حوارات

مدير الجمارك الأسبق الفريق شرطة “صلاح الشيخ” في حوار الراهن مع “المجهر”

*أتوقع زيادة الإيرادات الجمركية .. فأي تخفيض في الدولار الجمركي يرفع من سقف الإيرادات

*قريباً جداً ستنخفض الأسعار وسيحدث حراك اقتصادي وتجاري بدلاً عن الكساد.
*الدولار بدأ في الانخفاض ولكن الانخفاض الأكبر سيكون بعد زيادة الصادرات والتحكم في عائداتها.
* (80) جنسية تنقب عن الذهب فيجب أن ننقب عن ذهبنا “برانا” فلدينا أولاد “شطار” يجب الاستفادة من مقدراتهم
*الأسمنت ثروة اقتصادية هائلة لم تستغل بعد .. فالمصانع الـ (6) تعمل بأقل من طاقتها الحقيقية.

حوار ـ رقية أبوشوك

تدابير وإجراءات اقتصادية وضعت من أجل الإصلاح الاقتصادي ، آخرها القرارات التي أصدرها رئيس مجلس الوزراء القومي “محمد طاهر أيلا” والخاصة بتخفيض الدولار الجمركي من (18 إلى 15) جنيهاً بلغ نسبة (20%). هذا القرار كما أكد اقتصاديون ومراقبون ستكون له انعكاساته الإيجابية على انخفاض الأسعار وخفض الدولار والعملات الأجنبية الأخرى ، وعلى الوضع الاقتصادي بصورة عامة ،خاصة وأنه سيؤدي إلى إحداث حراك اقتصادي ؛ الأمر الذي سينعكس على زيادة نسبة التحصيل الجمركي وذلك على عكس ما هو متداول بأن القرار سيؤدي إلى خفض نسبة التحصيل
(المجهر) وضعت أمام المدير العام لهيئة الجمارك الأسبق الفريق شرطة “صلاح الشيخ” عدداً من الأسئلة ،بوصفه مديراً أسبق للجمارك وخبير في مجال العمل الجمركي ،ليحدثنا عن إيجابيات هذا القرار، وهل يمكن أن يؤدي إلى رفع نسبة التحصيل؟ خاصة إذا علمنا بأن ركوداً اقتصادياً قد حدث، بسبب رفع الدولار الجمركي بالإضافة إلى أسئلة أخرى تمثلت في رؤيته للراهن الاقتصادي والمعالجات التي يفترض أن تتم وكانت هذه الإفادات:
*بوصفك مديراً أسبق للجمارك وخبيراً في المجال الجمركي هل يمكن أن تتأثر الإيرادات بخفض الدولار الجمركي؟.
بالعكس الإيرادات قد تزيد ولا تنخفض والدليل معروف في التجارب السابقة ،إذ إن أي تخفيض في الدولار الجمركي يؤدي إلى رفع سقف الإيرادات بصورة كبيرة ومباشرة وبالتالي يتم رفد الخزينة العامة بإيرادات أكبر
طبعاً أي تخفيض لسعر العملة ينعكس مباشرة على التجارة بصورة عامة ،والسبب أن كل الاحتياجات بما فيها مدخلات الإنتاج والمواد البترولية والقمح والأدوية وغيرها من السلع التي يتم استيرادها ينعكس خفض الدولار الجمركي على عملية استيرادها ،وكذلك تخفيض القيمة المضافة وخفض الضريبة على الواردات تجعل التجار لديهم المزيد من الأموال ومن ثم تزداد عملية الاستيراد ويحدث رواج تجاري بدلاً عن الكساد
* ما مدى انعكاس تخفيض الدولار الجمركي على الأسعار وهل يمكن أن يحدث انخفاض في الأسعار في الوقت الآني أم أنها مسألة وقت؟.
نعم الأسعار ستنخفض ،ولكنها ستنخفض بعد فترة ليست بالطويلة وذلك بعد نفاد كل المخزون من السلع والتي كان قد تم استيرادها وفقاً للدولار الجمركي قبل التخفيض، وبعد نفادها سيتم استيراد السلع وفقاً لقيمة الدولار المخفض.
*الدولار بدأ الآن في الانخفاض .. هل بسبب خفض الدولار الجمركي أم بسبب إعلان حالة الطوارئ ؟.
الدولار بدأ في الانخفاض ،إلا أن الانخفاض الأكبر للدولار سيتم لو أننا تحكمنا في الصادرات ، فكلما تمت زيادة الصادرات وتحكمنا في عائد الصادرات، فإن ذلك سينعكس على الجنيه وتقويته أمام العملات الأجنبية الأخرى ؛ فالسودان لديه ميزة نسبية كبيرة فيما يتعلق بصادرات الثروة الحيوانية فالعام الماضي شهد تصدير (4.6) مليون رأس من الضأن وبالطبع فإن عائد الصادر من هذه الكمية التي تم تصديرها يعتبر مبلغاً ضخماً
*ولكننا لم نتجه للصادر المصنع من اللحوم حتى تكون القيمة مضاعفة؟.
نعم لابد من الاتجاه لصادر اللحوم المصنعة، فدول مثل البرازيل وإنجلترا والهند وباكستان.. هذه الدول اتجهت منذ فترة إلى التصدير المصنع وليس الحي ،ومن هنا ندعو إلى ضرورة الاتجاه إلى الصادر المذبوح والمصنع من الثروة الحيوانية حتى تكون القيمة مضاعفة
* ندعو للصادر المصنع من الثروة الحيوانية ومسالخنا غير مؤهلة كما لابد من تأهيل البني التحتية؟.
فلابد كما ذكرتِ من ضرورة تأهيل المسالخ ، بالإضافة إلى إنشاء مسالخ حديثة وثلاجات تخزين حديثة أيضاً.. فآيرلندا تصدر اللحوم لمصر بثلاجات تخزين حديثة ،فحتى وأن تأخر الصادر لأي سبب من الأسباب، فإن الكميات المشحونة لا تتأثر لكونها محزنة بطريقة حديثة
إذاً لابد من الاتجاه للتخزين الحديث بمعنى (إذا لقينا صادراً نصدر وإذا لم نستطع نخزن) مع ضرورة توفير أجهزة المناولة المبردة.
* ونحن نتحدث عن ضرورة زيادة الصادرات لدعم إيرادات الدولة فإن الموازنة العامة للدولة تعتمد اعتماداً أساسياً على إيرادات الجمارك والضرائب .. فلماذا لا تكون هنالك منافذ أخرى للإيرادات ؟.
الموازنة تعتمد على الضرائب والجمارك والرسوم المصلحية وعائدات الاستثمارات الحكومية والقيمة المضافة ،ثم القروض والمنح ، فالضرائب المباشرة من المفترض أن تكون (نمرة واحد) لزيادة الإيرادات ،ثم الاهتمام بالصادرات وعائداتها وفتح أسواق جديدة ومنافذ للتسويق مع تنوع الصادرات والاتجاه إلى الصادرات المصنعة من القطن ، فالقطن لابد أن يتم تصديره في شكل (خيوط) ،وكذلك الجلود لابد من تصنيعها بدلاً من أن يتم تصديرها خام وكذا الصمغ.
* هل ترى أن المخرج الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية هو زيادة الصادر مع زيادة الإنتاج؟.
المخرج الوحيد هو زيادة الصادرات وتقليل الصرف والإنفاق الحكومي وإيقاف الاحتفالات، وزيادة الإنتاج فعندما يزيد الإنتاج فإن التضخم سينخفض، وأيضاً زيادة إنتاج السلع الاستراتيجية والتي تنتج محلياً كسلعة السكر مثلاً، ومعرفة الإنتاج الحقيقي من السكر ،فالأرقام التي (تخرج) عن الإنتاج في كثير من الأحيان لم تكن حقيقية ،وهنا تأتي مسئولية الجهاز المركزي للإحصاء ،وعليه أن يوضح حتى الناتج القومي، وذلك حتى يتم التعرف على الإنتاج الحقيقي الذي يبنى عليه معرفة الإنتاج والاستهلاك ومن ثم تحديد الفجوة.
*الإحصاء مهم حتى في معرفة الاعتداء على المال العام والأرقام الزراعية بشقيها النباتي والحيواني؟.
أيضاً ينطبق هذا على الزراعة والثروة الحيوانية لمعرفة الإنتاج فلابد من خبراء في الإحصاءات المتعددة حتى يكون الرقم الذى يخرج من الجهاز المركزي للاحصاء هو الرقم المعتمد، فالأرقام لابد أن تخرج من (حتة واحدة) ،فالمساحات المزروعة يجب أن تكون معروفة حتى يتم البناء عليها في معرفة الإنتاج ، فالإحصاء الزراعي لابد أن يوضح الأرقام الحقيقة عن المزروع والمنتج .. فهذا ليس بالصعب بل يجب القيام به عن طريق طائرة تحلق في سماء القضارف مثلاً وترصد المساحات المزروعة ،و(ناس) المساحة (زمان) كان عندهم طائرة، أما الآن فالكاميرات يمكن أن ترصد ،كذلك لابد من الاتجاه إلى تعبئة المحاصيل بطريقة حديثة بدلاً عن الخيش الذي ارتفعت أسعاره الآن بالإضافة إلى الاتجاه إلى الصوامع المتحركة ؛ فمسئولية الجهاز المركزي للإحصاء تعتبر كبيرة ،فحتى المراجع العام عندما يقدم تقريره .. يقدّم تقرير عام سابق ويكون الناس (نسوا) فهذه تسمى (مراجعة تاريخية) ،فلابد أن تكون المراجعة يومياً (اليوم باليوم) و(الشهر بالشهر) ،وليس بعد انتهاء العام ،فهذه ليست عملية صعبة في عهد الكمبيوتر والحوسبة ،ففي الماضي كانت كل هذه العملية تتم بقلم الكوبية
* وأنت خبير معروف حدثنا عن سلبيات التجنيب ومدى انعكاسه على الموازنة العامة للدولة؟.
التجنيب لجأوا إليه بعد أن امتنعت وزارة المالية عن إعطائك كل ما تريد من ميزانية ،فعندما تلتزم وزارة المالية بذلك فإن كل إيرادات الوزارات والمؤسسات ستذهب للوزارة.
*الشراكة مع القطاع الخاص .. هل يمكن أن تؤدي إلى تحريك القطاعات الإنتاجية؟.
ولو كنت مسئولاً لن أسمح بأن تأتي شركات أجنبية تنقب عن الذهب في السودان فلابد من مراقبة دقيقة للعمل في مجال الذهب والبترول، فالسودان الحمدلله غني بموارده وبكوادره البشرية ، فالاستثمار النفطي لابد أن يكون من مسئولية وزارة النفط ،لماذا يأتي أجانب وينقبوا عن ذهبنا؟ هنالك أكثر من (80) جنسية تعمل في مجال الذهب وذلك على حسب تصريحات والي ولاية نهر النيل .. فلابد أن يخرج الأجانب من التنقيب ..فالأرقام التي تقول بأن إنتاجنا من الذهب كذا وكذا وقد لا تكون هذه الأرقام حقيقية؛ فالذهب إذا ما وجد الاهتمام الكبير سيكون من منافذ الإيرادات الكبرى.
* وماذا عن ثروة الأسمنت؟.
لدينا ثروة هائلة من الأسمنت ، فهو أيضاً لم يجد الاهتمام الكافي ولم نوفر له المعينات من طاقة ووسائل نقل، فهنالك (6) مصانع للأسمنت بالبلاد يفترض أن تنتج في اليوم (24) ألف طن بواقع (4) آلاف طن لكل مصنع من المصانع الـ (6)، فالمصانع الآن تعمل بأقل من طاقتها الحقيقية.
* مشكلة السيولة ما زالت قائمة بالرغم من طرح الفئات النقدية الجديدة؟.
السيولة مسئولية بنك السودان المركزي .. أين ذهبت قروش الناس؟.
* الاستثمار ، ما زال دون المستوى المطلوب بالرغم من التسهيلات التي تمت؟.
أجل ،فالاستثمار ما زال ضعيفاً، وبحاجة للبنى التحتية الأساسية ومناخ آمن وحرية في تداول النقد وتوفيره
*إنتاج البلاد من النفط تدنّى ، كيف يمكن أن نزيد من الإنتاج؟.
الاستكشاف النفطي بحاجة إلى توفير الموارد ،بعد أن يتم إعداد الدراسات اللازمة وعمل ميزانية للاستكشافات النفطية خاصة وأن السودان غني بالمهندسين الأكفاء والشركات المميزة في هذا المجال وما في أي سبب (يخلي) (إنو) يكون ما عندنا نفط ،فقط لدينا أزمة إدارة موارد فإذا ما تم استغلالها فإن المشاكل كلها ستنتهي
*ثم ماذا بعد؟.
السودان مليء وغني بالموارد ،وأولادنا (شطار) ، ..أولادنا (بَرّه) ناجحين في كل المجالات التي توكل إليهم … فيجب استغلال هذه الطاقات واستغلال الأراضي الخصبة والمياه المتوفرة في فصل الخريف والأودية في بعض الولايات ،فولاية نهر النيل على سبيل المثال بها إمكانيات ضخمة من مياه الأودية ،فوزارة الزراعة يجب أن تستفيد من كل المياه ،بالسهول والأدوية واستغلالها من أجل التوسع الزراعي.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية