ربع مقال

من يحمي هؤلاء من هؤلاء؟؟

د.خالد حسن لقمان

.. أشعر بحزن عميق كلما شاهدت عاملاً بسيطاً يقف ومن على ارتفاع مخيف.. على مجموعة متشابكة من المواسير المكونة لما يعرف في سوق البناء وعالمه بـ(السقالة).. تخيلوا هذا العامل وهو يجتهد في تركيب هذه الشبكة العنكبوتية من المواسير دون أن يؤمن وقفته تلك من على ذلك الارتفاع.. غالباً ما يكون هذا العامل ينتعل (سفنجة) بلاستيكية أو حذاء من نوع (الباتا) القماشي وبه يضع أرجله المرتجفة على ما تشكله الماسورة من قطر صغير يمكن وفي أي لحظة أن يفقده توازنه.. مما يعرضه وبلا احتمال آخر للسقوط القاتل.. بعض العمال يمضون يوميتهم كاملة وهم على هذا الوضع إما لبناء جدران مرتفع أو لتبييضه بالأسمنت أو لدهانه بالدهانات الخارجية.. وهنالك من يقف هكذا لتنظيف الواجهات الزجاجية وغسلها أو تصليح بعض ما تلف منها أو ربما لتركيب بعض النوافذ.. يحدث هذا يومياً وأمام أعين الجميع بما يشكل فوضى مريعة في قوانين ولوائح الحماية المهنية للعاملين في مثل هذه المهن.. من المسؤول عن تعريض حياة هؤلاء العمال البسطاء لهذه المخاطر التي تعني الموت أو العجز الجسدي؟؟.. أين الجهات الرسمية بالدولة التي تنظم هذه الأعمال.. وأين تلك الضابطة لها؟؟.. أين التكوينات الحامية لحقوق العمال والمدافعة عنهم؟؟.. بل أين الضمير الأخلاقي لهؤلاء الناشطين في قطاع الإنشاء والمقاولات والتنظيف والصيانة والذي يلزمهم بالعمل وفقاً لمعايير السلامة المتفق عليها دولياً.. لماذا تنشط المحليات في اقتلاع الأموال والرسوم من البسطاء المفترشين الأرض ببضاعتهم البسيطة وتهمل وتعجز عن تحرير المخالفات من هذا النوع الخطير الذي ثمنه حياة إنسان وصحته.. أيها السادة.. العالم يعيش الآن مرحلة الحقوق والواجبات بين الفرد والمجتمع ولم يعد يعيش عالم السخرة والاستعباد والظلم الذي يظلم فيه الإنسان أخاه الإنسان.. فقط من أجل مال زائل وحياة ماضية إن بقيت لمن سبقونا ما جاء دورنا لنعيشها كما عاشوها.. فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية