حوارات

القيادي بحزب الأمّة والوزير الأسبق "بكري عديل" في حوار مع (المجهر):

يعدّ الوزير الأسبق “بكري عديل” من أهم قيادات حزب الأمة، وإن منعه المرض والخلافات من ممارسة دوره المطلوب.. وقال “عديل” لـ (المجهر) في هذا الحوار إن أسلوب (الإمام) في إدارة الأمور بالحزب أجبر كثيراً من قيادات الحزب ذات الوزن الكبير على الانسحاب من العمل في أروقة الحزب ومن الحياة السياسية، بالصورة الاحترافية، كما أكد دور شباب الحزب في المستقبل القريب لكي يقولوا كلمة مهمة للتاريخ بخصوص قيادة الحزب، وقال إنه في بيته تصله كل الأخبار عن الحزب سيما الأخبار (التحت تحت)!! وعذر موقف الإمام والحزب تجاه علاجه بسبب ضيق ذات اليد والإمكانيات.. فإلى الحوار وتفاصيله:

{ “بكري عديل” الوزير الأسبق.. متعك الله بالصحة والعافية؟
– مرحباً.. أهلاً وسهلا ناس (المجهر)، أنا مريض عشان كدا أجلت اللقاء دا مرات، والآن جاهز للأسئلة.. وأريد أن أنتهي قبل مواعيد نومي.
{ العمر راح في حزب الأمة؟
– العمر راح في سبيل المبادئ.
{ في غالب الأحيان العلاج بالخارج أفيد وهذا ما يفعله كثير من السياسيين المتقاعدين.. لماذا لا تذهب إلى الخارج من أجل العلاج؟
– ليست لديّ قدرة مالية كي أتعالج بالخارج.
{ أين مؤسسة حزب الأمة وأنت أنصاري عن الآباء والأجداد؟
– حزب الأمة ليست لديه إمكانيات تسمح بذلك.. له قاعدة عريضة ولكن على قدر حالها.. زمان كان في الحزب الممول والمساعد، وحالياً المؤسسات التي كانت تابعة للأنصار وحزب الأمة تعاني من ضعف مالي وإداري.
{ والإمام.. هل يعاني الإمام.. أليس المفروض أن يرعى كبار الحزب ولو بصورة شخصية؟
– الإمام ما عندو ثراء بالقدر الزمان، وحسب معلوماتي عنه فإنه يعيش على قدر حاله ولا تتوفر له المبالغ الهائلة لكي يساعد الناس بالقدر المأمول فيه.. على أي حال، وضع الإمام ليس بالمستوى الذي يوفر متطلبات علاج للذين تقعد بهم إمكانياتهم عن العلاج بالخارج.
{ هل تعذرهم؟
– أعذرهم تماماً.
{ كم يكلف علاجك بالخارج؟
– ما أقدر أقول بالضبط، العلاج في الأردن يختلف عنه في ألمانيا أو الخليج أو فرنسا.
{ كنت وزيراً للتربية والتعليم.. لماذا لا تقوم الوزارة بعلاجك؟
– كم وزير مروا على الوزارة.. لا يمكن أن تعالج الحكومة وزيراً هو الأسبق.
– هل تتابع ما يحدث بحزب الأمة باستمرار؟
– أتابع أي حدث وأي كلام يصلني بدقة وتفاصيل، وأستوعب وأساهم بالرأي، وتصلني الأخبار عن طريق الإخوان.. ما بنقطع منهم.. مريدين وأحبابلً وزملاء وأحزاباً معارضة، الحمد لله البيت عامر..
{ هل تجتمعون يومياً بصدد مناقشة أمور الحزب؟
– تعودت أن أستقبل في بيتي يومياً عدداً من الإخوة المهتمين بشؤون الحزب، وأتابع الصحف، وأنا (في الصورة)، وعلى علم بما يجري في الفعل السياسي المتعلق بالحزب وغيره.
{ حوار أم هي (ونسة ساكت)؟
– هي (ونسة بالحاصل) والأخبار (التحت تحت)، عشان الواحد يكون في الصورة. لذلك من بيتي دا أنا ملم بكل ما يجري في الحزب، فلان مع فلان، والوساطات والتصفيات الباردة.
{ أين مشكلة حزب الأمة؟
– المشكلة في الحزب ليست مستعصية على الحل، وهي عبارة عن تصادم بين طموحات شخصية، واستعرت نيرانها بعد أن انتقلت إلى داخل بيت الإمام.
{ ظاهرة أخرى.. كثير من أولاد الأنصار لا يتورعون عن الإدلاء بآرائهم حول البيت والإمام؟
– أنا كأنصاري أهتم بسلامة البيت وتماسكه، وهذا لأسباب عقدية ووطنية، وأتمنى أن يدرك الجميع خطورة تفكك الحزب.. وهي مشكلة قادة وإدارة للحزب.
{ كثير من قيادات الحزب انزوت وابتعدت؟
– سوء الأحوال اضطرها أن تنسحب وتتجه إلى معايشها الخاصة، بعد أن تعذر عليها الدخول في عراك ليست لها مقدرة عليه.
{ هل يستطيع شباب الحزب تغيير تركيبة الحزب العصية على التغيير؟
– ظهرت طبقة جديدة هي شباب الحزب، وفي الماضي انحصر دورها في ما ترسمه لها القيادات العليا في الحزب، أما الآن فتعلّم  أبناء الأنصار وشبوا عن الطوق متطلعين للقيادة، مثل أولاد الإمام تماماً، ومثل أجدادهم وآبائهم.
{ من تقصد بالقيادات العليا؟
– أقصد الإمام “الصادق المهدي”.. وبسببه صارت المعركة بين أقطاب الحزب أقوى من المعاركة ضد خصومنا السياسيين.
{ الغريب أن كل موضوعات الإمام ديمقراطية؟
– أسلوبه في العمل يجلب إليه كثيراً من المواقف الرافضة التي أبعدت كثيراً من القيادات المؤثرة؟
{ هل أنت منهم سيد “عديل”؟
– نعم أنا منهم، ونعلم أن سيد “صادق” مفكر (كويس) وأمين لحد بعيد، ووطني، ولكن أحياناً – وربما لثقة في نفسه – يمسك بكل خيوط الحزب في يده ويصبح هو صاحب القرار الأول والأخير، وامتدت طموحاته إلى الخارج وسفرياته وتصريحاته.. كل ذلك على حساب الحزب الذي يتنفس من رئتي الإمام، وهذا ليس جيداً من ناحية المؤسسية.
{ ما هي أكبر هفوات “الصادق المهدي”؟
– ليته ترك الحديث والسفر والتصريحات لغيره ولمن هم أقل منه لكي يتمرنوا على القيادة ويتأهلوا لها، ولا بد أن يجدوا فرصة.. وأعلم أن هذا الحديث يغضب بعض الإخوان، لكن لا فائدة إن لم نقله بصراحة وشجاعة.
{ لكما أنت والإمام “الصادق” تصريحان مختلفان حول (لمن ملكية دار حزب الأمة الحالية)؟
– تكلمنا فيه كتير، وأقول مشينا أنا والمرحوم “عبد القادر عبد اللطيف” إلى السعودية ضمن وفد يضم الإمام نفسه الذي غادر وبقينا نحن الاثنين وجمعنا أموالاً، ولا أعرف كم المبلغ.. (وعديناها) لـ”الصادق” بدون أي (وصل) أو غيره.. وأنا الذي عرفت من أخ كريم أن ناس “أبو العلا” عاوزين يبيعوا البيت، وكلمت الإمام وتم شراء البيت.
{ أين كان مركز الحزب أصلاً؟
– كان لنا دار في أبي روف مبني من الطين وبسيط جداً.
{ هل تعجبك إدارة الحزب بالطريقة الحالية؟
– شايف الأحزاب فيها احتجاج على القيادات التاريخية.. أنا لست من أنصار إخراج بيت الإمام من دائرة إدارة الحزب، وطموحات أهل البيت يمكن أن تعالج عن طريق التفاهم والحوار، ويجيبوا الشباب، الرجل المناسب في المكان المناسب.
{ إذا كان الحزب ينادي بالديمقراطية فلماذا الوضع الخاص لبيت “المهدي”؟
– دي كلها حاجات نابعة من داخل بيت الإمام، بسبب الجماعة الذين جاءوا أخيراً ودخلوا البيت عن طريق المصاهرة وأصبحت عناصر غريبة.
{ هل توجد تكتلات مناطقية داخل حوش حزب الأمة؟
– دائماً أولاد الغرب عندهم إحساس أن آباءهم نصروا المهدية ولهم نصيب مقدر من انتصاراتها الأولى.. أنا أبوي “عديل” قاتل في (شيكان)، وعندي إحساس بالزهو بسبب ذلك التاريخ، وسمعت من قال لي إن أبوي هو من قتل “هكس” وحمل رأسه إلى الإمام “المهدي”، وأنا امتداد لهم.. لا أحب أن يمس بيت الإمام بأية إهانة مهما حدث من اختلافات، وهذا البيت فخرنا.
{ بدأت حديثاً عن أولاد الغرب لم تتمه؟
– آه آه.. كان هناك أحاسيس ظهرت لتختفي، لأن شهادات الدكتوراة والدراسات العليا ملأت الدنيا في وسط أولاد الغرب، والكتوف اتلاحقت: فخري بآبائي وأجدادي، وأنا متعلم زيك.
{ أنت من كردفان.. كيف تنظر إلى دارفور؟
– دارفور الآن أسوأ من أي وقت مضى، وكل شيء فيها تدنى، لأن السياسات الحالية جرّت المشكلة لـ (ورا).
{ البعض يخاف من انتقال حركة التمرد إلى كردفان ومن ثم إلى الخرطوم ومدني ودنقلا.. هل في القول أي واقع؟
– لا يمكن أن يحدث مثل هذا الانتقال لأنو ما عندنا سبب.. ويمكن يحدث في المناطق الحدودية كما يحدث الآن، لكن قلب كردفان معافى جداً بالرغم من الظلم الواقع علينا من حكومات الخرطوم المتتالية.
{ هل تتوقع انفصال دارفور؟
– لا أتوقع انفصال دارفور، بل الحكم الذاتي ممكن ومناسب.
{ أين مثقفو ومتعلمو دارفور حملة الماجستير والدكتوراة؟
– ألوم هذه الشرائح بشدة لأنها استغلت أزمة أهلها كمأكلة ورزق، ودا كلام مؤلم طبعاً.
{ لماذا لا تجلس كل قبائل وبيوت دارفور لحل القضية أهلياً؟
– تغيرت تركيبة دارفور وما عادت تلك القبائل، حتى كردفان تغيرت.. هل تصدق عندنا في (أبزبد) أتراك وخواجات منذ العهد التركي، وعندنا خواجات تزاوجوا مع القبائل المحلية وقد جاءوا من شرق أوروبا؟ وديل أهل “سلاطين باشا”، ولهم عيون خضر، وبيض، وتزاوجوا وظهر لون ثالث عجيب الملامح.
{ هل أنت معجب بقصة “سلاطين” والخليفة “عبد الله التعايشي”؟
– أنا غير معجب بالخليفة “عبد الله التعايشي”، بل معجب بالأنصار الذين (لماهم) السيد “عبد الرحمن”. ويذكر أن نميمة وصلت إلى الخليفة أن (أبكدودك) قال إن الخليفة رجل جاهل فناداه، ومن يناديه الخليفة وهو غاضب فليجهز كفنه، وأخبره بما سمع، ثم (شخبط) له على الأرض وطلب أن يقرأها، فقرأها “أبكدوك” (إن الشخبطة هي أسماء الله الحسنى) ثم شخبط مرة أخرى فقرأ “أبكدوك” (دي آية الكرسي) ثم عفا عنه.
{ هل تنكر أن الخليفة “عبد الله” كان قائداً عسكرياً شجاعاً ومن طراز فريد؟
– قالها مؤرخ شهير، إن “المهدي” وجد في الخليفة قائداً عسكرياً وليس قائداً دينياً، لذلك نجحت المهدية في عهده نجاحاً عسكرياً وليس نجاحا دينياً.
{ بمناسبة لمّة السيد “عبد الرحمن” للأنصار.. الأخير معجب جداً بالإمام “الصادق”؟
– (الإمام “عبد الرحمن” ما قايله بيبقى كدا).
{ قلت قبل قليل إن الإمام متعلم ذكي.. وهلمجرا؟
– علمو (بوّظ) كل حاجة، ومافي حاجة لزول متعلم بالمستوى دا.. نحنا في حزب الأمة عاوزين زول زي الإمام “عبد الرحمن”.
{ يقال إنك واحد من بين ثلاثة قاموا بتكوين أول نواة طلابية لحزب الأمة بجامعة الخرطوم؟
– نعم، وكنا نجتمع مع السيد “عبد الرحمن” كل يوم جمعة، وكان “الصادق” في 1953م بجامعة الخرطوم لا يهتم بالسياسة، يحضر محاضراته ويمشي بيتهم، ثم غادر الجامعة إلى أكسفورد، وبقينا نحنا نخدم الحزب ونبنيه (طوبة طوبة).
{ ما هو أهم قرار اتخذته وأنت وزير تربية وتعليم؟
– قبلت (700) طالبة جنوبية بمدارس الشمال والجامعات، وعن طريق صديقي وزير التعليم بليبيا “أحمد إبراهيم” أوفدت (700) طالب سوداني ليدرسوا بالجامعات الليبية، ومثلهم (300) بالعراق التي حدث فيها قتل طالب عراقي، وعلمت بقرار طردهم وذهبت إلى هناك واتصلت بصديقي “أحمد إبراهيم” وأرسل لنا طائرة خاصة حملت الـ (300) طالب لتكملة تعليمهم في ليبيا.. وعالجني أحدهم بالصدفة وهو اختصاصي علاج بالإبر.
{ عمل كبير لو استمررت فيه؟
– نفس الوزير الليبي اتفق معي على فتح (50) مدرسة للتعليم الفني بدارفور وكردفان، وجئنا إلى الخرطوم ومشينا إلى كردفان لتنفيذ الفكرة، فجاء قرار تعييني وزيراً للطاقة وماتت الفكرة.. ورحم الله “أحمد إبراهيم”.. قتله الثوار الليبيون.
{ كيف بتمشي أمورك يا “عديل”؟
– ما عندي إشكال مالي للدرجة دي، ولديّ معاش شهري.
{ معاش من الوزارة مثلاً؟
– مُش من الوزارة.. ما عارف المهم بيطلع ونتسلمه بانتظام، من الحكومة أو الوزارة.. المهم عندي معاش بـ (300) جنيه.
{ ولكن الأولاد تخرجوا والبنات تزوجوا مش كدا؟
– نعم والحمد لله عندي “عديل” يعمل في دبي، و”عادل” عندو مدرسة، و”أميرة” تعمل ببنك تنمية الصادرات، و”آمنة” قبل الزواج كانت تعمل في شركة بترول وسافرت إلى الخليج، والآن معي “أحمد” و”أسامة” وهما خريجان ويبحثان عن عمل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية