تقارير

الجزيرة تجيز موازنة العام 2019 في غياب المجلس التشريعي

وخبراء يقدمون روشتات لإنقاذ الوضع الاقتصادي

ود مدني: زهر حسين

جاءت موازنة العام 2019، وولاية الجزيرة تعيش ظروف الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد منذ إجازة الموازنة العامة في العام السابق، وتجابه الجزيرة على نحو استثنائي مشكلة الفراغ الدستوري، الذي تعاني منه في ظل غياب المجلس التشريعي الولائي، فعادة ما تودع الولايات والمركز ميزانياتها أمام المجالس التشريعية الولائية والمجلس الوطني لمناقشتها، وتكوين لجان للتفاكر حولها من ثم النظر في إجازتها فعادة ما تبدأ كل ولاية ذلك مع كل بداية عام جديد، لكن الجزيرة اكتفت هذا العام بإجازة موازنتها للعام 2019 أمام مجلس وزراء حكومة الولاية، من داخل أمانة الحكومة برئاسة الوالي “محمد طاهر أيلا”.
واقتصر النظر للموازنة من قبل الجهاز التنفيذي وغياب الرقابة عليها من المجلس التشريعي الولائي، الذي حل بقرار من رئاسة الجمهورية في العام الماضي، مما يعني غياب مناقشة كثير من البنود، وقد أجازت حكومة ولاية الجزيرة موازنة 2019م بمبلغ (7) مليارات جنيه، خلال اجتماع مجلس وزراء حكومة ولاية الجزيرة، في اجتماعه الأسبوع الماضي برئاسة الوالي، رئيس الجهاز التنفيذي، “محمد طاهر أيلا”، وأعلن وزير المالية والاقتصاد والقوى العاملة بالولاية، “منجد عباس”، أن الموازنة خصصت مبلغ (1.6) مليار جنيه للأصول غير المالية بزيادة (15%) عن العام المنصرم، ولفت إلى أن جملة تعويضات العاملين (4.8) مليارات جنيه، والمصروفات (5.4) مليارات جنيه، وقد ركزت الموازنة على تحسين وضع الصادر، وأشار الوزير إلى أن الموازنة تهدف لتحقيق نمو يقوده الصادر، وتحسين معاش الناس.
كما ركزت الموازنة أيضا على تأسيس وتأهيل البنى التحتية، إضافة لإصلاح الخدمة المدنية وسيادة حكم القانون وقطع “عباس” بأن موازنة العام 2019م بداية التحول في منهجية إعداد الموازنة من البنود إلى موازنة البرامج والأداء لتحقيق نتائج قابلة للقياس والتقويم ورفع مستوى الأداء وزيادة كفاءة استخدام الموارد لتحقيق الأهداف الإستراتيجية، وقال إن أهم موجهات الموازنة الواقعية وترتيب الأولويات في الإنفاق الحكومي وتحقيق النهضة الزراعية والاستمرار في تحديث البنى التحتية في قطاع الطرق.
من جانبه لفت والي الجزيرة، إلى أن التحديات التي تواجه الموازنة، هي المصروفات والإيرادات، وشدد على ضرورة الإلتزام الصارم بقرارات ترشيد الصرف والحوافز والدعم وإيجاد السبل الكفيلة لتوسيع المظلة الضريبية ومضاعفة الجهود لتعزيز جهود المجتمع وتفعيل المسؤولية الاجتماعية لدعم ومشروعات الولاية، وأمن على ضرورة استثناء بعض الوظائف الحرجة والحساسة في موازنة العام المقبل والتوسع في آليات هيئة النظافة وتهيئة المسالخ وإقامة أسواق للمحاصيل لمصلحة المنتجين وتعزيز الجهود الجارية لتوفير وضبط توزيع دقيق الخبز والمواد البترولية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين بالتنسيق مع اتحاد العمال والمنتجين .. هذا وقد أكد مجلس الوزراء أن الموازنة جاءت معبرة على طموحات وتطلعات إنسان الولاية تجاه استمرار برامج نهضة الولاية في قطاعات الصحة والتعليم والطرق والمياه والكهرباء والشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية والثقافة والإعلام وأكد المجلس التزامه بكل موجهات الموازنة وتحقيق أهدافها وأن الموازنة عززت اهتمام حكومة الولاية ببرامج التعليم والصحة والبنى التحتية.
وكأن بالموازنة قد لخصت الوضع الحرج الذي تمر به الجزيرة والسودان رغم أن الجزيرة تتمتع بإنتاج عالٍ من كثير من المنتجات سواء الزراعية أو الحيوانية أو الصناعية ويمكن تصنيفها بأنها منطقة للإنتاج باعتبارها منطقة للإنتاج والإنتاجية وذلك لوجود عدد من المشاريع الكبرى بها لكنها لم تنجُ هي الأخرى مما واجه الاقتصاد السوداني ولم تغيب عنها الصفوف في الحصول على كل شيء كغيرها من الولايات.!!
كثير من الخبراء الاقتصاديين ناقشوا موازنة الجزيرة للعام 2019 وقدموا روشتات لتعافي اقتصاد الجزيرة وإمكانية مساهمتها في خروج السودان من الأزمة الاقتصادية الخانقة .
وفي سياق آخر أكد والي ولاية الجزيرة، “محمد طاهر ايلا” عن اكتمال زراعة أكثر من (420) ألف فدان قمح بمشروع الجزيرة خلال هذا الموسم الشتوي، وقطع بأن السودان مؤهل لتوفير الغذاء لأكثر من (250) مليون نسمة، وفي تصريحات صحفية استعرض الطفرة التي حققها مشروع الجزيرة في إنتاج محصول القطن حيث تجاوز الإنتاج (5) ملايين قنطار للقطن في مساحة (150) ألف فدان، وتناول “أيلا” التدابير والسياسات التي وضعتها الولاية لجذب الاستثمار لداخل الولاية وتذليل كل العقبات التي تعترض المستثمرين وفتح الأبواب للشراكات التعاقدية للعمل بمشروع الجزيرة، وإنشاء عدد من محالج القطن واستخدام التقانات الحديثة وتعزيز دور الشراكات التعاقدية بمشروع الجزيرة، وشدد على أهمية الإدارة الجيدة والتوظيف الأمثل للموارد والمتابعة اللصيقة لتحقيق الأهداف المنشودة .
من جانبه أكد وزير الإنتاج بالجزيرة “الهندي الريح النور” في تصريحات صحفية لـ(المجهر) أن الجزيرة قاطرة للاقتصاد السوداني والطريق الآمن للبلاد للخروج من الأزمة الاقتصادية العابرة، وأشار إلى النجاحات التي حققتها الشراكات التعاقدية بمشروع الجزيرة وإسهامها في تحريك القطاع الاقتصادي والصناعي بالولاية، باعتبار أن الجزيرة تعتمد على الزراعة وتهدف لتشجيع الاستثمار فيها.
كذلك بدأت ولاية الجزيرة عددا من التدابير لصرف المواد البترولية للحد من الصفوف، منها التوزيع عن طريق البطاقات وإحكام التنسيق بين كافة الجهات العاملة في توزيع الوقود وحصر كميات الوقود الواردة للولاية، ولكن لم تتخذ إجراءات أخرى بشأن الخبز الذي وصلت أسعاره في بعض المحليات إلى (5) جنيهات لرغيفة الخبز وعن طريق السوق الأسود، أما السيولة فلم ينظر فيها بعد مما أثرت بشكل مباشر على الزراعة وتمويلها وتسليم المزارعين لمحاصيلهم أو بيعها ولا ننسى حالة الركود التي تعيشها أسواق الجزيرة هذه الأيام .
أحد الخبراء الاقتصاديين، فضل حجب اسمه تحدث لـ(المجهر) عن موازنة العام 2019 لولاية الجزيرة، وقال لابد من أن يكون هناك سنة أساس لقياس موازنة العام الحالي عليها سواء لسنة أو خمس سنوات، فمثلا موازنة العام 2019 سنة الأساس لها 2018 ومن المهم قياس نسبة التوسع في النشاط الاقتصادي للدولة هل حدثت زيادة أم لا ؟ فالحديث عن تعويضات العاملين مثلا الفصل الأول لابد أن تتناسب مع حجم النشاط الاقتصادي، وعزا المصدر تصاعد الأسعار لعدد من الأسباب، وقال إن ما نشهده من زيادة للأسعار في السلع والخدمات ناتج من عدم تناسب الموازنة مع حجم النشاط الاقتصادي فعلى الدولة أن تسعى لتطبيق اعتمادات مالية أو موارد إضافية وأن تبحث عن مصادر تمويل جديدة لتغطية العجز في المصروفات وإذا لم يتم التغيير بصورة كبيرة لن تستطيع تغطية العجز وعلى الدولة أن تفكر في رفع الدعم عن المحروقات .
وفيما يخص موازنة الجزيرة ذكر المصدر أن الموازنة تحدثت عن (5.4) مليارات جنيه للفصل الأول وهي عبارة عن مصروفات فلابد من الحديث عن مصادر التمويل سواء إلغاء المشروعات التي تم اعتمادها في الموازنة أو طلب تمويل إضافي (أو زيادة الرسوم التي يتم تحصيلها أو أن تلجأ حكومة الولاية إلى المركز أي المالية الاتحادية، وقال إن هناك خللا في مناقشة موازنة الجزيرة لأنها تعيش فراغا دستوريا بغياب المجلس التشريعي، لأن أي موازنة لابد أن تخضع لمناقشات مستفيضة وعدم مناقشتها يكون له انعكاسات سالبة ولابد أن تخضع لحضور كامل من التداول والمناقشة ولابد أن يكون لكل موازنة هدفا وينبغي أن يتسق هدف الموازنة مع الأهداف العامة.
والموازنة بهذا الشكل الذي تم عرضه في مجلس الوزراء يكون له انعكاس سالب للموظفين ومحدودي الدخل مما يستدعي الموظف لعمل إضافي نهاية الدوام وعادة ما يتأثر أصحاب الأعمال الحُرة (عمال اليومية ويبحثوا عن دخل إضافي أيضا مما يتسبب في خلل في مستواهم المعيشي ويسيطر سعر السوق الحُر بالتالي يتغلب على الوضع الاقتصادي، وقد قدم الخبير الاقتصادي عدد من الحلول للاقتصاد، وقال إن الحل يكمن في أن نرجع في الاعتماد على الزراعة خصوصا أن الجزيرة والسودان بلد زراعي كذلك يجب تخفيض الرسوم والجبايات والتحصيل وتسهيل الإجراءات للمستثمرين الأجانب وتكثيف الإنتاج على أن يكون الإنتاج حقيقيا بتمويل المشروعات الإنتاجية والصناعات التحويلية والمنتجات المحلية من تعليب للمنتجات الغابية والتركيز على زراعة محاصيل الصادر (القطن والقمح)، ويعتبر التركيز على الصادر شيء أساسي وتطوير الإدارة، وقال إن مشاكل الإنتاج تكمن في الإنتاج الزراعي الضعيف والحلقة الأهم درجة والأولى هي اعتماد التقانات الحديثة في الزراعة وتأهيل الزراعة. خصوصا مع تصاعد أسعار المدخلات وإلغاء الرسوم، وقال إن سوء الإدارة يلعب دورا كبيرا في تدهور الاقتصاد وعدم الرجوع للمؤسسات الأكاديمية خصوصا أن هناك كثيرا من البحوث والباحثين يمكن الرجوع لهم مما قد يسهم في إيجاد حلول لمشاكل الاقتصاد فهناك كم هائل من البحوث تخرج منها نتائج وتوصيات لا يذكر أن هناك جهة استفادت من هذه التوصيات والنتائج إلا ما ندر .

وأكد أحد الخبراء والباحثين المتخصصين في الاقتصاد من إحدى الجامعات السودانية العريقة، طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن مشاكل الاقتصاد في السودان تكمن في أزمة الإدارة وليس أزمة الاقتصاد وعدم وجود موارد، وقال إن إدارة الإنتاج والإنتاجية وحماية المنتج تعتبر أهم العوامل بعد ذلك نفكر في حجم الإنتاج وإذا لم تتوفر حماية للمنتج فلا فائدة من الإنتاج. وهناك مشكلة أخرى وهي جودة المنتج فلابد من الجودة لعده أسباب كذلك التشجيع الاقتصادي من الدولة لكل أنواع الإنتاج بحيث إنها تعمل على تنوع الصادر والقاعدة الأساسية الإنتاج أما النظريات الاقتصادية هي التي تنظم العمل فميزان المدفوعات مختل والمنصرفات تشكل مشكلة فلابد من تشجيع الإنتاج، ويجب أن يكون حقيقيا، وأن تركز الإدارة على إدارة الإنتاج والكوادر يجب أن تتوفر لديهم حنكة إدارية، فالسودان لا توجد به مشكلة في الكوادر والأرض بل كيف ننظم ونشجع الإنتاج والحلقة الأولى (الإنتاجية _الإدارة _ الأسواق_ جودة المنتج) .
وأكد المصدر أن فكرة الصادر يجب أن تعتمد على الجودة العالية لتعم الفائدة رغم اختلاف الذوق الداخلي أي ذوق المستهلك، فالسودان والجزيرة على وجه الخصوص تتوفر لديها (الأرض _المياه _الثروة الحيوانية _الكادر) لكنها تحتاج لتنظيم عالٍ وإدارة كما يجب توفير معينات العمل، حتى في الزراعة يجب زراعة المحاصيل النقدية لصالح الاكتفاء الذاتي ومن ثم الصادر بالتركيز على المحاصيل التي لها سوق عالمي. ولابد من تغطية السوق المحلي، وتغطية السوق المحلي سيؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار في السوق المحلي فالجزيرة بها المشاريع الكبيرة ولدينا في السودان (28) كلية زراعة تخرج عددا مقدرا من الخريجين الزراعيين وكليات البيطرة والإنتاج الحيواني، وهؤلاء جميعا جديرون بأن يديروا عمل الإنتاج والاقتصاد، واقر الخبير الاقتصادي أنه ليس لدينا مشكلة في الأبحاث الزراعية والاقتصادية بل تظل هذه البحوث حبيسة المكتبات ولا يتوفر لدينا نقل التقانات من البحوث الزراعية للإرشاد الزراعي والحيواني وأن نتائج البحوث منفصلة عن الواقع والميزانية المخصصة للبحوث والبيئة البحثية ضعيفة جدا ولا تناسب مع حجم النشاط العلمي والأكاديمي وأن نتائج هذه البحوث غير موجودة على الواقع ولم تنعكس عليه . وطالب بتسخير البحث العلمي لخدمة الإنتاج ولزيادة الإنتاج والإنتاجية وضبط وختم البحوث المخصصة لمواضيع زيادة الإنتاج والإنتاجية، وعلى الباحث أن يكون صادقاً مع نفسه ويتأكد وإمكانية إجرائه للبحث.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية