تقارير

تعلية الروصيرص .. مشاهد من مطار الخرطوم الي الدمازين

مطار الخرطوم تحول إلى خلية نحل منذ فجر أمس (الثلاثاء) في صالة الحج والعمرة بعد أن تلقى الوزراء ورجال الطرق الصوفية والسفراء والرياضيون وأهل الفن والغناء دعوة وزير الموارد المائية والكهرباء “أسامة عبد الله” للاحتفال بتعلية سد الروصيرص.
أرسلت الدعوات قبل أسبوع، ومعها بطاقات بألوان مختلفة تحدد مكان ما يفوق الألف شخص نقلتهم من مطار الدمازين إلى سد الروصيرص (32) بصاً سياحياً، وقد حددت البطاقات مكان جلوس كل شخص بعد أن تماثل اللون مع لون الكراسي التي وضعت داخل مقصورة مشيدة من الأخشاب وكأنها مقصورة رئيسية في الإستاد، كل شيء كان في ترتيب ونظام، ومن شاشة ضخمة ظل الحضور يتابعون وقائع النقل الحي للتلفزيون القومي قبل وصول موكب رئيس الجمهورية “عمر البشير” ومخاطبته للحضور الذين جاءوا من كل فج عميق ينشدون التنمية في الدمازين والروصيرص وأخواتهما، ويحدثون أنفسهم بتباشير العام الجديد، لعل تعلية السد تضيف إلى آمالهم وأحلامهم بترقية خدماتهم الأساسية واحتياجاتهم.
يقول وزير الموارد المائية والكهرباء “أسامة عبد الله” مخاطباً الحضور:

(نرحب بكم اليوم ونزف عبركم تحياتنا وتهانينا للشعب السوداني رجالاً ونساءً شيباً وشباباً بمناسبة عيد الاستقلال المجيد والذي يأتي هذا العام في ثوب جديد يؤكد معنى الاستقلال الحقيقي لتصدي بني السودان لهذا الوطن وإعماره وتعزيز قدراته، في هذا الاحتفال باكتمال البنى التحتية التي تؤسس لنهضة قادمة، فمرحباً بكم في مشروع سد الروصيرص لتشهدوا معنا هذا الاحتفال باكتمال العمل في المرحلة الثانية منه والذي تعود خلفياته التاريخية إلى افتتاح المرحلة الأولى على يد السيد الرئيس “إسماعيل الأزهري” في ديسمبر من عام 1966م ليمثل أول فقرات الاستقلال العملي والذي ذكر في خطابه وقتها أن مشروع التعلية يجب أن يبدأ مباشرة خلال أعوام ولكن ظل حلماً يراود أهل السودان طيلة (46) عاماً من الزمان إلى أن هيأ الله الأسباب ليبدأ العمل فيه بوضع السيد الرئيس “البشير” حجر الأساس في العام 2008م إيذاناً ببداية مشروع التعلية، وكان للوقفة الكريمة من مؤسسات التمويل العربية والإسلامية والعالمية ووزارة المالية والاقتصاد الوطني القدح المعلى في تذليل صعوبات التمويل. فلهم منا التحية والتقدير).
ويضيف الوزير: ( إن مشروع التعلية مشروع متفرد صاحبته كثير من التحديات الفنية إذ إن من النادر جداً أن ينشأ سد جديد على سد قائم وبعد فترة تزيد على الأربعين عاماً .. الشيء الذي تطلب عملاً فنياً دقيقاً لتحقيق الربط في الخرسانات والردميات الحديثة والقديمة، إضافة لتأهيل الأعمال الهيدروميكانيكية ورفع المعدات (الرافعة للمنسوب الجديد) وقد تم كل ذلك بنجاح تام والحمد لله مما أكسبه التميز في الكيف والكم حيث إنه السد الأطول من نوعه في العالم).
وقال أسامة عبد الله موجهاً خطابه للبشير: (إن هذا الإنجاز المتفرد جاء ترجمة صادقة وإنفاذاً لبرنامجكم الذي قدمتموه للشعب السوداني في مطلع ولايتكم هذه استكمالاً للنهضة المنشودة للسودان وتأكيداً لمعاني الاستقلال وتحريراً لإرادة الأمة بما نجنيه من فوائد اقتصادية وتنموية بتعلية هذا السد التي تتعاظم وتزداد يوماً بعد يوم، إذ سترتفع السعة التخزينية في بحيرة السد من (3) مليارات إلى (7.4) مليارات متر مكعب، ويزداد التوليد الكهربائي من الوحدات القائمة بنسبة (50%) بدون أي تكلفة إضافية حيث تزيد كمية الطاقة من (1200) قيقاواط ساعة في العام إلى (1800) قيقاواط ساعة في العام، ويتحسن التوليد الكهربائي في مشروعات السدود القائمة في سنار ومروي والمشروعات المستقبلية على نهر النيل بنسبة مقدرة).
ويزيد “أسامة” بالقول: (أما في مجال الزراعة فإن التعلية ستؤمن الاحتياجات المائية للمشروعات القائمة على النيل الأزرق ونهر النيل إضافة لزيادة الرقعة الزراعية بالمنطقة بحوالي مليون فدان أخرى في مشروعي كنانة والرهد التي نشهد اليوم التوقيع مع المقاول الصيني على عقد تنفيذ المرحلة الأولى لقناة الدندر، إضافة للنقلة النوعية الكبيرة في حياة المواطنين المتأثرين ببحيرة المشروع والذين تمت إعادة توطينهم في مدن جديدة مزودة بخدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم وما ينتظرهم من مستقبل زاهر في مقبل أيامهم مع كثير من مشروعات التنمية التي تمت بالولاية).
ويشير “أسامة” إلى أن هذا الإنجاز يمثل لوزارة الموارد المائية والكهرباء دفعة حقيقية وزاداً معنوياً للمضي قدماً في طريق الإنجاز وبداية العمل في مشروعات أخرى يجري التخطيط لها إقامة للسدود على نهر النيل لإنتاج الطاقة الكهربائية في الشريك وكجبار وغيرها من مشروعات السدود الأخرى وما يتبعها من مشروعات ري كبرى، وبناء الحفائر والسدود على الوديان الكبيرة والصغيرة لحصاد مياه الأمطار والاستفادة منها في جميع أنحاء السودان، والعهد والوعد لهذا الشعب الأبي في ذكرى الاستقلال المجيد ألا يغمض لنا جفن ولا يرتاح لنا بال إلا وقد توظفت المياه في السودان لخير الأمة ولصالح المشروعات الوطنية لتنبت أرضنا الطيبة من كل زوج بهيج، وثقتنا في الله ماضية بدوام الإعانة وحسن التوفيق والسداد).
ويختتم قوله:
(لقد جاء مشروع التعلية كواسطة العقد بين مشروع سد مروي ومجتمع سدي أعالي عطبرة وستيت والتي تمثل ثلاثتها أولويات السودان في مجال السدود الكبرى كبنى تحتية مهمة لإحداث النهضة القادمة للسودان، حيث توفير الكهرباء والمياه لدفع عجلة التنمية.. وإن ما أحدثه مشروع سد مروي من زيادة للرقعة الكهربائية واستقرار للإمداد الكهربائي أمر واضح لا تخطئه العين وتزداد تلك المنافع بافتتاح التعلية اليوم واكتمال مجمع سدي أعالي عطبرة وستيت غداً عن شاء الله).
(الشكر في أسمى معانيه إلى السيد اللواء الركن “الهادي بشرى” والي الولاية وأعضاء حكومته والمجلس التشريعي بالولاية.. والوفاء أعظمه إلى إنسان هذه الولاية المعطاءة ونخص منهم بالذكر الأخوة المتأثرين ببحيرة المشروع وأعيانهم ومشايخهم الذين تعاونوا معنا لإنجاز هذا العمل).
(والعرفان في كامل حليته إلى مؤسسات التمويل العربية والإسلامية والعالمية:
الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
البنك الإسلامي للتنمية – جدة.
الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
الصندوق السعودي للتنمية.
صندوق الأوبك للتنمية الدولية
صندوق أبو ظبي للتنمية
وزارة المالية والاقتصاد الوطني.. لما قدمتموه من عطاء سخي بتوفير التمويل اللازم لهذا المشروع.. وأسمى آيات الشكر نسوقها لكل الوزارات الاتحادية ومؤسسات الدولة والشركات الوطنية والعالمية التي قامت على تنفيذ المشروع، ونخص بالتقدير شركة (smec) الأسترالية وشركة (lahmeyer) الألمانية وشركتي (cwe) و(sinohydro) الصينيتين .. والشكر موصول للخبراء الوطنيين في لجانهم الفنية المختلفة المحلية منها والعالمية، وللمهندسين والعاملين والعمال الذين زادونا ثقة في مقدرات أبناء الوطن إذ واصلوا الليل بالنهار ليتم هذا العمل في موعده المحدد له وفي صورته المثلى.
والشكر والتقدير إلى كافة الأجهزة الإعلامية من القنوات الفضائية والإذاعات والصحافة السودانية والعالمية التي جعلت من المشروع بشارة خير للشعب السوداني، وعنواناً لتفرده، وعلامة لمستقبله الواعد الزاهر بإذن الله .
والشكر يساق إليكم فخامة السيد رئيس الجمهورية وإخوانك في سدة القيادة على الرعاية والمؤازرة والمساندة، فقد كنتم الأمل والسند الذي يشد من عضدنا كلما اشتدت علينا الصعاب.. وكانت توجيهاتكم هي الزاد لاستمرار المسيرة.. والعهد والوعد أن لا ترى منا سيدي الرئيس إلا ما تقر به عينك وترتفع به هامة السودان عالية بين الأمم.
والشكر من قبل ومن بعد لله رب العالمين الذي عزز المسيرة بالتوفيق، وكلل المسعى بالنجاح، وله الحمد مبتدأ وختاماً، وله الحمد ملء السموات والأرض وله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
جاء إلى الاحتفال أمين أمانة الأمن والدفاع بالمؤتمر الشعبي المعارض محمد الأمين خليفة، وكذلك الفريق صديق إسماعيل من حزب الأمة القومي.
وزير الري السابق كمال علي يحكي لـ (المجهر) زيارته للروصيرص عندما كان طالباً
وزير الري السابق كمال علي قال لـ(المجهر) قبل بدء الاحتفال إن تعلية سد الروصيرص مشروع تنموي يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السودان من حيث إن تخزين 4 مليارات متر مكعب من المياه فوق ما كان عليه في المرحلة الأولى، ستدعم القطاع الزراعي بمشروعاته القائمة على طول النيل الأزرق سواء في ولايات سنار والجزيرة والخرطوم ونهر النيل والشمالية، وستؤدي إلى زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية المائية المولدة من خزان الروصيرص التي أنشئت في السبعينات والآن ستزيد هذه الطاقة بنسبة 50% وهذه زيادة كبيرة، وسيكون هنالك تحولاً كبيراً وستؤدي إلى زيادة التوليد الكهربائي القائم في سنار ومروي، وسوف تمكننا من تنفيذ الخطة الشاملة في موضوع استغلال ما تبقى من حصتنا من مياه النيل خصوصاً فيما يتعلق بمشروعي ترعتي الرهد وكنانة ، وأضاف :” وبخصوص أوضاع المواطنين في ولاية النيل الأزرق التي زرتها عام 1961 لأول مرة حينما بدؤوا العمل في تنفيذ خزان الروصيرص ووقتها كنّا طلاباً في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم نأتي لنتعرف على مراحل العمل المختلفة، وأوضاع المواطنين في هذه الولاية الآن أحسن بكثير جدًا مما كانوا عليه نظرًا لما أحدثه خزان الروصيرص في مرحلته الأولى وفي مرحلة التعلية، والاحتفال بتعلية سد الروصيرص مع الذكرى الـ57 لعيد الاستقلال إنما يمثل حدثاً هاماً ويربط مدلول الاستقلال بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. العمل في السد بدأ عام 1961 بعد التوقيع على اتّفاقية مياه النيل 1959، والدراسات نفسها حول الخزان ومشروعات السودان للري بدأت منذ أوائل الخمسينات، واستمر العمل من 1961 وحتى العام 1966 وكان الرئيس إبراهيم عبود قد وضع خطة عشرية لتشييد الخزانات بما فيها خزان مروي أيضاً، ولكن عهد عبود انتهى وكان هنالك تلكؤ في تنفيذ الخطة العشرية في تلك الفترة ونحمد الله الآن اكتملت تعلية الخزان، وكل العهود كان لها دور كبير جداً في أن تجعل من الاستقلال استقلالاً حقيقياً بمعنى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعن خطر الفيضانات قال:” من المؤكد عندما تأتي موجة عالية من الفيضانات الخزان سيخزن جزءًا منها وتمر كميات وهذه التعلية تكسر حدة الفيضانات إلى حد ما.”
الرئيس عمر البشير: خطاب سياسي لحاملي السلاح بأبيات الشعر
ده يوم من أيام الحمد نحمد الله سبحانه وتعالى على نعم كثيرة وأولى هذه النعم نعمة الإسلام، ونحمده أن جعلنا مسلمين ومن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، صلوا على رسول الله، ونحمده أن جعلنا من أهل السودان ، أهل العزة والكرامة والشهامة، نحمده أن جعلنا من بلاد ناسا في أول شيء مواريثهم كتاب الله….وخيل مشدود،وسيف مسنون حداه درع،وتقاقيبهم تسرج الليل مع الحيران وشيخ في الخلاوي ورع. نحمده أن جعلنا من ناس تكرم الضيف وحتى الطير يجيها جيعان من أطراف تكيها شبع” ، وتابع الرئيس :” واااا أسفاي وا مأساتي وا ذلي لو ما بقيت من زي ديل وأهل الحارة ما أهلي.
وحيّا الرئيس رواد الحركة الوطنية على رأسهم الزعيم إسماعيل الأزهري، ووجه التحية لمن وقف خلف إنجاز تعلية سد الروصيرص من عهد الرئيس إبراهيم عبود إلى شباب وحدة تنفيذ السدود، وأوضح أن مشروع تعلية سد الروصيرص سيعود بفوائد جمة على أهل منطقة النيل الأزرق بصفة خاصة والسودان على وجه العموم، وقال :” كهرباء الروصيرص يستفيدوا منها أهلها لأن الزيت إذا ما كفى أهل البيت ما بمشي على الجيران.أعرب عن امتنانه لتعاون صناديق التمويل العربية في دعم مشروع التعلية مبيناً أن هذا المشروع انتظر خمسة عقود حتى كلل بالنجاح في العام 2013م. وقال الرئيس:” عايزين نحتفل قريب بأن ولاية النيل الأزرق خالية من التمرد وخالية من كل من يتجاوز القانون، والتحية للشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل العرض والأرض.” وأضاف بالقول :” نسأل الله أن يرد أبناء البلد الغائبين، بنقول ليهم : تعالوا ، البلد دي كبيرة وغنية وواسعة وتسع كل الناس، وما في داعي لحمل السلاح ونحن بنفذ في مشروعات زي دي، لأن التمرد هدفه إيقاف التنمية ونحن ح نستمر كلما حاولوا تعطيل مشروع ح نرد عليهم بمشروع آخر إن شاء الله ، وقريب ده ح نحتفل بسدي أعالي ستيت ونهر عطبرة، وبعدها سيبدأ العمل في الشريك وكجبار، ونحن وقعنا على مشروع لري مليون فدان. ودعا الرئيس أهل السودان للوحدة وقال:” نحن أمامنا مشروع الدستور الدائم، ونحن دعونا كل القوى السياسية وكل منظمات المجتمع المدني وأغلبهم لبوا الدعوة، وبنقول للناس الما شاركوا :” هلموا إلينا” ، والباب مفتوح والمشاركة مطلوبة، لأن هذا عمل وطني ما في حجر على رأي، ما في عزل لزول والدعوة مفتوحة لكل الناس حتى الناس الحاملين السلاح بنقول ليهم تعالوا نتفق على كيف يحكم السودان وكيف نحافظ على الوطن موحد إن شاء الله.”
جدد الرئيس حرص السودان على الاحتفاظ بعلاقات حسن الجوار مع دولة جنوب السودان.
من جهته أكد اللواء الهادي بشرى والي النيل الأزرق استقرار الأوضاع الأمنية بالولاية وأن اكتمال التعلية أكبر دليل على ذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية