تقارير

اجتماع “القاهرة” المقبل هل ينهي الجدل حول سد النهضة الأثيوبي؟

التباين حوله مستمر

الخرطوم – وليد النور

في خطوة مفاجئة، أعلنت الدول الثلاث (السودان – مصر – إثيوبيا) عن تنسيق بينها وعقد قمة ثلاثية في مصر خلال ثلاثة أسابيع، تضم وزراء الخارجية والري بشأن سد النهضة، وكانت الخرطوم قد استضافت المفاوضات الثلاثية في الثلاثة أعوام الماضية حول سد النهضة، في ظل تباينات كبيرة بين دولتي مصر وإثيوبيا قبيل تولي “أبي أحمد” لرئاسة الوزراء في أديس أبابا، وبدأ نشاطه بحل الخلاف التاريخي مع جارته أسمرا، التي عادت معها العلاقات بعد قطيعة طويلة.
خلال هذه الفترة لم يشهد ملف سد النهضة أي نشاط قبل أن يظهر فجأة في القمة الأفريقية الأخيرة التي انتقلت رئاستها إلى مصر، فما هو الجديد في القمة التي تعقد في القاهرة الأسبوع الأول من مارس القادم، وكانت إثيوبيا بدأت عملية بناء سد النهضة في نهر النيل الأزرق قرب الحدود الإثيوبية السودانية في الحادي عشر من أبريل 2011.
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، بروفيسور “حسن إسماعيل الساعوري” في حديثه لـ(المجهر) إن القمة الثلاثية التي انعقدت في أديس أبابا، هي إعلامية أكثر من كونها قمة عملية، مشيراً إلى أن الاجتماع خلا من الخبراء الفنيين ووزراء الري والموارد المائية بالدول الثلاث، فضلاً عن عدم توقف العمل في السد طيلة الفترة الماضية، وعدم حل المسائل الشائكة بين الدول الثلاث المتمثلة في فترة ملء بحيرة السد وإدارة المياه والتعويضات المحتملة للسودان ومصر جراء تشييد السد حال تضرر بعض الأجزاء، وأكد الساعوري أن مصر في السابق كانت تطالب بوقف العمل في السد وهو ما لم يحدث الآن.
وكان الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” والرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” ورئيس الوزراء الأثيوبي “أبي أحمد” خلال قمة ثلاثية عقدت (الأحد)، بأديس أبابا، على هامش أعمال مؤتمر القمة العادية الثانية والثلاثين للاتحاد الأفريقي، قرروا عقد اجتماع وزاري يضم وزراء الخارجية والري للبلدان الثلاثة في القاهرة، في الأسبوع الثالث من هذا الشهر، من أجل تنفيذ ما اتفق عليه الرؤساء والإعداد لقمة أخرى.
وأوضح وزير الخارجية، د.”الدرديري محمد أحمد” في تصريح صحفي، أن القمة تناولت موضوع سد النهضة والتقدم المحرز حالياً في مجال التنسيق والتعاون بين البلدان الثلاثة في هذا الخصوص، وأضاف أنه تم التفاكر حول الاستحقاقات المترتبة على البلدان الثلاثة في المستقبل لضمان المضي قدماً في العمل بسد النهضة حسب الخطط المتفق والمتعارف عليها، وأهمها “مبدأ لا ضرر ولا ضرار”، وأيضاً اتفق الرؤساء الثلاثة على أهمية أن يتم تشييد السد مع مراعاة المنافع المستحقة للبلدان الأخرى، وكذلك ضمان عدم إلحاق أي ضرر أو أذى بها.
وفي تصريح لوزير الخارجية السابق، بروفيسور”إبراهيم غندور” أن سد النهضة الأثيوبي من شأنه إعادة حصة السودان من المياه إليه، والتي كانت مصر تحصل عليها من قبل عن طريق “السلفة”، وهذا ما يفسر موقف السودان الداعم لإثيوبيا لبناء هذا السد.
وأضاف “إبراهيم غندور” أن مصر تتخوف من سد النهضة الإثيوبي لأنه “سيمكِّن السودان من استخدام كامل حصته في مياه نهر النيل التي كانت تمضي لمصر على سبيل – الدين – منذ عام 1959″، وفقاً لاتفاقية 1959 بالنسبة له خط أحمر”، وعزا غندور تخوف مصر من السد إلى خسارتها نصيب السودان الذي كان يذهب إليها خارج اتفاقية مياه النيل كسلفة، وسد النهضة يحفظ للسودان مياهه التي كانت تمضي لمصر في وقت الفيضان ويعطيها له في وقت الجفاف”.
منحت اتفاقية مياه النيل الموقعة بالقاهرة في نوفمبر 1959، مصر (5.55) مليار متر مكعب من إيرادات نهر النيل السنوية، والسودان (5.18) مليار متر مكعب، لكن السودان لم يتمكن من استغلال حصته كاملة ووافق بمقتضى الاتفاقية على منح مصر سلفة مائية قدرها مليار ونصف المليار متر مكعب تنتهي عام 1977، كما أن تقارير فنية تشير إلى أنه منح مصر حوالي (5) مليارات متر مكعب أخرى بفعل تناقص السعة التخزينية لسدوده جراء تراكم الطمي.
وحول إمكانية استغلال الخرطوم والقاهرة للمياه في مشروعات مشتركة، قال “غندور” إن “السودان عرض لسنوات طويلة جداً مشروعات ضخمة لزراعة القمح في شمال السودان، لكن مصر لم تستجب”، وأضاف أن “إمكانات السودان مفتوحة لاستثمار سوداني مصري لمصلحة الشعبين، مصر يوجد بها مائة مليون نسمة والسودان مساحته كبيرة جداً”.
وفي السادس والعشرين من يوليو 2018م، وُجد رئيس مشروع سد النهضة “سيميغنيو بيكيلي” مقتولاً رمياً بالرصاص، الذي كان يدير المشروع وهو الوجه العام المعروف لسد النهضة الضخم، طوال فترة بناء السد.
وفي أول مؤتمر صحفي عقده “أبي أحمد” خلال أول مؤتمر صحفي له منذ توليه السلطة في أبريل من العام الماضي، أوضح أن “هناك مشكلات تتعلق بالتصميم، حيث لم نتمكن حتى الآن من تثبيت توربين، واستكمال المشروع وفق الجدول الزمني”.
وأضاف أن شركة المعادن والهندسة “ميتيك”، وهي شركة تابعة للجيش الإثيوبي، تتسبب في تأخير بناء مشروع سد النهضة، والذي تبلغ تكلفته خمسة مليارات دولار، فلقد سلمنا مشروعاً مائياً معقداً إلى أناس (شركة المعادن والهندسة) لم يروا أي سد في حياتهم، وإذا واصلنا السير بهذا المعدل، فإن المشروع لن يرى النور”.
وفي مايو من العام الماضي قدم السودان اقتراحاً إلى اجتماع تحضيري للجنة الفنية الثلاثية بحضور وزراء الموارد المائية، يسبق الاجتماع الوزاري الموسع، حتى يتم تيسير الوصول لتفاهمات على خطوات إكمال الدراسات وتنفيذ توجيهات قادة الدول الثلاث بتقديم حل غير تقليدي لملف سد النهضة الإثيوبي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية