تقارير

النوّاب أبدوا قلقهم في جلسة مجلس تشريعي جنوب دارفور : الاعتداء على المال العام .. آفة الحكم الراشد..!!

يعدّ الاعتداء على المال العام، وعدم قدرة مؤسسات حكومية على الأداء، من أبرز القضايا والآفات التي تواجه تطلعات تحقيق شعار الحكم الراشد، لذلك فإن الأجهزة التشريعية المراقبة لأداء الوحدات الحكومية كثيراً ما يعلو صوتها بالنقد لأداء وحدات حكومية، والمطالبة بالتصدي للمعتدين على المال العام، وأن يعمل الجهاز التنفيذي على تقليل نسبة المال المعتدى عليه. وإن كان الحديث يأخذ مسارات متعددة، لكنه يصب في ضرورة إحكام السيطرة على الإنفاق العام..
وهذا ما حدث في جلسة مجلس ولاية جنوب دارفور التشريعي، التي أجاز فيها الموازنة المالية للعام (2013)م وعدد من القوانين المصاحبة للموازنة، حيث أعرب عدد من أعضاء المجلس عن قلقهم من حالات الاعتداء على المال العام وتجاوز وحدات حكومية للقوانين المالية التي يسنها المجلس. وأشار بعضهم إلى أن هناك محليات صارت جزراً معزولة وبعيدة عن الرقابة، موضحين أن بعض المعتمدين يفعلون ما يريدون بالمحليات دون أن يكون هناك رقيب عليهم، وطالبوا والي الولاية بضرورة إعلان قيام المجالس التشريعية المحلية لتلعب دوراً رقابياً على أداء حكومات المحليات.
لكن وزارة المالية والاقتصاد والخدمة العامة بالولاية تسعى في اتجاه آخر يصب في ذات الاتجاه لتحقيق مسؤولياتها في الولاية على المال العام بالولاية، وذلك باعتماد تطبيق أنظمة المعلوماتية والاتصالات في بعض الأعمال الإدارية للوزارة ووحداتها، وتمثل ذلك، في أبرز صوره، في إنشاء (مركز المعلومات والاتصالات والتوثيق للحكم المحلي)، الذي يهدف إلى ربط الولاية بشبكة معلومات يتم خلالها تداول تقارير الأداء المالي والإداري ومستوى تقديم الخدمات التنموية بمؤسسات الولاية كافة. وأشار وزير المالية بالولاية الأستاذ “آدم محمد آدم” إلى إن المركز – الذي سيتم تدشينه قريباً – يسعى إلى ربط المحليات مع رئاسة ديوان الحكم المحلي بالأمانة العامة لحكومة الولاية من جهة، ورئاسات الوزارات بالمحليات من جهة أخرى، بالإضافة إلى خدمات متعددة أخرى، وذلك من شأنه تحسين مستوى تدفق التقارير الإدارية وغيرها في مسارات متعددة، لتتم بعدها المقارنة بينها للحصول على أدق التفاصيل حول الأداء المالي والإداري لمعالجة الخلل الذي يصاحب الأداء.
وقال منسق برنامج الولاية للمعلوماتية م. “عبد القادر علي عيسى” إن هذا الخلل يمكن التغلب عليه عبر هذا المركز الذي أنشئ لخدمات وأهداف متعددة، أحدها الإسهام في تجويد الأداء الإداري العام، فضلاً عن أن المركز سيكون له مستقبل مهم لكونه يمكن أن يصير (بنكاً للمعلومات) ووحدة جيدة للتحليل والتقييم واستنباط مؤشرات مهمة تصب في صالح تجويد الأداء وتطوير مؤسسات الحكم المحلي والولاية ككل، مشيراً إلى ضعف تدفق التقارير الإدارية وغيرها من المحليات إلى رئاسة الولاية، علاوةً على افتقارها للدقة، وفي الوقت ذاته ليست هنالك أية طريقة للحصول على التأكيدات حول صحتها. وقال إن هذا المركز أيضاً ينهي ضرورة التنقل من المحليات إلى الولاية لأغراض إيصال التقارير أو حتى نقل كشوفات مرتبات العاملين التي قال إنها تأخذ جهداً بشرياً ولوجستياً ومالياً كبيراً للترحيل والتنقل بين محليات الولاية الـ(21)، فضلاً عن إهدار الوقت والمخاطر التي تصاحب هذه العملية. وقال: إذا ما حالف تطبيق المعلوماتية في المشروعات الأربعة التابعة لوزارة المالية النجاح، فإنه يمكن أن يتوفر لخزينة الولاية ما لا يقل عن (4) ملايين جنيه خلال العام 2013م يمكن أن توجّه لأغراض أخرى.
وتؤكد وزارة المالية بالولاية ضرورة رفع قدرة وكفاءة مؤسسات الحكم المحلي المتمثلة في الديوان والمحليات إدارياً وتقنياً، باعتبارها أهم مستويات الحكم وتقديم الخدمات المباشرة للمواطن، وأشار وزيرها “آدم محمد آدم” إلى إكمال إنشاء مركز المعلومات والاتصالات والتوثيق للحكم المحلي في مرحلته الأولى، التي تعقبها المرحلة الثانية ممثلة في قيام وحدات المعلومات والاتصال بالمحليات بكامل المستلزمات من الأجهزة والمعدات اللازمة والتدريب للقوى البشرية العاملة، بالشراكة مع شركاء الوزارة في إطار مشروع (الحكومة الإلكترونية) والحكم الراشد. ومن المتوقع أن يُستكمل تطبيق خدمات مركز الحكم المحلي خلال الربع الأول من العام 2013م. وشدّد وزير المالية على أهمية رفع القدرة والكفاءة لدى مؤسسات الحكم المحلي وعدّها من أهم دعائم إدارة تنفيذ الخدمات الأساسية ومشروعات التنمية كافة بالمحليات والولاية. وأشار الوزير إلى أن وزارته تهتم بمشروعات تطبيق المعلوماتية لتأثيرها المباشر على الأداء المالي والإداري والرقابي – على حد قوله – وأضاف: (لذا أنشأنا إدارة متخصصة بوزارة المالية تعنى بشؤون المعلوماتية وتطبيقاتها بالوزارة ووحداتها)، وقال إن العمل قطع شوطاً في إنشاء عدد من المراكز ذات الأثر أو التأثير المالي والإداري تتمثل في (مركز معلومات الحكم المحلي، مركز معلومات التخطيط التنموي الذي أنشئ بالتعاون مع: (UNDP)، مركز خدمات تعويضات العاملين، ومركز التدريب عن بعد)، إلى جانب الدخول في مضمار المعلوماتية للإسهام في ضبط الجوانب المالية والإدارية بمؤسسات الولاية، علاوة على تشكيل حكومة الولاية لجنة برئاسة وزير المالية سمّتها لجنة (الرقابة على المال العام).
وبدا الوزير أمام المجلس مطمئناً بأن المتابعة والرقابة على المال العام في العام 2013م ستكون أفضل من الأعوام السابقة، ويبدو أن والي الولاية الأستاذ “حماد إسماعيل” يعوّل هو الآخر على الخطوات التي اتخذتها وزارة المالية لضبط الأداء المالي والإداري استعداداً للدخول في العام المالي الجديد، وتعهد بتقليص حالات الاعتداء على المال العام، وأشار إلى أن هناك خروقات واختراقات يقوم بها الصغار والكبار – على حد تعبيره – لكنه أكد أن تلك الخروقات سيتصدى لها إلى أن تصل الولاية إلى مرحلة مثالية في مجال ضبط المال العام بالولاية.
لكن البعض يرى أن تحوُّل الولاية للاستفادة من تطبيق المعلوماتية في تسيير دولاب العمل الإداري في بعض مؤسسات الدولة، قد يتعارض مع مصالح بعض المستفيدين من الوضع الحالي، الأمر الذي يضع هذه المشروعات أو مشروعات التحول الرقمي بالولاية في تحدٍ بأن تكون أو لا تكون.. ويتطلب الأمر، حسب مختصين، وقفة حاسمة ودعماً من قبل قيادات الأجهزة التنفيذية السياسية والتشريعية بالولاية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية