في رفرف العُمر الجميل الحنون
كانت الحياة تبدو أجمل ما تكون وفِي أبهى حللها وكامل دسمها ووسامتها وأناقتها كان كل شيء مرتب أفضل ترتيب وكل يجري بنظام وبقدر كاف من العناية والبهاء، كانت الحياة تمضي حلوة ريانة ومسالمة والزمن كان (مبتسم) والليالي جميلة حالمة.
كانت الدنيا كما نود أن تكون في سهولة ويسر ورغد ودعة واكتفاء و أمن وطمأنينة ورخاء
كان كل شيء في غاية عنفوانه وآواره وألقه لأنه (معمول بحب).
كان للعمل وقته وميقاته المقدس وكذلك الدرس له برنامجه وتوقيته المنضبط.
وكان للترفيه أوقاته بأمزجته المختلفة، حدائق ومزارع ومسارح وسينما ورحلات تلطف الأجواء وتغسل الوجدان.
كان التكافل حاضرا منبسطا بين الناس وكانت صلات الأرحام متماسكة في حُب ومعزة وحنان ومكرمات.
كان الغناء العذب والشدو الجميل الحنون وكان “الكاشف وأبو داؤود وإبراهيم عوض وعثمان حسين ووردي وكابلي وزيدان والبلابل ومصطفى سيد أحمد وكان الأدب والشعر والسمر.
وكان الكون أبهج ما يكون،
كانت الرياضة بدورها وفرقها وبمختلف ضروبها وأنديتها متسيدة الساحة وسجلت تاريخا حافلا، وكان “جكسا وماجد ومنزول وبشرى وبشارة وسبت وكمال والدحيش والنقر ورشيد المهدية”.
كان بمديح “المصطفى” صلى عليه وسلم تعبق الأجواء وتصفو ليالي المحبين والعشاق وأهل الطريق.
كان الزمان أخضراً وكان اندياح الزرع وارتواء الضرع وغذاء الروح والجسد حد الاكتفاء.
كان “الخليل” وعازة في هواك ومشروع الجزيرة وبخت الرضا وسكة حديد تهز وترز وصمغ وقطن وسودانير وسودان لاينز وخبز وحبيب وقمر.
كانت لنا أيّام وبطولات وحوبات وموسم هجرة إلى الشمال وعصافير الخريف.
زمان كنّا بنشيل الود وندي الود وفِي عينينا كان يخضر حنانا زاد وفات الحد.
كذلك كنّا.. والآن إلى أين صرنا سبحان مغير الأحوال،
ففي رفرف العمر الجميل الحنون كنّا نحيا على ضفاف الحياة والحُب فأين من عيني هاتيك المجالِ؟.