أخبار

خربشات

(1)

نظرت من نافذة الطائرة الصغيرة الكندية المنشأ والتي تتبع لشركة نوفا للطيران أو الصحيح هي ما تبقى من أثر لتلك الشركة التي كانت!! والطائرة التي تستأجرها وزارة النفط لنقل العاملين في شركات البترول من الخرطوم إلى حقول هجليج وبليلة رغم نضوب الإنتاج وأحلام بلادنا قد أجهضت في الانضمام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ولو بصفة مراقب.. لامست عجلات الطائرة الصغيرة مطار بليلة.. الذي (رسمه) المهندس الفذ “دوكة” والطرق والمطارات ترسم ولا تشيد، وقديماً حينما شيدت شركة أدكو طريق الأبيض كازقيل في ثمانينيات القرن الماضي، تغنت الفتيات من بنات كازقيل بأغنية دلوكة تقول كلماتها (سنة يا ولد الأدكو رسمو الظلط).. ومطار بليلة يعيد المرء لسنوات انصرمت وأحداث طواها النسيان.. وحرب شهدنا القاتل والمقتول.. وحملنا على أيدينا الجارح والمجروح.. وسهرنا في معسكر بليلة حتى ساعات الفجر الأولى، والرئيس “عمر البشير” (يحاور) المسيرية أيام الفترة الانتقالية عن بروتوكول أبيي وعودة ولاية غرب كردفان التي ذبحتها اتفاقية السلام من غير قناعة الرئيس، ولكن بموافقته.. كانت حوارات منتصف الليل بين الرئيس ونخب غرب كردفان الرافضين لاتفاق أبيي وتجزئة الولاية معاً يجدون الدعم والسند الإعلامي من أجهزة الدولة ومراكز القوى.. مما شجعها على رفع الصوت عالياً.. هبطت الطائرة في مطار بليلة الذي بدأ موحشاً.. لم نجد في استقبالنا وزير من حكومة الولاية ولا حتى اتحاد الصحافيين بغرب كردفان الذي دعا اتحاد الصحافيين الاتحادي والذي أشركنا والصديق د.”حسن محمد صالح” و”صلاح عبد الحفيظ” كضيوف مرافقين لرئيس الاتحاد “الصادق الرزيقي”.. وربما كان لغياب الوالي “عجب” أيضاً الأثر الكبير في برودة الاستقبال، فالولايات تمشي بأرجل الوالي وتموت بغيابه.. خصص لنا عربتين لنقل الوفد من مطار حقل بليلة الواقع جنوب شرق الفولة بنحو (65) كيلو متراً.. والطريق الترابي يثير الغبار حتى في فصل الخريف.. وبدت بيوت المسيرية حزينة يظللها الفقر.. وشركات البترول قد تمددت في الأرض الرعوية بتربتها الغنية.. أكواخ الفقراء حول معسكرات الشركات ينتظر أن يجود عليها بالماء فقط.. بينما المسؤوليات الاجتماعية لشركات البترول تذهب لجب عميق وجيوب كبيرة منتفخة وسماسرة سياسية يبيعون أي شيء ولا يشترون إلا مصالحهم.

(2)

السائق الماهر يقفز بسيارته برشاقة ويدندن مع أغنية لـ”وردي” تبعث من جهاز التسجيل..

يا الفرهدتي فرح جواي

أنا جملتك بي ألواني

أنا علمتك تاخذي المعنى

من إحساسي وتبقي معاي..

والصحافي الدنقلاوي “ميرغني يونس” يسأل هل الأشجار التي تنبت في الأرض البور تمت زراعتها بأيادي الناس؟ أم نبتت لوحدها.. و”حسن محمد صالح الكباشي” ينظر لشجيرات العرد والأبنوس والقضيم والسرح.. وقليل من الهجليج.. والأخيرة شجرة هجاها د.”محمد الواثق” في هجائياته.. لا أحب بلاد لا ظلال لها يظل النيم والهجليج والعشر!! وتمر السيارة بحقول النفط.. والشعلة المشتعلة تنفث ثاني أوكسيد الكربون في الفضاء نتيجة لاحتراق الغاز.

سنوات طويلة ومناطق إنتاج البترول الذي أخذ في النضوب الآن لأسباب طبيعية ولأسباب تقنية جراء استخدام الشركات الصينية والماليزية لتقنية تنقيب واستخلاص من القرون الماضية، بينما البلاد محرومة من التقنية الغربية بسبب المقاطعة الاقتصادية والعقوبات التي يبحث رفعها هذه الأيام المسؤولون عن ملفات الخارج.. المنطقة التي تنتج البترول تتعرض لخطر التلوث البيئي.. وما يترتب على ذلك من تدمير وتحطيم للغطاء النباتي.. وتفشي لأمراض تصيب الإنسان والحيوان.. وترفض وزارة البترول مجرد الحديث عن الآثار الناجمة عن التنقيب.. ولا يستطيع خبير شؤون البيئة والأغذية أو الطبيب المهتم بصحة الناس “ياسر ميرغني الحاج سليمان” الوصول إلى تلك المناطق البعيدة. ووزارة البترول بعد أن أهدرت المليارات في تعويضات لقيادات لا تشبع من المال، جفت ضروع الوزارة الآن.. وما عادت قادرة على تقديم شيئاً من التزاماتها الاجتماعية.. بل إن (المهدر) من الغاز قد يكفي نصف السودان، ولكن هو المسؤول الذي يقدر ذلك.

(3)

استقبلتنا الفولة (الحميراء) شبيهة الخرطوم بالترحاب.. ولكن الفولة اليوم ليست هي الفولة القديمة مدينة شاحبة ومنذ أن غادر مولانا “أحمد هارون” تلك الديار وقفت شوارع الزلط.. وانفض السياسيون عن ساحات الحكم.. أمانة الحكومة خالية من القيادات أصحاب العمائم البيضاء.. لم يعد هناك صراع حول من يتولى الوزارة.. ومن يذهب معتمداً في الأصقاع البعيدة.. القيادات التي كانت تنشط في المجالس التشريعية اختارت الصمت.. القطبان النيران سيدي شباب الحركة الإسلامية غشاها الكبر.. وأعيتهم الصراعات.. وأصبح كل من د.”عيسى بشري” و”أحمد الصالح صلوحة” نواباً من ولاية الخرطوم في البرلمان.. وانتهى التنافس القديم.. وأخيراً أنصف الرئيس “صلوحة” بتعيينه في منصب رئيس اللجنة الإشرافية لأبيي.. وهو منصب دون مقام الرجل الكبير في انتظار إنصاف د.”عيسى بشري” المخلص الوفي والمقاتل الشجاع.. وزرت في الفولة “شيبون الضوي” رئيس قطاع التنظيم بالحزب.. ومنذ وصولي هرع الشاب  “هيثم الحاج سرير” الذي يحفظ الود القديم والإخاء الصادق لتقديم خدمة (التوصيل).. لم نجد “بشير عجيل” ولا الدكتور “ناصر علي عمر” الذي قذف به إلى أتون محلية غبيش.. وكان وزير المالية والقيادي الشاب “حميدان علي حميدان” في الخرطوم يتوسل لـ”معتز موسى” للمصادقة لغرب كردفان باعتمادات مالية إضافية.. انعقد الملتقى الإعلامي لاتحاد الصحافيين بغرف كردفان وأمانة التدريب في الاتحاد المركزي تبعث بالمحاضرين، ومن بينهم زميلتنا “نجدة بشارة” و”حسن محمد زين” لتدريب (85) صحافياً من ولايات كردفان الثلاث لمدة يومين.. واتحاد الصحافيين بغرب كردفان حديث الولاة ولكنه يمشي على رجليه ويأكل بيده.. ويسعى لخدمة إقليم كردفان يبلغ عدد من الصحافيين في الولايات الثلاث نحو (400) صحافي، وكان في الزمان القريب لا يتعدى جملة الصحافيين العشرة.. كبيرهم الراحل د.”الفاتح النور” والراحل “حسن الرضي”.. ولكن ثورة التعليم من ثمارها أن أصبح للفولة الحميراء اتحاد صحافيين وغداً اتحاد للفنانين والشعراء.. واتحاد للمرأة.. وكل جمعة والجميع بخير.

 

 

 

 

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية