حوارات

نائب المجلس الوطني “علي عبد اللطيف البدوي” عن الدائرة الشمالية بالقضارف في حوار الراهن السياسي

*فك ارتباط الرئيس البشير برئاسة الحزب تأخر كثيراً،وهذا هو ديدن الديمقراطيات الحديثة لتحقيق العدالة

 *الاستقطاب الحاد الماثل الآن أدى لتفشي موجة من الكراهية وسط الشعب السوداني
* قانون الطوارئ وقوته الناجزة سيحسمان قضايا الفساد بصورة جذرية
*مؤسسات الدولة المعنية بأمر الشباب ، فشلت وهزمت الدولة
حوار : سليمان مختار

التطورات السياسية الأخيرة ،التي أقر بموجبها الرئيس “البشير”، حل حكومة معتز موسى ونقل صلاحياته في رئاسة الحزب إلى نائبة مولانا “أحمد هاورن” ، وتعيين حكام عسكريين في الولايات، وإعلان حالة الطوارئ لمدة عام ،ألقت بحجر في فناء الحزب الحاكم ، الذي قال الرئيس “البشير” إنه سيقف في مسافة واحدة بين المؤتمر الوطني -حزب الرئيس- والقوى السياسية الأخرى ، (المجهر) أجرت حواراً حول تداعيات تلك القرارات على أجندات ومسار الحزب بولاية القضارف، مع نائب المجلس الوطني عن الدائرة الشمالية بالقضارف “علي عبد اللطيف البدوي” فإلي نص الحوار.

بداية كيف تنظر لقرارات رئيس الجمهورية الأخيرة‪ ‬؟
‪ ‬
افتكر إن قرارات رئيس الجمهورية جاءت في الوقت المناسب فالبلد في حالة أزمة اقتصادية وسياسية عقب الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدد من ولايات البلاد وكونت حالة من الاستقطاب الحاد بين الحكومة والمعارضة من جهة، وقطاعات واسعة من الشعب نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد. وبدأت بوادر انفلات أمني نتيجة لحالة الاستقطاب الحادة التي أدت لتفشى موجة من الكراهية وسط جموع الشعب السوداني ربما كادت تجر البلاد إلى عواقب لا يحمد عقباها، وأنا أفتكر أن قانون الطوارئ جاء في الوقت المناسب على خلفية المخاطر الداخلية التي تحدق بالبلاد  إلى جانب المخاطر الخارجية لاسيما العديد من دول الجوار ما زالت تمر بالحروب وتدفق السلاح وحالة السيولة الداخلية الماثلة؛ يمكن أن تؤدي إلى فوضى بالبلاد، لذلك أنا أؤيد إعلان حالة الطوارئ للأغراض المقصود بها توفير الأمن لتحقيق الاستقرار ومنع الانزلاق إلى الفوضى والحفاظ على نسيجها الاجتماعي المتماسك‪.‬

برأيك هل يساهم إعلان حالة الطوارئ في معالجة الأزمة الاقتصادية ؟

بصراحة لن تساهم الطوارئ في حل الأزمة الاقتصادية، بل هي جزء من حل الأزمة الاقتصادية وهي يمكن أن تساعد في محاربة الفساد وتمكن السلطات من محاربة تجار العملة والقطط السمان؛ لأن القانون الطبيعي يصعب فيه أن تثبت الجرائم خاصة وأن الفساد أصبح متجذراً في الدولة وله مراكز قوة ، لذلك يمكن لقانون الطوارئ عبر نياباته المخصصة وقوته الناجزة في حسم قضايا الفساد بصورة جذرية. علاج القضية الاقتصادية يحتاج إلى إسناد الملف الاقتصادي إلى كادر كفء يساعد في التنظير الاقتصادي وترقيته لرفع الإنتاج والإنتاجية وإلى تحسين العلاقات الخارجية لأن القضية الاقتصادية متشعبة ومربوطة بالعوامل الداخلية والخارجية وإعادة هيكلة الاقتصاد لمعالجة اختلالاته العميقة وضبط الخدمة المدنية‪. ‬
هنالك من يرى أن ثمة غموضاً اكتنف عملية فك الارتباط بين الحزب والسلطة التنفيذية حسب  ما جاء في خطاب الرئيس.
افتكر أن هذه الخطوة تأخرت كثيراً كان ينبغي أن تصدر من زمان والبشير الآن لم ينفِ انتماءه لحزب المؤتمر الوطني وما زال يحتفظ بعضويته في المؤتمر الوطني وما زال مسنوداً من الحزب ويمثله، ولكن في الديمقراطيات الحديثة ينفصل الرئيس عن الحزب بمجرد ما يؤدي القسم ويظل يحمل توجهات ملامح البرنامج الانتخابي للحزب، ولكن تفاصيل إدارة الدولة متروكة للرئيس وحده ويجب أن يكون رئيساً لكل الناس لتحقيق العدالة بين الناس هذا ما قاله الرئيس إنه سوف يكون على مسافة واحدة من كل القوى السياسية من بينهم المؤتمر الوطني.
‪ ‬البعض يرى أن هذه أشواق وآراء بعض قيادات المؤتمر الوطني تخشى على الحزب بعد ترك الرئيس للحزب وأن مصيره أصبح مثل الاتحاد الاشتراكي ؟
‪ ‬لا لا هذا كلام بعض المتربصين بالحزب نعم إن الرئيس كان يمثل رمزية للحزب بمثل وضع الولاة لكن لن تتحقق أمنيات المتربصين بأن يصبح مصير الحزب مثلما حدث للاتحاد الاشتراكي، المؤتمر الوطني حزب عريق وعتيق له أثر عريق ومتجذر في السودان يستمده من الحركة الإسلامية التيار الإسلامي له أبعاد دينية واجتماعية عميقة في المجتمع السوداني لا يمكن استئصاله‪.‬
‪ ‬إلى أي مدى يمكن للمؤتمر الوطني أن يواجه المرحلة القادمة ؟

بآليات أخرى وخطاب سياسي جديد هنالك التجربة التركية عندما رأى أردوغان وجماعته من الشباب أن حزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان يتجمد والجيش قابض وهنالك ضغوط أوربية، قاموا بتأسيس حزب الحرية والعدالة بذات التوجه والمبادئ وبأفكار سياسية جديدة تواكب المرحلة لذلك أنا أرى أن الحركة الإسلامية قادرة على تجديد نفسها بذات الأفكار الجديدة، الراحل شيخ حسن قال من لا يتجدد يبدّد لذلك لابد للمؤتمر الوطني أن يواكب المتغيرات وليس المؤتمر الوطني وحده، بل كل الأحزاب لأن هنالك جيلاً جديداً له قضاياه المعاصرة وتطلعاته السياسية بعيداً عن ثوابت الأحزاب السياسية، لذلك المؤتمر الوطني يحتاج إلى تجديد هياكله ولوائحه التنظيمية والعلاقة بينه وبين السلطة هل هو حزب مساند أم موالي للسلطة فكلها أسئلة تحتاج لإجابة‪.‬
‪ ‬كيف تفسر وقوف الرئيس على مسافة واحدة بين القوى السياسية ؟
هذه الخطوة واضحة وترتكز حول علاقة الرئيس مع الحزب فالرئيس شرع في القيام بخطوات عملية بشأن العلاقة بينه والحزب وقام بتعيين ولاة عسكريين دون أن يستشير المكتب القيادي كما كان يحدث في السابق، وكذلك قام بتفويض صلاحياته لمساعده لشؤون الحزب “أحمد هارون” هذه الخطوات تؤكد وقوفه على مسافة واحدة من الجميع، إلى جانب التفرغ لقضايا إدارة الدولة وأعمال الشفافية والعدالة والمصداقية بين الجميع وليس المؤتمر طلب هذه الخطوة بل الأحزاب هي التي نادت بهذا منذ فترة طويلة بأن يكون رئيس السودان رئيساً على الجميع وعلى الأحزاب إعطاء الرئيس فرصة لإثبات ذلك (وأهلنا بيقولوا الكداب وصلوا الميس)‪.‬
‪ ‬
تناول خطاب رئيس الجمهورية قضايا الشباب التي تعتبر رافعة أساسية للاحتجاجات؟
‪ ‬
أفتكر أن الرئيس ما حدد ولكن تناول قضايا الشباب بشكل عام؛ البعض يرى أن قضايا الشباب على شاكلة إقامة الحفلات في شارع النيل بصراحة ومؤسسات‪ ‬الدولة المعنية بالشباب هزمت الدولة وفشلت في محاربة العطالة بتنفيذ المشاريع وسط الشباب وهم يمثلون 60% من سكان السودان بعد فشل صندوق تشغيل الخريجين عبر مشاريع التمويل الأصغر وإحجام البنوك عن تمويلها بسياساتها العقيمة إلى جانب ضعف الإدارة والمتابعة للمشاريع الإنتاجية للشباب وأنا أرى انه آن الأوان بأن تلتفت الدولة للشباب من خلال رؤية وسياسات جديدة لإنشاء مشاريع للشباب ومراجعة سياسات التعليم العالي إذ أننا  نقوم بتخريج كم هائل من خريجي العلوم التطبيقية التي لا يحتاج إليها سوق العمل فلابد من تدارك حاجة البلاد للوظائف التي تحتاجها في الوظيفة العامة وسوق العمل. أما الشق الآخر المتعلق بالمشاركة في الشأن السياسي فلابد من فتح المنابر الحزبية للشباب للتعبير عن أنفسهم في قضايا البلاد واستيعابهم في المنظومة السياسية للأحزاب التي أصبح يسيطر عليها الكهول من القيادات التقليدية، إلى جانب ضمان حرية العمل النقابي داخل الجامعات لتفريخ خريج واعٍ ومدرك بالحوار في العمل السياسي‪.‬
‪ ‬عملية الحوار مع القوى السياسية وردة الفعل من الخطاب، كيف تنظر لذلك‪ ‬؟
‪ ‬قضية الحوار مع القوى السياسية والحركات المسلحة من القضايا المحورية لتحقيق السلام والاستقرار السياسي، إذا لم تتوقف الحرب فلن تكون هنالك ديمقراطية وبدون سلام ولا تنمية لذلك لابد من التوافق بين كافة القوى السياسية إلى حد أدنى للحوار حول كافة القضايا السودانية، والرئيس لم يضع الحل بنفسه بل ترك الباب مفتوحاً لكافة القوى السياسية للمشاركة في القضايا عبر الحوار الوطني وعلى القوى السياسية والحركات أن تأتي للحوار بقلب مفتوح لإيجاد حلول جذرية لكافة القضايا الماثلة وتجنيب البلاد من المخاطر التي تحدق بها من زمن بعيد أقعدتها وأوصلتها إلى هذه الأوضاع المأزومة.
بعض القوى السياسية تطالب بتوفير مطلوبات الحوار‪ ‬؟
على الحكومة أن توفر مطلوبات الحوار بفتح شهية الأحزاب بإتاحة الحريات كاملة للأحزاب في الصحافة والسماح لها بإقامة ندوات وتنظيم جماهيرها والمواكب السلمية وفقاً للقانون، ولكن حالة الكبت تولد الاحتقان والانفجار في نفس الوقت على القوى السياسية التوافق على انتقال سلس للسلطة من خلال الاتفاق على دستور دائم للبلاد عبر الحوار يضمن التداول السلمي للسلطة ولكن عبر شعارات (تسقط بس) و(تقعد بس) دي كلها ركوب رأس ودي كلها ما بتحصل إذ سقطت بس مكلفة وتؤدي إلى انهيار ودمار البلد وجرها إلى المجهول، وتعقد بس ساي كدا ما بتبقى لازم يكون في إصلاحات منطقية عشان كدا قلنا لابد من الحوار وتقديم تنازلات من الطرفين تفضي إلى حلول مع استصحاب المبادرات الماثلة‪. ‬
برأيك هل لبى خطاب الرئيس مطالب المحتجين ؟
‪ ‬أولاً أنا لا استطيع أن أجزم بأن الخطاب لبى مطالبهم لأني ما كنت محتجاً معهم ولكن الخطاب لبى بعض المطالب مثل محاربة الحرامية والفساد وتحقيق العدالة والرئيس قال سوف يقف على مسافة واحدة من كافة الناس وإيجاد فرص عمل للشباب، إلى جانب الاهتمام بمعاش الناس ولكن عموماً علينا أن ننتظر الأفعال وهي المحك في تنفيذ المطالب ويعطوا الرئيس فرصة.
بعض القوى السياسية رفضت الخطاب‪.
نعم قوى اليسار وهذه مشكلة الأزمة السودانية منذ عهد قديم هنالك صراع وعداء تاريخي بين قوى اليسار والإسلاميين وهي ظلت رافضة للحوار معهم ومطالب اليسار هي عايزين يسقط النظام ويفكك الجيش والأمن والخدمة المدنية، ودا ما (بيحصل) وما (شفناهو) في العالم حصل مثل هذا لذلك لابد أن يتحاور الجميع وأن يتم تنفيذ مطالبهم عبر مشاركتهم في السلطة الشرعية والبرلمانات إذا كانت هنالك قوانين سنتها الإنقاذ ولهم رأي فيها يمكن تغييرها وإبطالها عبر المؤسسات ولكن تفكيك النظام لا يمكن وعلى الحكومة أن تعول على الحوار مع الأحزاب التاريخية مثل حزب الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي .
‪ ‬هنالك عدم ثقة بين القوى السياسية والحكومة في أنّ الحوار الوطني لم يتم تنفيذه‪ ‬؟
‪ ‬نعم هنالك عدم ثقة بين الطرفين وحسب علمي أن الحوار تم تنفيذه بنسبة 80% على كلّ لابد من توفير أرضية صلبة لردم الهوة بين الطرفين وتوفير ضمانات لتنفيذ ما يخرج به الحوار وأن يكون الرئيس نفسه هو الضامن لذلك خاصة بعد تخليه عن رئاسة الحزب وتفرغه لأعباء إدارة الدولة، يمكن أن يبدد توجس وتخوف القوى السياسية وفي النهاية إذا واصلت بعض القوى السياسية رفض الحوار فيتجاوزها الزمن إذا تحققت للشعب السوداني مطالبه في العيش الكريم والحرية والعدالة التي يريدها لأنهم لا يمثلون الشعب السوداني كله بل جزءاً منه.
مطالبة الرئيس في خطابه بإعادة النظر في التعديلات الدستورية للتمديد له وإعادة ترشحه شابها بعض الغموض‪ ‬؟
‪ ‬‪  ‬لا لا الرئيس كان واضحاً؛ أصلاً البرلمان عبر اللجنة المختصة قام بمبادرة وبعض القوى السياسية طلبت تعديل المادة لتمكين الرئيس من الترشح لفترة رئاسية جديدة ولكن بعض الأحزاب رفضت التعديل منها المؤتمر الشعبي وقوى التغيير وبعض نواب المؤتمر الوطني. ولكن الرئيس طلب تأجيلها صراحة وكان جاداً في ذلك إذاً لن يتم تمرير المقترح، وما تسرب من حديث حول مطالبة “إبراهيم أحمد عمر” رئيس المجلس الوطني في اجتماع المكتب القيادي قبل خطاب الرئيس بمطالبة الرئيس بترك المسألة للمجلس لأنه هو الذي قام بالمبادرة وهذا كلام عار من الصحة ما أظن الرئيس يود أن يترشح في الانتخابات القادمة والأوضاع أصبحت واضحة وهنالك انتقال سياسي يمهد فيه الرئيس للمشهد السياسي والسيناريوهات القادمة، والانتخابات لن تقام في ظل الأوضاع الحالية وهنالك حالة طوارئ وأي إجراء من هذا القبيل سوف يزيد من الاحتقان في الساحة السياسية‪.‬
التدخلات الخارجية في قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة هنالك من يرى أن هنالك أيادي خارجية في تلك القرارات ؟
لا استبعد التدخلات الخارجية في ظل صراع المحاور في المنطقة ففي دول العالم الثالث أصبحت التدخلات الخارجية واردة ولدينا نيفاشا مثالاً والمجتمع الدولي والإقليمي بآلياته الضخمة وقراراته وأجندته يمكن أن يؤثر على قرارات الدولة الداخلية خاصة إذا تقاطع مع مصالحه اختلفنا أو اتفقنا التدخل وارد في عالم محكوم بقوة دولية ولكن نتمنى أن لا يكون كبيراً ومستمراً، في ظل حالة الاستقطاب الحاد لابد من التوافق بين القوى السياسية بالبلاد لمنع التدخلات.
موجة العداء الشعبي ضد الحكومة والحزب كانت هائلة تجلت من خلال الشعارات التي وصفت بالإقصائية كيف تنظر لذلك ؟
دي شعارات مدروسة ومخططة ومدسوسة من قبل قوى اليسار التي تحاول شيطنة كل ما هو إسلامي لخلق حالة من  الكراهية ضد  التيار الإسلامي من قبل الشعب السوداني ولكن التجارب أثبتت أن التيار الإسلامي هو من يصنع الحدث من خلال الحراك الموجود في الشارع أو من خلال قروبات الواتساب والحراك الإسفيري بالمناسبة التيارات الإسلامية (خشوم بيوت) ونحن على علم بمن خطط وقام بإحراق مقار ودور الوطني والشعب السوداني لا يفعل ذلك.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية