جرس انذار

هل يمتص شارع النيل احتقان شباب الاحتجاجات؟!

بقلم - عادل عبده

الانفجار الغاضب في النفس البشرية من ضنك الحياة وتقليص فرصة طموحات والأحلام الوردية وانسداد الأمل صار السمة البارزة التي يعاني من ويلاتها معظم شباب مجتمعنا، ومن هذا المنطلق تحاول السُلطة أن تجعل من شارع النيل بمثابة الواحة الواقية والظل الوريف الذي يعالج إحباطات هؤلاء المنكوبين والتعساء من الشباب الذين كان لهم دور بارز في التظاهرات والاحتجاجات الماثلة للعيان في المشهد السياسي، فالواضح أن الحكومة تريد فتح مسار قوي في خلق تزاوج بين الحالة الشبابية القاتمة مع الحالة السياسية الغاضبة، على شكل تلاقح يجمع بين الحالتين في إطار خلق واقع جديد يمتص شحن الغضب والإحباطات والاحتجاجات.
هكذا صار شارع النيل في المنطقة الممتدة من كبري توتي إلى كبري القوات المسلحة ساحة تفاؤلية بمنظور السُلطة، كيما يمنح الشباب والمواطنين وبعض السيارة من الزائرين كبسولات علاجية من حمم السياسة إلى جداول الهدوء والسكينة، حيث يوجد في شارع النيل بائعات الشاي والمناظر الخلابة والهواء النقي ومشاهد الغروب والتجاذب الاجتماعي في تدخين الشيشة وتناول المشروبات والأكلات السريعة، فقد عاد شارع النيل إلى الحركة الدءوبة بعد عام من الانغلاق بواسطة معتمد الخرطوم السابق الفريق “أبو شنب” حيث جاءت فكرة عودته من جديد من الفريق أول “صلاح قوش” المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات بالتنسيق مع معتمد الخرطوم الفريق شرطة “محمد أحمد علي”، فالواضح أن الفكرة قائمة على مخاطبة الشباب بتبديل مرحلة السخط والاحتقان من السُلطة إلى مرحلة التهدئة والمرونة معها، بعد عودة الأجواء التي حرمت منهم بقرار المعتمد “أبو شنب”..
بديهي أن شباب شارع النيل لا يمثل شريحة الشباب الواسعة في كافة بقاع البلاد غير أن السلطة ربما أرادت أن يكون شباب شارع النيل بمثابة نقطة انطلاق في تحريك مشروع التهدئة إلى الساحات الشبابية الأخرى بحسبان الوضعية الرمزية والسمعة الواسعة التي يتمتع بها الحراك الشبابي في شارع النيل، علاوة على ذلك فإن القضية الشبابية من الزاوية السياسية تأخذ بعداً واسعاً يحمل المطلوبات الوطنية.. فهل إمكانية قدرة شارع النيل على امتصاص احتقان الشباب سوف تعانق أرض الواقع.. فالإجابة أن القضية مركبة تمثل اشتراطات كبيرة ومواقف متعددة، فلا بد من إدراك ملامح الأوضاع الاحتجاجية في البلاد من نقطة وعي الشباب وجديتهم، والصحيح أن فتح شارع النيل يمكن أن يخفف من مسارات الغلو والشطط والفرمانات القاسية من جانب السلطة، غير أن الطريق طويل لاستقطاب الشباب نحو الاستدارة الكلية مع مقاصد الحكومة، فهنالك جبال من الشكوك والهواجس والتباعد السياسي بينهم وبين السلطة. لا شك أن مراجعات السلطة في فتح شارع النيل تحمل رد اعتبار للنساء بائعات الشاي اللائي يكتسبن رزقهن بالحلال من هذه المهنة الشريفة، وكذلك فإن فتح الشارع يحمل تسريبات من الإضاءة التفاؤلية في دهليز طويل!!

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية