رغم حالة القلق التي تعيشها الخرطوم هذه الأيام، إلا أن مضابط أحوالها لم ترصد انفلاتاً أمنياً في أي حي من الأحياء فوق العادة أو الطبيعي، أو بشكل يدعو للقلق ولم نسمع بجماعة متفلتة هجمت على مركز تجاري أو همباتة قطعوا طريق على مواطنين، وكأن الشارع السوداني محفوظ في أنبوبة اختبار بعيدا عن حالة الغليان التي تحدث في شوارع الخرطوم، وهذا المشهد يؤكد قدر شنو هذا الشعب راقي ورائع يفصل تماما بين احتجاجاته على أوضاع يرفضها، وبين استغلال هذه الظروف لخلق فوضى تعكر صفو المجتمع ولو أن ما يحدث في الخرطوم هذه الأيام تشهده أي مدينة أخرى لحدثت بلاوي وتجاوزات غير مستبعد حدوثها في مثل هذه الأجواء، مما يؤكد أن هذا الشعب لا يشبه غيره وهو عجينة مختلفة وطينة لا تنبت إلا الطيبين، وهم الغالب الأعم، وما سوى ذلك هم مجرد أقلية لا تذكر ولا تؤثر ولعل هذا الانضباط في السلوك وعدم التفلت، يجعلني أقول إن واحدة من أخطاء الحكومة الكبيرة أنها لم تكتشف مكامن الروعة في هذا الشعب، ولربما أنها ارتكبت الخطأ الأكبر بالاستهانة به، خاصة الأجيال الشابة التي واضح جدا أنها أجيال فاهمة (وواقع ليها) وهي أجيال ليست غائبة على الإطلاق عن قضايا شعبها وهمومه، لذلك أعجبني جدا حديث مولانا “عبد الحي يوسف” في خطبة الجمعة الفائتة، والذي استنكر أن يوصف خروج الشباب إلى الشارع على أنه نتاج طبيعي لقفل شارع النيل أو منع الشيشة، اهو زي الفهم ده والاستهانة بمقدرات هؤلاء الشباب سيوردنا موارد الهلاك، والذين خرجوا إلى الشارع لهم ألف عذر في هتافاتهم الصاخبة والغاضبة والساخنة لأنهم جيل ولد في عمق المعاناة لم تقدم له الحكومة أي (سبت) أخضر لتحصد يوم (أحد) أكثر إخضراراً وأكثرهم أحلامه مؤجلة وآماله معطلة وقدراته محنطة لا تجد من يكتشفها أو يفجرها لذلك خرجوا إلى الشارع معبئين بالحنق والغضب والرغبة في تغيير حقيقي يمسح هذه الصورة القاتمة ويحول ليلهم إلى صباح، وبالتالي فإن هذا الشباب الذي قاد الاحتجاجات ودفع فاتورتها من صفوفه لن يفوت عليه تفويت محاولات الالتفاف على حراكه وتحويل بعض المنتفعين والانتهازيين مساره إلى مسار آخر يوصلهم إلى كراسي الحكم أو إلى طاولات المفاوضات حيث (ديل أو نو ديل) وبعدها تعود الساقية لذات اللف وذات الدوران وتهدر تضحيات الشباب ولا بواكي عليها.
الدايرة أقوله إن شعبنا عظيم مافي ذلك شك يستحق أن يعيش بكرامة ويستحق أن يحكم بكرامة لأنه أصل الكرامة.
كلمة عزيزة
الأخ معتمد بحري لا ادري أن كنت تعلم أنه لا يخلو شارع من شوارع بحري إلا وعليه أكوام من النفايات وهو مشهد ما اظن عنده علاقة يالمظاهرات والاحتجاجات وإلا لتحولت باريس لكوشة كبيرة بسبب احتجاجات أصحاب البزات الصفراء.
كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء.