تقارير

قانون النظام العام بين السياسة والعدالة

هل ينهي تعديله الجدل القائم ؟

الخرطوم : وليد النور
في خطوة مفاجئة وجه المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بتعديل قانون النظام العام . القانون الذي منذ إجازته بمرسوم جمهوري أوائل تسعينات القرن الماضي ، أثار الجدل ،ووجد انتقادات شديدة، بداية من داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم ،منها المعركة الشهيرة بين والي الخرطوم الأسبق الراحل مجذوب الخليفة ورئيسة الاتحاد العام للمرأة السودانية “رجاء حسن خليفة” ، حين منع الوالي الفتيات من العمل في محطات الوقود (عاملات مسدس) ،تصدت له حينها رئيسة الاتحاد العام للمرأة السودانية “رجاء حسن خليفة” في العام 1997م ، وبعدها أدخل القانون المجلس التشريعي ، وتمت إجازته وأصبح قانوناً سارياً بولاية الخرطوم .
وجد القانون نقداً من المنظمات الدولية والحقوقية، وحسب خبراء فإن بعض العقوبات التي تفرض على السودان بسبب ممارسة قانون النظام إلا أن بعضهم أشار إلى المادة الأكثر إثارة للجدل هي مادة الزي الفاضح في القانون الجنائي وليس قانون النظام العام. ويرى بعض المراقبين أن تعديل قانون النظام العام أحد الكروت التي تطالب واشنطون بإلغائها حتى يتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب .
وكشف مولانا د.”محمد أحمد سالم” وزير العدل عن تكوين لجنة بالوزارة لمراجعة وتعديل قانون النظام المثير للجدل، بعد أن تبدت مساوئ القانون من خلال الممارسة.
وقال “سالم” في تصريحات نقلتها لـ(المجهر): إن تكوين لجنة مراجعة القانون وتعديله سبقت الانتقادات التي وجهها الرئيس للقانون أثناء لقائه بأعضاء حزبه من الشباب الأسبوع الماضي.وأن التعديل جاء في إطار مراجعة وتعديل بعض القوانين ،وإن لجنة أخرى ستبدأ مراجعة قانون التحلل وذلك في سياق مكافحة الفساد، وعن أداء لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس مؤخراً حول الأحداث التي شهدتها البلاد، قال الوزير، إن اللجنة بدأت عملها فعلياً، وحول وفاة المعلم بولاية كسلا،كشف الوزير عن لقاء يجمعه باتحاد المعلمين الذي زار خشم القربة ووقف على حيثيات وفاة المعلم أثناء التحقيق معه.
وقال القيادي البارز في المؤتمر الشعبي المحامي “كمال عمر عبد السلام” في حديثه لـ (المجهر)، إن قانون النظام العام هو قانون سياسي من الدرجة الأولى ، وإن تطبيقه مخالف للدستور، وظلت الحكومة تستخدمه ضد منافسيها السياسيين ، طيلة الفترة الماضية بيد أنه بعد تظاهرات الشباب التي انطلقت منذ التاسع عشر من شهر ديسمبر في العام الماضي بدأت الحكومة مرغمة في تعديل القانون إلا أن طموحات الشباب أصبحت كبيرة حتى لو تم إلغاء القانون نهائياً .
ونشرت في الشهر المنصرم تصريحات لمدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات الوطني الفريق “صلاح عبد الله قوش” انتقد فيها إغلاق شارع النيل وإغلاق محلات الشيشة في وجه الشباب .وعد ذلك واحداً من الأسباب التي دفعت الشباب للمشاركة في الاحتجاجات التي شهدتها الخرطوم وأربع من الولايات ، وأطلقوا عليها ثورة ديسمبر.
وأمس الأول أصدرت الخرطوم أمراً عادت بموجبه بائعات الشاي للعمل مجدداً في شارع النيل بعد توقف دام قرابة العام.
وصدر قرار منع عمل بائعات الشاي بشارع النيل ،من معتمد الخرطوم السابق “أحمد أبو شنب” وقضى القرار بحظر عمل بائعات الشاي في شارع النيل والشوارع الرئيسية في العاصمة، مع السماح لهن بالعمل في الشوارع الفرعية.وتوزعت بائعات الشاي على شارع النيل (الجمعة) الماضية ، الأمر الذي دعا عدداً من المواطنين للعودة مجدداً للتجمع قربهن.
ووجه المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بعقد مؤتمر قومي لمناقشة قضايا الشباب السوداني، ووضع المعالجات والحلول اللازمة لها وتحليل الواقع الشبابي، كما وجه المكتب بإجراء مراجعات وتعديلات على بعض مواد قوانين النظام العام والخدمة.
وأقر المكتب القيادي في اجتماعه الذي ترأسه رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” والذي انتهى في الساعات الأولى من صباح أمس (الأحد)، وفقاً لنائب الرئيس للشؤون الحزبية، د.”فيصل حسن إبراهيم”، أقر بعد التداول حول الإستراتيجية المعدة لقطاع الشباب للأعوام (2019- 2024م)، بأن هناك قضايا أساسية للشباب لا بد من معالجتها لاستيعاب طاقاتهم، خاصة على مستوى البطالة والتدريب وبناء القدرات.
وأمن الاجتماع على ضرورة تضافر الأدوار في القطاعين العام والخاص لإيلاء المزيد من الاهتمام بقضايا الشباب، بالتوسع في الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية، باعتبارها منصات مهمة لاستيعاب قضايا الشباب.
وأشار د.”فيصل” إلى أن المكتب القيادي للحزب أصدر في اجتماعه العديد من القرارات والتوصيات بشأن تنفيذها على أرض الواقع، وفي مقدمتها الإعلان عن عقد مؤتمر قومي يناقش كافة قضايا الشباب بالبلاد، والعمل على خلق فرص عمل بالاستفادة من التمويل الأصغر، ووضع الاشتراطات المطلوبة لتيسيره عبر المصارف.
وصدر قانون النظام بولاية الخرطوم بتاريخ الثامن والعشرين من مارس في العام 1996م بتوقيع والي الخرطوم الأسبق “بدر الدين طه” ،حسب المرسوم الدستوري الحادي عشر لسنة 1996م، بيد أن المادة التي تختلط على كثير من الناس هي المادة (152/1) من القانون الجنائي لسنة 1991م والتي كلفت شرطة أمن المجتمع بتطبيقها وهي المسؤولة عن لبس المرأة وتحديده إن كان فاضحاً أم لا .
وقانون النظام لولاية الخرطوم يتضمن سبعة فصول وست وعشرين مادة ، خصص الفصل الأول لإحكام تمهيدية والتعريفات والتفسيرات ومكان سريان القانون، وتناولت بقية فصوله المادة (5): لا يجوز إقامة الحفلات الغنائية بدون ترخيص وعدم السماح بالرقص المختلط بين النساء والرجال وضوابط استخدام المركبات العامة وتنظيم أماكن تصفيف الشعر والفصل السابع ، والأخير ينص على العقوبات وهي السجن بما لا يزيد عن خمسة أعوام والغرامة أو العقوبتين معاً .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية