تقرير: ميعاد مبارك
بعد النجاح الذي أحرزته الخرطوم في مصالحة فرقاء دولة جنوب السودان، وتوقيع اتفاق السلام الجنوبي الجنوبي، دفعت الحكومة بمبادرة أخرى للتقريب بين الأطراف المتنازعة في أفريقيا الوسطى سبتمبر الماضي، والتي رحبت بدورها بالمبادرة والتي حظيت بمباركة الاتحاد الأفريقي، إلا أن العراقيل حالت دون بدء المفاوضات في الوقت المحدد لها منتصف نوفمبر الماضي، رئيس الجمهورية، “عمر البشير” اتهم وقتها جهات بمحاولة إفشال المبادرة، مؤكدا سعي الحكومة لإقناع تلك الجهات بأن السودان هو الذي يحقق السلام.
الخرطوم ضربت موعداً آخرا لمفاوضات الأطراف الأفروأوسطية في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري.
قرر الاجتماع رفيع المستوى حول عملية السلام بأفريقيا الوسطى الذي انعقد بالعاصمة الأفروأوسطية بانقي في الأسبوع الثاني من يناير الجاري، قرر أن تستضيف الخرطوم جولة المفاوضات القادمة بين الفرقاء الأفروأوسطيين، وذلك اعتبارا من يوم 24 من هذا الشهر وحسب تصريح صحفي للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير “بابكر الصديق” (جاء القرار بناءً على طلب حكومة أفريقيا الوسطى، باعتبار أن السودان هو أكبر داعم لعملية السلام في أفريقيا الوسطى) مؤكدا ترحيب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكل الأطراف المشاركة باستضافة السودان للمفاوضات .
وكان مفوض السلم والأمن الأفريقي قد أعرب خلال الاجتماع رفيع المستوى حول عملية السلام بأفريقيا الوسطى، عن ثقته في أن السودان بقيادة الرئيس “عمر البشير” سينجح في تحقيق السلام في أفريقيا الوسطى، في إطار مبادرة الاتحاد الأفريقي مثلما نجح في تحقيق السلام في جنوب السودان، واصفا الرئيس “البشير” بأنه صانع السلام في الإقليم، وكان وزير الخارجية قد ترأس وفد السودان إلى الاجتماع الذي شارك فيه وزراء خارجية دول سيماك ونائب الأمين العام للأمم المتحدة، ومفوض السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، والتقى حينها الرئيس الأفروأوسطي “فاستين تواديرا” وناقش معه الاجتماع الوزاري حول عملية السلام بأفريقيا الوسطى بمشاركة وزراء خارجية تجمع سيماك ونائب الأمين العام للأمم المتحدة ومفوض السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، حيث رحب “فوستن” بالمبادرة السودانية مؤكداً دعمه للسودان باعتبار أن استقراره يمثل صمام أمان لاستقرار المنطقة بأسرها.
#المجتمع الدولي
الخرطوم ظلت تسعى لاستقطاب الدعم الدولي لمبادرتها حيث كانت المفاوضات الأفروأوسطية أحد أهم الملفات التي ناقشها وزير الخارجية مع المسؤولين الأوروبيين خلال جولة وزير الخارجية في ديسمبر الماضي .
أمس الأول اجتمع وزير الخارجية، مع سفراء الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وفرنسا والقائمين بأعمال الولايات المتحدة والنرويج، وناقش الاستعدادات الجارية لانطلاقة المفاوضات الأفروأوسطية والحركات المسلحة بالخرطوم يوم24 يناير الجاري في إطار تنشيط مبادرة الاتحاد الأفريقي للسلام والمصالحة بأفريقيا الوسطى.
وذكر الوزير أن المجتمع الدولي يدعم مفاوضات الخرطوم بشكل كامل، مشيرا إلى الاجتماع رفيع المستوى حول جهود السلام في أفريقيا الوسطى ببانقي يومي 8و9 يناير الجاري، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول تجمع سيماك.
وقال الوزير إن المجتمع الدولي سيكون شريكا منذ البداية في مفاوضات الخرطوم، وذكر أنه من المتوقع أن يشهد وزراء خارجية الإقليم المفاوضات.
#الموقف الفرنسي
ظلت فرنسا متحفظة فيما يلي مبادرة الخرطوم، ولحقتها اتهامات بمحاولة إفشال مبادرة الخرطوم، إلا أن السفيرة الفرنسية وضعت موقف بلادها في إطار دبلوماسي خلال التنوير الذي قدمه وزير الخارجية للسفراء والقائمين بالأعمال الأوروبيين (الإثنين) الماضي مؤكدة رضا بلادها التام عن نتائج اجتماعات بانقي وبانطلاقة المفاوضات في الخرطوم، وقالت إن بلادها ظلت تدعو للإسراع بتنشيط وتنفيذ مبادرة الاتحاد الأفريقي للسلام والمصالحة في أفريقيا داعية لبناء ما تم الاتفاق عليه مسبقا.
#أهمية السلام في أفريقيا الوسطى
وزير الخارجية أكد أمس الأول ارتباط السلام والاستقرار في دارفور بالسلام في أفريقيا الوسطى خاصة في إطار الاستعدادات لإكمال انسحاب يوناميد من دارفور العام القادم مشيرا إلى التداخل الاجتماعي والقبلي بين السودان وأفريقيا الوسطى .
من جانبه أكد الإعلامي والمحلل السياسي، دكتور “إبراهيم دقش” في تصريح لـ(المجهر) أن أفريقيا الوسطى بالرغم من كونها ناطقة باللغة الفرنسية، إلا أن بها أقلية مسلمة لافتا إلى أن السودان سيكون الأقرب إليها، مشيرا إلى ترحيب المجتمع الدولي رغم وجود بعض الصراعات بمبادرة الحكومة السودانية، “دقش” لفت إلى أن أي مفاوضات لا بد أن تمر ببعض العراقيل مؤكدا على أهمية التحسب لهذه العراقيل .
من جانبه ارجع المحلل السياسي الأستاذ “عبد الله آدم خاطر” خلفية الصراع في أفريقيا الوسطى إلى صراع موانئ، مشيرا إلى أنها كانت مستعمرة فرنسية وفي ظل دخول دول جديدة للمنطقة مثل روسيا، بينما الصراع مستمر بين الحكومة في بانقي والحركات المسلحة، يرى “خاطر” أن الأطراف الدولية تعي أهمية إدارة دفة هذا الصراع، مشيرا إلى أن الخرطوم قد اختارت أن تكون حليفا لروسيا وأنها تعتبر أن هذه مرحلة لتهدئة الصراع لصالح الحليف.
وأشار إلى أن مفاوضات الحكومة الأفروأوسطية والحركات المسلحة في الخرطوم هو انعكاس للصراع في أفريقيا الوسطى.
#فرص النجاح
“خاطر” قال إن فرص نجاح مبادرة الخرطوم في هذا الصدد ضعيفة في ظل التحديات الماثلة، مشيرا إلى أن الخرطوم في هذا التوقيت ستقوم بما يشبه العمل الدبلوماسي الإعلامي الذي سيجعلها في سطح الأحداث الإقليمية والدولية.
من جانبه أبدى دكتور “دقش” تفاؤله بنجاح الحكومة في جمع الأطراف الأفروأوسطية وتكرار تجربتها مع اتفاق السلام الجنوبي الجنوبي.
#ترتيبات
علمت (المجهر) أن وزير الخارجية يتحضر لزيارة عاصمة أفريقيا الوسطى الأسبوع المقبل، حيث سيلتقي الرئيس ومجموعة من المسؤولين في بانقي في إطار التحضير للمفاوضات التي ستنعقد في الخرطوم في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، إلى ذلك سيزور عمدة بانقي وعدد من المسؤولين الأفروأوسطيين البلاد (الإثنين) المقبل.
وكان “الدرديري” قد أكد أن المجتمع الدولي سيكون شريكاً منذ البداية في مفاوضات الخرطوم وذكر أنه من المتوقع أن يشهد وزراء خارجية الإقليم المفاوضات.
أسبوع يفصلنا عن بدء المفاوضات بين حكومة بانقي والحركات المسلحة هناك، فهل ستنجح الخرطوم في جمع الفرقاء الأفروأوسطيين مثلما فعلت مع نظرائهم الجنوب سودانيين أم أن العراقيل ستحول دون ذلك.