..هل تتابعون الآن ما يحدث في بريطانيا ..؟؟ .. أرجو أن تتابعونه فوراً وباهتمام حقيقي لأهميته البالغة من جانبين، الأول بالطبع يتصل بضخامة الأحداث التي تحدث الآن بالفعل في لندن، وما سيترتب عليها، والثاني يرتبط بعرض أعرق مؤسسة ديمقراطية في العالم لخلاصة تجربتها الرائدة في ممارسة الحكم بمؤسساته وسلطاته المختلفة بقوانينها وصلاحياتها المتقاطعة فيما بينها، تقاطع لا يمنع فيها انسيابية لإجراء حكيم، ولا يقهر فيها منطق لعقل جمعي يسوق خطى الدولة في رؤيتها وتخطيطها وتنفيذها لسياستها .. فما يعكسه مشهد بريطانيا الآن مع كتلتها الأوروبية يستحق أن يتابعه الجميع وهو أمر سيوثقه قطعاً التاريخ بكل تجلياته .. وما يحدث الآن وباختصار لمن لم يتابع التطورات الجديدة هو أن مجلس العموم البريطاني وبأغلبية ساحقة قد أسقط أمس الأول آخر خطوة لرئيسة الوزراء “تريزا ماي” للخروج من الاتحاد الأوروبي، وقد جاءت النتيجة برفض عدد(432)عضواً لقرار الخروج مقابل (202)ساندوا “ماي” ، التي بالفعل كافحت بقوة وشجاعة حتى الرمق الأخير، لتواجه الآن خطر حجب الثقة، وهو ما قد يكون قد حدث بالفعل ليلة أمس . وربما دفعت هذه المرأة الشجاعة ثمن عدم تقديرها الجيد لتحولات أعضاء حزبها وما يجري تحتها من متغيرات أدت لهذه النتيجة التي ستدخل إنجلترا في اكبر أزمة سياسية تواجهها في عصرها الحديث، حيث ستنفتح الاحتمالات على مصراعيها إما تجاه إعادة الاستفتاء الشعبي من جديد وهو الذي خرجت نتيجته الأولى لصالح “تريزا ماي”، وخيار الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو البحث عن صيغة أخرى تحسمها مؤسسات الدولة التشريعية مباشرة .. هذا في الوقت الذي ينتظر فيه الاتحاد الأوروبي ما ستؤول إليه الأحداث، ويبدو أن ما بدأ يطفح من مؤشرات على مستقبل الاقتصاد البريطاني مع نقل مؤسسات مالية واستثمارية لما لا يقل عن تريليون دولار لأوروبا استعداداً للخروج من الاتحاد الأوربي في 29 مارس القادم قد مثل عاملاً حاسماً لقلب الطاولة على “ماي” خاصة وأن ما أعلن عن صيغة للعلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد الخروج كان شيئاً واهياً وهلامياً .. أرجوكم تابعوا ما يحدث في لندن باهتمام وعمق ولا بأس بـ(تمني) أيضاً ..
