بكل المقاييس فشل الموكب الذي دعا له تجمع المهنيين أمس، وأسماه موكب الرحيل و(الخميس) الأخير، وما إلى ذلك من المسميات البراقة التي تشي بأن هذا الموكب سيكون عاصفاً، عاتياً لن يتخلف عنه سوداني واحد، خاصة وأنه أعلن عن تقدم شخصيات حزبية بارزة له، لكن واقع الحال أكد أن الموكب لم يجد الاستجابة التي كان ينتظرها من دعوا له، ولم يرحل الرئيس ولم تسقط بس، بل ولم يحس مواطن الخرطوم، بأن هناك حراكاً فوق المعتاد وغير الطبيعي أو حتى لافت للنظر، وظلت ضخامة الحشد وعظمته فقط مجرد سيناريوهات على شاشات الهواتف، ودي ذاتها كانت ضعيفة وخجولة ولم تجد مادة تغذيها على أرض الواقع، ليتضح لما سميّ بتجمع المهنيين هذا، أن تأثيره على الشارع السوداني ضعيف، وأن هناك فرقاً بسن التعاطف والتجاوب المطلق، وأنه لن يجد الاستجابة المتوقعة، مش لأن الناس راضية عن الأوضاع الحالية، لكن لأن الشعب السوداني الواعي يعلم أنه لن يكون بأي حال من الأحوال البديل الأنسب والأصلح لقيادة البلاد، ولن يكون في أي يوم من الأيام خيار الشعب المتفق عليه، وبالتالي فإن كان في هذا التجمع عقلاء، عليهم أن يواجهوا الحقيقة المرة، وعليهم أن يعترفوا بأن هذا الحراك فاشل مقارنة بسقف المطالبات الذي رفعوه، ولن يكون أبداً سبباً في تحقيق شعارهم المرفوع تسقط بس، وأن الأدوات التي استخدموها واعتمدوا فيها بالكامل على شبابنا اليافع الذي تحمل وحده الخسارة من رصيد صفوفه، هي أدوات منتهية الصلاحية، والحكومة استوعبتها سريعاً ونجحت في التعامل معها وترويضها كمان، لذلك عليهم أن يعترفوا أيضاً بضآلة حجمهم وتأثيرهم على الشارع السوداني، وموكب (الخميس) كشف هذا الحجم بجدارة، ولم تستجب له جموع المواطنين وعامة الشعب بمكوناته المختلفة الذين واصلو أعمالهم كأن هذه الدعوة وجهت لشعب بوركينا فاسو، أما الحكومة فعليها أن تكون أوعى وأكثر ذكاءً من هذا التجمع ومسانديه من الأحزاب على ضعفها، وتعترف بالمشكلة الكبيرة التي تواجهها، وهي مشكلة اقتصادية بالدرجة الأولى والدولار أمس، كسر حاجز اللا معقول وتعدى التسعين وهو ما اعتبره الأخطر على الحكومة من المواكب ومن الهتافات، لأن الشارع الآن تحت وطأة غلاء فاحش وضائقة معيشية هي الأسوأ، فإن كانت الأحزاب مجتمعة فشلت في إسقاط هذه الحكومة، فإن هذه الضائقة سترمي بها في المحرقة، وبالتالي لا بد أن تقوم الحكومة بإصلاح تسبق به الحراك الهادر الذي يمكن أن تواجه به، وعندها لن تفلح القبضة الأمنية ولا أي قبضة حديدية أخرى، والإصلاح لا بد أن يكون إصلاحاً جاداً وحقيقياً باتخاذ قرارات ثورية وجراحات حقيقية تخرج المواطن من دائرة المعاناة والأزمات المتكررة وإلا ستتعرض سفينة البلد إلى الغرق في بحر لجي، وعندها لن يدفع التمن إلا “محمد أحمد” البسيط، ولن يسدد الفاتورة إلا هؤلاء الشباب من أحلامهم البسيطة وآمالهم الممتدة، وسنعرض بلادنا إلى الاستهداف والاستلاب ونتحسر على وطن حبيب اسمه السودان، لذلك فإن الحل الوحيد والطريق المضيء لخروجنا من هذا النفق، أن نحكم جميعنا صوت العقل والحكمة، وكما قلنا من قبل وسنظل نقول إن الحوار هو الحل الأمثل والأفضل لكل مشاكلنا، وهو ما يجب أن تقتنع به المعارضة وتترك لغة الإقصاء والاستفزاز والتشفي والشعارات التي لا تولد إلا الغبائن والضغائن، والأهم أن تقتنع بأنها لن تسقط الإنقاذ بالفوضى والأكاذيب والشائعات العابرة للقارات على الفيسبوك والواتساب، وعلى الحكومة والحزب الحاكم أن يعلم أن هذا الحوار هو مخرجنا الوحيد من أزمة الحكم، وعليه أن يترك لغة التعالي والانفراد والإحساس بالفرعنة وركوب الراس، لأن التاريخ لن يرحم قياداته إن فرطت في هذا الوطن وفوتت الفرصة في لم شمله وصون إنسانه.
}كلمة عزيزة
غداً أحكي لكم عن موقف تعرضت له في وزارة مهمة، جعلني أتأكد أن بلدنا دي تعاني مشكلة وكارثة حقيقية مفتعلة، سببها بعض الموظفين المرضى بوباء اسمه العرقلة على خلق الله.
}كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء.