تقارير

خيار رفع الدعم عن المحروقات .. الحكومة في مفترق طرق

الصفوف لا تزال تتمدد

الخرطوم ـ سيف جامع
بالرغم من المصادقة بالصرف من ميزانية العام 2019م ،ورغم ما يصاحبها من عقبات في توفير السلع والخدمات واستمرار صفوف الوقود، إلا أن الحكومة لا تزال صامدة أمام تحديات الوفاء بتكلفة دعم الوقود والخبز التي تكبدها خسائر فادحة.
قال رئيس مجلس الوزراء ،وزير المالية والتخطيط الاقتصادي “معتز موسي” : (إن رفع الدعم عن الخبز يضر بفئة من المواطنين لكن الإبقاء عليه يضر بالوطن)، لذا أبقى على خيار دعم الخبز الذي بلغ حوالي (35) مليون جنيه يومياً ، حسب أخر إفادة لرئيس الوزراء.
ويبدو أن الدولة تتحمل تكاليف كبيرة لتوفير الوقود مما دفع برئيس الوزراء بالتعليق على ذلك خلال لقاء إعلامي عقده مؤخراً بالقول : (نتعامل بتجارة الكسر في الوقود ونشتري باخرة البنزين بقيمة (40) مليون دولار أسبوعياً ونبيعها بأربعة ملايين).
وتوافق معه أيضاً وزير النفط والغاز والمعادن المهندس “أزهري عبد القادر” بقوله إن حجم العجز اليومي في البنزين يبلغ«800» طن متري، بينما الإنتاج اليومي «3200» طن، والاستهلاك «400» طن، وحدد إنتاج الجازولين بـ«4500» طن مقابل «8800» طن احتياجات يومية، بعجز قدره بـ(4300) قال إن تغطيته تتم عبر الاستيراد.
وفي ظل هذه التصريحات الحكومية التي عبرت عن حجم تحمل الدولة لتكاليف دعم المحروقات، انتشر منشور منسوب للمؤسسة السودانية للنفط جاء فيه تعديل أسعار بيع منتج الجازولين التجاري لقطاعي التعدين والصناعة، وقررت التعامل في شراء الوقود بالدولار بالنسبة للبعثات الدبلوماسية والشركات والمنظمات الأجنبية، ولم تؤكد أو تنفي وزارة النفط صحة المنشور المنسوب إليها ، وفقاً لما درجت عليه وزارة النفط فإن زيادة أسعار المحروقات تتم بالتنسيق مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، كما أن الإعلان يتم عبر الأخيرة ، والأمر الذي يستبعد صحة المنشور صدوره في الوقت الراهن حيث تشهد البلاد احتجاجات متواصلة منذ سبتمبر الماضي.
ويعاني السودان من أزمة حادة في الوقود ظلت تطل برأسها من حين إلى آخر، وأثرت سلباً في الأوضاع الاقتصادية بالبلاد عموماً.
وكان وزير النفط “أزهري عبد القادر” أكد أن بلاده ستعاني من عجز في المخزون الاستراتيجي للبنزين والجازولين خلال اليومين المقبلين.
ويقول “أزهري” في حوار سابق مع (المجهر): ( الجازولين يعتمد على المصفاة ونوعية الخام، بمعنى الخام القادم من “الفولة” يوفر لنا (52%) جازولين، لكن النفط القادم من “هجليج” يعطي جازولين أقل، حاجتنا للجازولين أكثر من البنزين، والآن نصدّر قليلاً من البنزين)، مؤكداً أن معدل الإنتاج البالغ (76) ألف برميل نفط يحقق فائضاً من البنزين ، مشيراً إلى تصدير (300) طن في الشهر إلى إثيوبيا، مقابل مد السودان بكهرباء، تناقصت إلى (180) طناً في الشهر.
ويرى وزير النفط أن الحل الجذري أن نتمكن من العودة لإنتاج النفط محلياً، وأضاف (بدأنا زيادة الإنتاج حتى وصلنا إلى مرحلة الحاجة لضخ الأموال للتمويل، تواجهنا صعوبات كما هو معلوم للجميع في الحصول على النقد الأجنبي).
وتوقع الوزير حصول البلاد على رؤوس أموال في القريب العاجل، ليصل الإنتاج إلى (80) ألف برميل يومياً ، وزاد (لقد قمنا بجولات عالمية خلال الأيام الماضية لدعوة المستثمرين، وجدنا إقبالاً كبيراً على السودان).
وتشهد محطات الوقود اصطفافاً شبه ثابت للمركبات منذ حوالي عام للتزود بالوقود، حيث يعاني أصحابها للتزود بالجازولين، ولم تنته هذه الصفوف إطلاقاً رغم سعي وزارة الدولة لمعالجة الأزمة التي انعكست على المواصلات والترحيل للبضائع من وإلى الولايات ، لكن وزارة النفط والغاز والمعادن أكدت اهتمامها المتواصل وحرصها التام على انسياب المنتجات البترولية والعمل على توفيرها قبل وقتٍ كافٍ من خلال جدولة وصول بواخر الوقود على مدى زمني طويل ، بالإضافة إلى متابعة استمرار عمليات التكرير بمصفاة الخرطوم .
وأشارت الوزارة في بيان لها إلى أن انسياب تدفق المنتجات البترولية في تحسن مضطرد وذلك على ضوء حزمة من الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بالتضامن مع الجهات الحكومية ذات الصلة.
وفي تعليقه على إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى رفع الدعم عن المحروقات، قال الخبير الاقتصادي د.”هيثم محمد فتحي” ، إن هيكلة دعم الطاقة أحد أهم خطوات الإصلاح الاقتصادي، ولولا تلك الإجراءات سوف تكون الأوضاع الاقتصادية أكثر صعوبة، ولأن المحروقات من أهم عناصر النشاط الاقتصادي، والتغير في أسعارها يترتب عليه تغيرات كبيرة في هيكل النشاط الاقتصادي ونسبة نموه.
ويوصي “هيثم فتحي” بالعمل علي تحفيز العمل في مجال استخدامات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحديثة ذات الكلفة الأقل وعلى الحكومة أن تعمل على تقديم إعفاءات جمركية وضريبية على الأدوات التي تؤثر على ترشيد استهلاك الطاقة، مع إمكانية منح حوافز ضريبية للمنشآت الصناعية التي تقوم بخفض كلف الطاقة فيها.
وطالب الخبير الاقتصادي “هيثم فتحي” بأن تسعى الحكومة بذلك القرار في إطار تخفيف الأعباء عن الموازنة العامة والبحث عن بدائل أخرى لتقليل الكلفة على القطاع الصناعي، وتعزيز تنافسيته مثل حماية الإنتاج الوطني ومنحه أفضلية في العطاءات المحلية، وإصدار قائمة من الإعفاءات للمواد ذات الاستخدام الأمثل للطاقة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية