ربع مقال

وارسو والعرب والفخ الجديد ..!!

د. خالد حسن لقمان

وفقاً لمؤشرات عديدة وعطفاً علي مجريات الأحداث الدولية والإقليمية وظلالها على منطقة الشرق الأوسط، فإنه أضحى الآن ومن المؤكد أن الدول العربية العشر التي أعلن أخيراً عن مشاركتها في مؤتمر الشرق الأوسط المزمع عقده بالعاصمة البولندية وارسو خلال الأيام القادمة ستضع وبمشاركتها هذه المنطقة العربية برمتها في فخ أمريكي جديد سيحيل الأرض من تحتها إلى برميل من البارود المتفجر .. هذا المؤتمر تم تمريره كتدبير ممرحل من قبل إسرائيل ليعلن كفكرة أمريكية تهدف، وكما أعلنت واشنطن على لسان وزير خارجيتها، لمعالجة قضايا الشرق الأوسط خاصة تلك المتصلة ببلدان الحروب المشتعلة منذ حرب الخليج الثانية، مروراً بمآلات الربيع العربي، ولكن في الحقيقة إن هذا المؤتمر سيكون هو المؤتمر الدولي الذي تعلن وتدشن فيه صفقة القرن التي كان من المنتظر أن تأخذ حيزاً زمنياً أوسع لتنضج معطياتها إلا أن ما قامت به إيران أخيراً من تجارب خطيرة على صواريخها ذات المدى الذي أطاح النوم من عيني تل أبيب قد عجل فيما يبدو بدمج المرحلتين معاً .. ( إعلان التسوية الإقليمية عبر صفقة القرن بمباركة ودعم كبريات الدول العربية ومواجهة إيران عسكرياً قبل أن تفاجئ العالم بتجربة نووية تكون بمثابة قاصمة الظهر لإسرائيل التي ترى في تطور كهذا نهاية لوجودها .. ) .. إلى الآن أعلنت بولندا المستضيفة عن مشاركة(60) دولة على رأسها الولايات المتحدة، وذلك عبر وزراء الخارجية، فيما تم التلميح بحضور نائب الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” .. ومن المفارقات المدهشة أنه وبالرغم من هذه الموافقة العربية الواسعة لحضور المؤتمر إلا أن كبريات الدول الأوروبية امتنعت و تحفظت حتى الآن تجاه مشاركتها، فيما أعلنت بريطانيا مشاركتها فقط من أجل إرسال رسالتها المنددة بما حدث ويحدث في اليمن، أما الفلسطينيون فقد أعلنت معظم فصائلهم رفضها الحضور لمعارضتها للأفكار المتوقع تداولها وأيضاً لرفضها التراص على صعيد واحد مع الذين يسعون لضرب إيران أو إجبارها على تقديم تنازلات كبيرة وظالمة، كما رأى بعض الفلسطينيين في مؤتمر وارسو هذا تغييراً خطيراً لمعادلة الصراع مع إسرائيل من صراع عربي – إسرائيلي إلى عربي – إيراني .. ولعل الأمر الذي يقلق في هذا كله أن ما يتم إعداده الآن في وارسو يجئ في ظل غياب العقل الدولي الذي أفقده الرئيس الأمريكي “ترمب” اتزانه الحافظ للاستقرار والسلم الدوليين مما دفع العالم الآن إلى مرحلة جديدة من سباق التسلح الذي سيكون هذه المرة مدمراً على نحو يخاف معه على مستقبل وجود وحياة العنصر البشري على هذه الأرض ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية