.. الآن وقد أفسحت الحكومة لنفسها مساحة أمامها لتستنشق عبرها هواءً نظيفاً من بين ما صنعته من سحاب كثيف ومتراكم بعضه فوق بعض من الغاز المسيل للدموع والمهيج للصدور والقابض للقلوب.. ماذا تنوي أن تفعل .. فها هي شوارع الخرطوم العاصمة وحواريها وأزقتها وبقية الولايات قد هدأت وذهب الجميع لمنازلهم وقد أبلغوا رسالتهم واضحة وجلية بل وقوية بجرأتها واستبسالها وفعلها المؤثر.. ماذا سيحدث إذاً من جانب أهل الحكومة بعد هذا المشهد الذي عاشته واقعاً حياً بعد أن تغابت عنه وتلاهت و(عملت رايحة) لسنوات عديدة إلى أن أيقظها هذا الهدير الشبابي القوي بشجاعته وصدقه ووطنيته.. ماذا ستفعلون الآن إذاً يا أهل الحكومة؟.. هل ستمضون في ذات طريقكم المتكابر والمتعالي والمتجاهل لشعبكم ومواطنيكم تاركين الحبل كما هو على الغارب للسارقين والفاسدين والناهبين لأموال الشعب؟ .. هل ستتركون هؤلاء الفاشلين من الولاة والوزراء على المسرح ليقدموا المزيد من أدوارهم الفاشلة والمثيرة للقرف والاشمئزاز والغضب؟.. هل ستتركون مسؤولي الأجهزة التنفيذية المختلفة بمستوياتهم الضعيفة هذه للاستمرار في مهامهم.. هل سيستمر مشروع الجزيرة في غرفة الإنعاش بين الحياة والموت وهل سيستمر تجاهل القطاع الزراعي والقطاعات الإنتاجية الحية المحاربة من قبل هذي القوى الخفية المدمرة لاقتصاد البلاد .. هل ستستمر أرقام إنتاج وتصدير الذهب هكذا بين الحقيقة واللاحقيقة والصدق والكذب والتدليس.. ماذا ستفعلون لإكرام هذا الشعب الذي يعود الآن ورغم آلامه وجراحه النازفة لمساكنه ليعطيكم فرصة قد تكون الأخيرة لكم .. هل ستجيبون؟ .. لا أحد سيسمع منكم هذه المرة كلاماً في الهواء ووعوداً في الفضاء .. فقط على الأرض سينتظركم هذا الشعب بهذه الفرصة الأخيرة لتصحيح المسار وإعادة البناء والنهوض بهذا البلد ليلحق بركب الآخرين من حوله.. فأحذروا أن تضيعوا هذه السانحة الأخيرة ومعها هذا الوطن برمته..