حوارات

وزير التعاون الدولي السابق والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي السفير “إدريس سليمان” في حوار جرد حساب مع (المجهر) (1-2)

*جهات كثيرة داخل أجهزة الدولة حالت دون تنفيذ سياسات الموازنة السابقة

*خلال عام تحصلت وزارة التعاون الدولي على تعهدات بمبلغ (1,2) بليون دولار
*وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب يحول دون استحقاق إعفاء الدين الخارجي
*بنك السودان (استغل) عدم تبعيته لمجلس الوزراء وعاث في الموازنة كما يشاء

حوار : وليد النور

دافع الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، عن مشاركة الحزب في الحكومة الحالية، ورفض تحميل الحزب مسؤولية تبعات موازنة العام 2018م، واتهم السفير “إدريس سليمان” نافذين في حزب المؤتمر الوطني بعرقلة تنفيذ سياسات الموازنة، ودعا إلى ضرورة محاربة السماسرة الذين شوهوا السوق، ويتطلعون لقسمة الأرباح قبل أن يبدأ العمل، مشيراً إلى أن بنك السودان المركزي أصدر (18) منشوراً قصمت ظهر الموازنة، وقال وزير التعاون الدولي السابق والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي “إدريس سليمان” إنه استطاع خلال وجوده في الوزارة باستقطاب (1,2) بليون دولار من المنظمات الدولية للبلاد.

{سعادة السفير، كنت وزيراً للتعاون الدولي، في خضم الأزمة الاقتصادية، والأزمة الحالية هي ناتجة موازنة العام 2018م، ما الأسباب التي أدت لتفاقم الأزمة؟
صحيح كنا ولا نزال جزءاً من الحكومة، ونتحمل مسؤوليتنا كمشاركين في الحكومة، ولكن حقيقة كل المقترحات والسياسات التي أقرت ومتصلة بموازنة العام2018 م لم تنفذ وتسبب عدم التنفيذ في الإشكالات الماثلة فهل أكون أنا مسؤول؟
{ومتى تكون مسؤولاً؟
أكون مسؤولاً مسؤولية كاملة حال تطبيق كل المقترحات والسياسات المتفق عليها في الموازنة وتم تنفيذها، بيد أن جهات كثيرة داخل أجهزة الدول حالت دون تنفيذ سياسات الموازنة السابقة، مما أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية، ثم الشعبي لم يكن مسؤولا عن سوء التنفيذ في مجلس الوزراء لجهة أن الغالبية الغالبة في مجلس الوزراء من منسوبي المؤتمر الوطني، لذلك الوطني مسؤول مسؤولية كاملة، والجهات التنفيذية التي خالفت سياسات موازنة 2018م ويقف على رأسها قيادات المؤتمر الوطني في وزارة المالية وبنك السودان أو غيرها من المؤسسات المسؤولة.
{ماهي تلك القرارات والسياسات التي لم تنفذ في موازنة العام 2018م ؟
أول شيء، لم يتم تنفيذ الاتفاق على أن يكون سعر دولار الصادر والمغتربين والذهب حُر، وأن يشتري بنك السودان الذهب لتشجيع الصادرات وتذلل العقبات ولكن بنك السودان نفذ إجراءات مخالفة لكل هذه السياسات، وخالف كل القرارات التي وضعت في موازنة العام 2018م فمثلا وضع نسبة (25%) للصادر والذهب الذي اشتراه اقل من نسبة (25%) من كمية الذهب المنتج، وعاوز يشتري بأقل من سعر السوق وهذا لا يمكن وكل السياسات النقدية كانت مغايرة للسياسات المالية بل القطاع الاقتصادي الذي أنا وغيري فيه، والذي ينبغي أن يغير في السياسات الاقتصادية عطل تماما عن أداء مهامه ورفعها إلى لجنة برئاسة رئيس الجمهورية، فكيف تسير بلد بهذه التناقضات وعدم التناغم وتضارب وعدم التنسيق وأي بلد تتضارب سياساتها النقدية مع المالية تتعرض لكارثة وهذا ما حدث، بنك السودان اتخذ إجراءات تناقض السياسة المالية، وعندما قرر رفع سعر الدولار الرسمي مقابل الجنيه من (18 إلى 30) جنيهاً لم يشاور أحدا وإعفاء تذاكر السفر وكذلك بعض السياسات المتضاربة لم يستشر أحداً.
{ ولكن بنك السودان مستقل وله الحق في إصدار سياساته؟
صحيح هو مستقل واستغل استقلاليته بعدم تبعيته لمجلس الوزراء بتبعيته لرئاسة الجمهورية، وعاث في الموازنة كما يشاء.
{ بالرغم من خبرتك الطويلة كسفير إلا أن وزارة الخارجية لم تستفد من خبرتك؟
بالعكس الوزارة وضعت إستراتيجية مبنية على استقطاب مزيد من الدعم للبلاد وحوكمة الدعم وملكيته القطرية وشددت على ضرورة توظيف الدعم لخدمة الأولويات الوطنية، ورغم وجود منظمات كثيرة بها بعض التقاطعات الشد والجذب، وإن الجهود كانت مبعثرة وعدم إمكانية توحيد كل الملفات، تحصلت الوزارة على تعهدات من المنظمات على مبلغ (1,2) بليون دولار، وكنا نسير مع المنظمات في توظيف الاستقطاب في الخطوة الثانية وهي التأكد من تدفق المبالغ وتوظيفها على الوجه الصحيح.
{ كم نسبة دعم الصناديق العربية؟
فيما يتعلق بالاقتراض أو الاستدانة لصالح الاقتصاد هنالك إشكاليات في هذا المجال مع الكل، لأن السودان لم ينتظم في سداد المتأخرات، والسودان لم يدخل في مجال إعفاء الديون التي تراكمت وأصبحت أكبر من إمكانياته والسودان يستحق إعفاءه من الديون، ولكن وجود اسمه في قائمة الدول الراعية للإرهاب يحول دون ذلك، وفي الصناديق العربية توجد بعض التعثرات ولازالت محدودة لا تفي بالغرض ويمكن أن نقول إن الجهة الوحيدة التي لها علاقة فيها شيء من الجدية هي الصناديق العربية، وهي قليلة.
{ ماهي الخطوات التي يمكن تخرج البلاد من الأزمة الحالية ؟
إجراءات كثيرة والسودان بلد إمكانياته كبيرة وجاذبة للاستثمار والتعاون لموقعه وموارده وما يقوم به في المنطقة والإقليم كل هذه مميزات وميزات تجعل السودان جاذبا للتعاون الدولي، سواء استثمارات أو منح أو قروض ميسرة ثانيا موارد السودان إذا أحسنت إدارتها ولم تهدر يمكن أن تخرج السودان من أزمته الحالية ووضعه في المسار الاقتصادي الصحيح، وكحزب لدينا رؤية في كل شأن، ولدينا بدائل ولكن عموما سوء الإدارة في السودان والتراكمات من الأزمنة السابقة أدت إلى ما نحن فيه الآن وحتى
أزمة شح السيولة وأوراق النقد (البنكنوت) متعلقة بأزمات الوقود والخبز كلها ميسورة الحل ليس بالصعب ولكن المشكلة الحقيقة هي الضعف والوهن الإداريين على كافة المستويات ليس مستوى واحد وتجد مشكلة في الإدارة الحوكمة والتحرك السريع في الوقت المناسب وكلنا نؤجل الأزمة إلا أن تستفحل.

{ مشاكل الاستثمار متمثلة في تعقيد الإجراءات ؟
أي عقبة تؤثر على المستثمر أي مستثمر يريد إجراءات ميسرة وواضحة وشفافة، من حيث القوانين لا بأس بها من أحسن القوانين في المنطقة، ولكن المشكلة الأساسية في السودان سوء الإدارة والتعقيدات الإدارية وهي تدريجيا تولد الفساد ولا تستطيع أن تستثمر ما لم يكون لديك سماسرة أو (جوكية) والسمسرة في السودان مبالغ فيها وهي معروفة في كل العالم لها نسب محددة تتراوح ما بين 1إلى 2% ولكن في السودان الجوكية يريدون قسمة الربح قبل أن تربح (ويعبروا الجسر قبل تشييده) وهذه مشكلة أساسية نتجت من سوء الإدارة وتعتبر هذه مشكلة سيئة نتيجة لسوء الإدارة ولذلك يهرب المستثمرون وألا يكون مستثمرا يملك نفس طريقة الجوكية وهذا اسوأ أنواع المستثمرين بالرغم من وجود رؤوس أموال ضخمة في انتظار الفرصة.
{ما هي ميزات الأراضي السودانية؟
من التشوهات التي حدثت في السوق السوداني أصبح العقار والأرض وعاءً للادخار ومجالاً لحفظ المال للذين يريدون حفظ أموالهم، والسماسرة يرفعون سعر الأراضي لأن التنافس عليها كبير وكذلك الدولار أصبح سلعة ووعاء لتخزين المال وخلق الزحمة في الطلب والسمسرة غير الموضوعية والآن أي سلعة تعرض بأضعاف سعرها وتكلفتها، ولها عشرات السماسرة الذين شوهوا السوق في كل المجالات، والغريب أن هؤلاء السماسرة ليست لديهم سجلات ضريبية ولا مكاتب وهم موجودون في سياراتهم وهواتفهم السيارة ولا يدفعون أي شيء، تجارة السُكر والدقيق محتكرة لثلاثة أو أربعة تجار لكل صنف لذلك الاحتكار والسمسرة شوهت السوق السودانية، وحال عدم علاج هذه المشكلة ستظل مهنة السمسرة أفضل من الإنتاج ولابد من وضع حد لها وانهائها، السماسرة الذين يمارسون تجارة الدولار لأنهم يحصلون على نسبة 20% ولذلك يفضلونها على أي إنتاج آخر.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية