رأي

بالواضح

فتح الرحمن النحاس

قاهر الريح العقيم !!

جلسنا أنا والشيخ الراحل “يس عمر الإمام” عند صدر الإنقاذ، إلى حوار صحفي مع العالم د.”حسن الترابي” رحمه الله وأحسن إليه،وكنت طرحت عليه السؤال…(لماذا صعدتم إلى الحكم بالدبابة وأنتم في مرتبة القوة البرلمانية الثالثة ولديكم الرصيد الشعبي الكبير القادر على المجيء بكم للحكم عبر صناديق الانتخابات؟!)
أجاب قائلا:(كنت أرى زحف التمرد نحو الشمال وتساقط المدن الواحدة بعد الأخرى،ثم ما نراه كلنا من حالة عدم استقرار المناخ السياسي وما يمكن أن يفضي ذلك إلى ريح عقيم من الفوضى ستجعل كل شيء أتت عليه كالرميم)…
نذر الريح العقيم بدأت في أولى شهور الحكم الديمقراطي الثالث، فتمرد الجنوب يتمدد والجيش في أسوأ أوضاعه وفي الخرطوم صراعات سياسية وحكومات تنعقد وتنفض وإضرابات عن العمل تتناسل كل يوم، وتنمية وإنتاج في (ركود وعدم)، وأمن مجروح وفساد يعربد داخل أجهزة الدولة، وحديث من ضابط كبير عن إضراب (يتخلق) داخل جهاز الشرطة، ولافتات لأحزاب وافدة من الخارج يطرح ممثلوها في الداخل (فواتير سياسية) واجبة السداد!!
*صناعة الفوضى كانت مقصودة، وتصاحبها (منازعات مقلقة) بين عناصر الطيف السياسي،وتسابق محموم لشطب التوجه الإسلامي الموروث من الحكم المايوي، ووصايا وإملاءات من الخارج تصل لأطراف حكومية وحزبية، واتصالات سرية (ضارة) تجري في الخفاء مع حركة قرنق لفرض مشروعه عبر الحرب،وطائرة تحط (خلسة) على مطار الخرطوم لنقل الشباب من الأولاد والبنات لمعسكرات مجهولة خارج السودان…والكثير والمثير الذي أنبت مساحات واسعة من ( الإحباط) في نفوس الشعب..فكان حينها لا خيار آخر غير إطلاق (رصاصة الرحمة) على حقبة الديمقراطية الثالثة وإنقاذ الوطن من ويلات الريح العقيم!!*
*صعود الإسلاميين لحكم السودان، يمثل أصعب (الابتلاءات) التي يلاقونها ،فمنذ الاستقلال وحتى اليوم يظل الحكم أشد إيلاماً من المشي  فوق الأشواك (الغليظة الحادة والجارحة)..فقد تركه “عبد الله خليل” للجيش (طواعية) وتأذى منه “أزهري”،و”نميري” أفصح عن إحساسه بالألم حينما قال في إحدى خطاباته:( تقلقنا مشاكل عالمنا ناهيك أن تكون رئيساً للسودان)…والإمام “الصادق المهدي” قال في آخر أيام  حكمه:(إذا فشلت فلن أشيع باللعنة)…الإسلاميون أيضاً يفهمون أن حكم السودان ليس (نزهة) ولذلك لم يكفوا  طيلة فترة الحكم الحالي عن الحوار مع المعارضة وفتح باب (الشراكة) مع الراغبين ،والآن تتسع الدائرة أكثر نحو التعددية السياسية والتبادل السلمي للسلطة!!
*دعوات إسقاط النظام وعزل المنتسبين له،يمثل مغامرة خطيرة ستنقل الوطن (لشفير الهاوية) والدمار وهذا لن يكون بإذن الله تعالى وهذا هو (سر) صلابة وثبات أنصار الحكم على أرضية المشروع الوطني ،ليس حباً في السلطة،بل تحملاً للمسؤولية الأخلاقية تجاه الشعب والبلد الكبير…فتعالوا كلكم  للشراكة السلمية في الحكم ،فهذا هو أفضل الخيارات  هو قاهر الريح العقيم التي تتربص بنا !!

سنكتب أكثر !!

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية