تنشط وبصورة مكثفة هذه الأيام دروس التقوية للطلاب الممتحنين من الفصول العادية وكذا النهائية لممتحني شهادتي الأساس والثانوي. فخلافاً للفوبيا التي أصابت السواد الأعظم من الأسر تجاه المدارس الحكومية وانصباب اهتمامهم بالخاصة حتى وإن لم تكن ظروفهم مواتية لذلك هذا برغم تفوق المدارس الحكومية عليها عند نتيجة امتحانات الشهادة (الحاجة دي بتحصل كيف ما بعرف) ما علينا.
خلاف ذلك فإن نشاطاً آخر يدأب بين ذات الأسر والمعلمين الذين انخرط جلهم إن لم يكن جميعهم في تدريس حصص التقوية، والمحير أن هؤلاء يدرسون ذات طلاب المدارس الخاصة، وربما يكون المعلم هو نفسه أستاذ المادة في ذات مدارسهم(عاد دا كلام! ) ترى على من نلقي باللائمة في هذه الحالة. ربما نلتمس العذر فقط للمعلمين الذين يكتفون بالمدارس الحكومية، إذ ربما ضعف مرتباتهم دون غيرهم، وهم الأولى برفع سقف مرتباتهم لأسباب معلومة للجميع منها قيمة وعلو كعب معلم الأجيال ورافد التنمية البشرية، هذا برغم تحفظاتنا على الكثير مما يبدو من (بعضهم) وما تتجنى به الوزارة عليهم وعلى المنظومة التعليمية برمتها، وقد تكون ذات الأسباب هي التي دفعت معلمي دروس التقوية لهذا التكالب على البيوت والدروس الخاصة للتلاميذ، ولا أريد الخوض في هذه المساحة عن ذهاب بعض المدارس الخاصة في ذات اتجاه الأساتذة بإقامة معسكرات تقوية (بالشيء الفلاني).
كنا نظن أن الأطباء المتخصصين وأصحاب السيطرة هم وحدهم الذين يستحلبون جيوب العالمين ما يضطر الكثيرين لبذل ما يفوق طاقتهم حتى يتمكنوا من العلاج في محراب عياداتهم باهظة الثمن، لكن يبدو أن المعلمين الذي صنعوا أسماءهم ساروا على ذات النسق، فارتفعت قيمة ساعاتهم التي تتوزع على عدد مقدر من الطلاب بما لا يتبق لهم سوى القدر القليل لراحتهم، وتراوحت ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف في الشهر بعدد ساعات لا تتجاوز الثمانية في الشهر، ولكم أن تتصوروا قيمة عدادهم.
يقيني إن النجاح لا يتأتى بهكذا نوع من شبق التحصيل، أؤمن تماماً بالاستذكار في المنزل بهدوء وتؤدة ولا ضير إن سمحت الإمكانيات بإحضار معلم أو اثنين لرتق الثغرات لمواد بعينها.
العام الفائت حدثني ابني ممتحن الأساس وقتها، إن زميله بالمدرسة أحضر له والده معلمين بما يقارب تسعة آلاف للشهر، وفي خاطري رددت (دا بالذات ما بنجح)، إذ كيف يحاصر طالب ما زال غضاً بمعلم يطوقه باقي اليوم ويحرمه من استقاء الاستذكار وحفظ المعلومات، فالطريقة هذه تدفع الطالب للملل والتذمر ولا أعتقد أنه سيكون حاضر الذهن.
أقول قولي هذا ويحضرني النجاح الباهر الذي حققه عدد من الطلاب البسطاء، وقد اقتلعوا التفوق من مخيمات النازحين، والرواكيب ومن يتم، ومن هروب آباء، معاقين وخلافه ممن هتفت المنابر فرحة بنسب نجاح عالية بلغت إذاعة أسمائهم كأوائل شهادة…. فليس بالمال وحده يتفوق الأبناء.