصرفية يسهم في فتح الاعتمادات بين البنوك السعودية والسودانية مما ينعكس على زيادة الصادرات للمملكة ومن ثم يتجاوز السودان مشكلات الصادرات، خاصة في ظل ارتفاع تكلفتها، بجانب المساهمة في انسياب تحويل حصائل الصادرات السودانية، وتسهيل انسياب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج ،بالإضافة إلى حصول المصارف السودانية على التسهيلات المصرفية لتمويل العمليات التجارية بين البلدين. وأضاف: (اتمنى أن يرى الاتفاق النور ويستمر حيث كانت هناك العديد من تلك الاتفاقيات في الفترة الماضية لكنها لم ترَ النور أو لم تستمر طويلاً).