النائب المستقل المثير للجدل عضو المجلس الوطني عن دائرة الفشقة “مبارك النور عبد الله” في حوار مع (المجهر) (2- 2)
أقول للأخ الرئيس ليس كل من خرج في التظاهرات يريد إسقاط النظام
المرحلة السياسية الراهنة بها تعقيدات كبيرة ليست كالمراحل السابقة
لا نريد أن نشرب من ذات كأس دول ثورات الربيع العربي
نحن مع التظاهر السلمي وفق الدستور والقانون ولسنا مع التخريب وقتل المتظاهرين
حوار – سوسن يس
{ أستاذ “مبارك النور” الآن هناك احتقان في الشارع والأوضاع صعبة والمشهد قاتم فما هو المخرج في تقديرك وإلى أين سينتهي المشهد الحالي؟
– أقول للأخ الرئيس، هذا الوضع، وهذه الاحتجاجات حقيقية.. الوضع بائس والمسألة الاقتصادية أصبحت صعبة على المواطن، والمواطن الآن يعاني في الحصول على أبسط الأشياء، وأقول للسيد الرئيس (يا أخي انظر للشعب بعين الرأفة وبعين الحكمة.. انظر للشعب بعين الرضا، فليس كل من خرج في هذه التظاهرات يريد إسقاط النظام.. هؤلاء خرجوا لأنهم في حاجة للحصول على أشيائهم الحياتية الضرورية).. وأقول له حكّم صوت العقل، حل الحكومة المركزية، حل المجالس التشريعية القومية والولائية وحل حكومات الولايات.. حل الأحزاب السياسية فهذه الأحزاب أغلبها غير مسجل، حلها كلها ولا تسمح لحزب غير مسجل بالعمل السياسي.. وشكل حكومة رشيقة انتقالية لسنة أو سنتين لينعم بعدها الشعب السوداني بانتخابات نزيهة وشفافة.. ائتِ بمن يدير الاقتصاد باحترافية.. نحن نريد خبراء، نريد أمناء نريد القوي الأمين لإدارة الاقتصاد السوداني.. فالاقتصاد السوداني الآن في حاجة لمن يديره وفي حاجة لمن يخطط له ولمن ينقذه.. فهناك فشل كبير والذين يديرون الاقتصاد الآن هم الذين أوصلوا بلادنا إلى هذه المرحلة.. وأقول للأخ الرئيس استعن بالخبراء فلا عيب في أن تستعين ببيوت الخبرة ولا عيب في أن تستعين بدول الجوار التي نمت .. إثيوبيا نمت نمواً رهيباً فاستفد من تجاربها فليس هناك مشكلة في ذلك وهي الآن صديقة للسودان. أيضاً مسألة الولاءات السياسية والترضيات السياسية للأحزاب وحكومة الوفاق الوطني لا تقدم البلد، الذي يقدم البلد الكفاءات، ما يقدم البلد الأقوياء الأمناء الخبراء، من يخطط صحيحاً وينفذ صحيحاً. (لكن عشان هذا حزبه هو الحزب الفلاني نرضيه ونرضي هذا لأن حزبه هو الحزب الفلاني.. هذا لا يقدم البلد). يجب أن توضع هذه الأشياء في الاعتبار.. فهذه المرحلة ليست كالمراحل السابقة، هذه مرحلة فيها تعقيدات كبيرة لذلك يجب أن نراعي لهذه المسألة.
{ أيضاً يوجد فشل وارتباك في العلاقات الخارجية.. كيف تنظر لأهمية ذلك ودوره في الوضع الحالي؟
– العلاقات الدولية والإقليمية تلعب دوراً كبيراً في ترميم الاقتصاد ونحن الآن علاقاتنا مضطربة.. نريد علاقات إستراتيجية مع دول الخليج مع دول الغرب أوروبا وأمريكا، نريد علاقات إستراتيجية مع الدول التي تقود اقتصاديات العالم، نريد علاقات إستراتيجية مع منظمة التجارة العالمية، نريد أن ننضم لها.. نحن حتى الآن لم ننضم لهذه المنظمة والانضمام لمنظمة التجارة العالمية في حاجة لترتيبات أطلب من الحكومة أن تقوم بها كاملة لننضم إليها لأن انضمامنا يفيد البلد اقتصادياً.
{ أستاذ “مبارك”.. من الأشياء التي شغلت الناس خلال الأيام الفائتة تصريحات مستفزة صدرت من “الفاتح عز الدين” ومن بعض أعضاء المؤتمر الوطني.. مثل حديث “الفاتح” الذي قال فيه (الراجل اليلاقينا وح نقطع رقبة أي زول يرفع رأسه) كيف قرأت هذه التصريحات وكيف تنظر إليها؟
– هذه التصريحات المستفزة من بعض قيادات المؤتمر الوطني، بغض النظر عن الأسماء، كانت غير موفقة ومستفزة للشعب السوداني، وأطالب كل من صرح بهذه التصريحات بالاعتذار للشعب السوداني.. فالشعب السوداني ليس هو الشعب الذي يخوّف بالتصريحات! الشعب السوداني الآن شعب واعٍ وقادر على إدارة أموره بصورة جيدة ومن حقه أن يعبر تعبيراً سلمياً، ونحن مع التظاهر السلمي وفق القانون والدستور.. لسنا مع التخريب ولسنا مع قتل المتظاهرين ومن هنا أناشد القوات النظامية الأمن والجيش والشرطة والقوات النظامية كافة بأن يتعاملوا مع المواطن بصورة حضارية.. نحن نرفض وندين ونستنكر الضرب الذي يتعرض له المتظاهرون بالذخيرة الحية. ونقول هذا سلوك غير قويم ويجب أن يحاسب كل من أجرم في حق الشعب السوداني، وكل من تعرض لمتظاهر بذخيرة حية وكل من روع المواطن يجب أن يقدم للعدالة.. لا نوافق ولا نسمح بأن يضرب المواطن بالذخيرة الحية في التظاهرات السلمية فهذا أسلوب قمعي وغير حضاري إذا استمر سيقود البلد إلى فوضى ودمار.
{ ماذا تريد أن تقول في ختام هذا الحوار؟
– عندي رسائل، أولاً رسالة للأخ رئيس الجمهورية، أقول له يا أخي الرئيس نحن نريد أن ينعم بلدنا بالأمن والاستقرار والسلام وهذا الذي يحدث في هذه الأيام يجب أن تنظر إليه بعين الاعتبار وأن يدرس دراسة عميقة وأن ننظر إلى الدول التي حدثت فيها اضطرابات من حولنا، ليبيا مثلاً والعراق وتونس ومصر، الدول التي حدث فيها الربيع العربي.. نحن لا نريد أن نشرب من ذات الكأس ونريد لبلادنا أن تتعظ من ما حدث في تلك الدول.
رسالتي الثانية أرسلها إلى قوات الأمن والشرطة والجيش، وأقول لهم هؤلاء المتظاهرون إخوانكم وأولادكم وبناتكم وأصدقاؤكم وأبناء شعبكم وإخوانكم في الوطنية فتعاملوا معهم بعين الاعتبار، بعين الثقة، عين الرضا وعين المظلوم.. فالذي خرج خرج لأنه مظلوم فاستمع إلى مظلمته واقبل مذكرته التي رفعها إليك اقرأها وحلّلها ورد عليها، حتى يشعر بأن هناك جهة اهتمت لصوته.
{ والرسالة الثالثة.. إلى من تبعثها؟
– الرسالة الثالثة أرسلها للمعارضة كلها داخلياً وخارجياً، وأقول لهم يجب أن يفرقوا ما بين الوطن والحكومة، فما يحدث الآن يتضرر منه الوطن.. تُحرق عربات الوطن وممتلكات الوطن، تُدمّر البنية التحتية للوطن، فنحن لا نريد أن ندمر بلدنا بأيدينا.. دول الغرب كلها تخرج فيها تظاهرات لكن ليس هناك من يكسر فيها لمبة في الشارع! نحن نريد أن تكون التظاهرات سلمية، لا أحد يكسر فيها شيئاً، لا أحد يدمر بنية تحتية، لا أحد يروع الناس في مستشفى.. هذا السلوك نريده أن يكون سلوك كل الناس.. ورسالتي الأخيرة للشعب السوداني كله أقول له: نحن لا نريد لوطننا أن يتصدع وكلنا نريد وطناً آمناً ومستقراً.. من حق المعارضة أن تهتف ومن حقها أن تتظاهر وأن تسقط النظام، لكن نريدها أن تقوم بذلك وفق مناهج لا يتضرر منها المواطن ولا الوطن ولا الشعب ولا بلدنا في سمعته وأعرافه وتقاليده، فالشعب السوداني شعب سمح وطيب ورقيق وحنون وفيه خير كثير جداً.. نحن لا نريد الشتات والفرقة التي تأتي عبر هذه الأساليب.