ماذا يفعل “المهدي” بعد رفض دعوة أنصاره للخروج إلى الشارع؟
وهل يعود حزب الأمة إلى الحوار أم يظل خارج اللعبة السياسية؟
تقرير – وليد النور
بات موقف إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي “الصادق الصديق المهدي ” بين أمرين صعبين، فقبل عودته إلى البلاد كان موقفا المؤتمر الوطني وجهاز الأمن غير واضحين، فتارة يتم تحريك البلاغات ضده وتارة أخرى تهدأ المطالبات قبل أن يعلن نائب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق “جلال الطيّب ” من مدينة ود مدني، الترحيب بعودة “المهدي” إلى بلده.
في السياق استقبل رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، الدكتور “عبد الرحمن أحمد الخضر” الإمام “الصادق” برفقة آخرين، إلا أن بعض أعضاء حزب الأمة لم يحتملوا الخطاب الذي ألقاه “المهدي” بإعلانه عدم تحمله لقرار خروج الأنصار وأعضاء حزبه إلى الشارع قبل أن يوضح “المهدي” في مؤتمر صحفي لاحق، أن تربية أعضاء حزبه تربية جهادية وكلمة الإمام مسموعة ومعروف أن الحكومة لن تسمح بذلك، بيد أن أحداثاً تسارعت وخرجت مسيرة دعا لها المهنيون في السودان يوم (الثلاثاء) الماضي،
ورفض رئيس حزب الأمة القومي، الإمام “الصادق المهدي” دعوة بعض أنصاره التي تطالب بالمشاركة في الاحتجاجات الحالية على ارتفاع المعيشة، وقال لن أقول لهم أخرجوا ولن أتحمل سفك دمائهم، لأن تربيتنا جهادية، واعترف “المهدي” بأن الاحتجاجات الحالية موضوعية، بيد أنه وصفها (بدخان المرقة) و(علوق الشدة) على حسب تعبيره، وتفتقد إلى التخطيط، محذراً من تحول المظاهرات إلى حرب أهلية يكون ضررها أكبر من نفعها.
ودعا “المهدي” القوى السياسية والمدنية للمشاركة بأعلى ممثليها خلال مؤتمر صحفي عقده بدار الأمة بأم درمان، مع الإعلاميين، إلى “تسيير موكب جامع لتقديم مذكرة لرئاسة الجمهورية تقدم البديل، لتنقل الأمر من العشوائية إلى التخطيط”. وأوضح أن “هناك دعوات سيتم توجيهها للمعارضة للاتفاق على نص المذكرة وموعد المسيرة”، وتابع “إذا النظام تجاوب فكان به، وحال رفض فعليه أن يواجه غضبة الشعب وسندعو إلى إضراب عام وبقية سيناريو الانتفاضة”.
وأقر “المهدي” بأن بعض عضوية حزبه أصابها الإحباط من قرار الحزب بعدم الخروج إلى الشارع، وقال أقدر حماسهم ومن حقهم أن يغضبوا، ولكن لن نسمح لأحد أن يزايد علينا، لأننا لم نعرف النضال اليوم، وأردف (عايزين أنزل بالبرشوت وأدي العايرة سوط)، لكن أبداً لن أقول ذلك، ودعا إلى تحويل الحماسة إلى تخطيط، وقال ندين أي عمل تخريبي وسيظل حزبنا ضد أي تحريض، مع رفضنا التام لأسلوب البطش مع المحتجين.
وفي السياق نفى “المهدي” وجود أي اتفاق بينه وحزب المؤتمر الوطني، ومن يدعي وجود اتفاق سري بيننا إما (حاسد) أو (جاهل)، وكشف عن عرض المؤتمر الوطني عليه رئاسة الوزارة ثلاث مرات ولكنه رفضها (زمان البترول والقروش عندها قيمة).
واعتبر “المهدي” لقاءه مع “مبارك الفاضل المهدي” في لندن، بأنه أسري خالص، مؤكداً وجود لجنة برئاسة اللواء معاش “فضل الله برمة ناصر” لاستيعاب العائدين إلى الحزب حسب تقسيماتهم، مؤكداً وجود ضوابط لأن (حزب الأمة ما زريبة تطلع وترجع على كيفك).
وعقب عودة “المهدي” إلى البلاد في التاسع عشر من الشهر الجاري، سرت حالة من الإحباط الشديد وسط المئات من مؤيديه الذين تجمعوا لاستقباله بأم درمان، بعد وقت وجيز من وصوله البلاد، آملين في سماع كلمات تعبئ الحراك الجماهيري، لكنهم فوجئوا بخطاب يحذر من الاحتباس الحراري ويدعو لحكومة برئاسة وفاقية، ما دفع عدداً مقدراً من كوادر الحزب الشباب لإعلان استقالاتهم من الكيان.
وأوجز “المهدي” خطابه بتقديم مقترح يدعو لصيغة عقد اجتماعي جديد للخلاص الوطني يوقع عليه من أسماهم بأبناء الوطن، ويتم تقديمه بصورة جماعية سلمية لرئاسة الجمهورية.
وأوضح أن الصيغة التي يقترحها تشمل التزام الجميع بوقف إطلاق النار ووقف العدائيات، وتسهيل مهمة الإغاثات الإنسانية، وإطلاق سراح المعتقلين والأسرى، وكفالة الحريات العامة بضوابط لتنظيم ممارستها، وتكوين حكومة قومية برئاسة وفاقية.
ودعا “المهدي” أنصاره لزراعة ملايين الأشجار لمقاومة الاحتباس الحراري وتدهور البيئة.
إلى ذلك تقدم عشرات من كوادر حزب الأمة بالاستقالة وتجميد العضوية في الحزب، معلنين خلال تغريدات على مواقع التواصل، أن موقف “المهدي” الجديد لا يمثلهم وأنهم يؤيدون الحراك الشعبي والاحتجاجات التي بدأت في الشارع.
وقبل يومين من عودة “المهدي” هاجمت الأمينة العامة لحزب الأمة “سارة نقد الله ” نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني ” فيصل حسن إبراهيم ” قائلة إنه استغل لقاءً عابراً بـ”المهدي” في أديس أبابا، “لينسج من خياله موافقة الإمام الصادق المهدي على المشاركة في الدستور الذي ابتدره النظام وفي انتخابات 2020م”.
وكانت وسائل الإعلام قد نقلت تصريحات لـ”فيصل” أنه اجتمع بـ”الصادق المهدي” وأن الأخير وافق على الحوار بشأن الدستور والانتخابات شريطة توفر الحريات، وأن الأمر سيبحث معه حين يعود إلى البلاد.
وشددت “سارة” في تصريحات صحفية، على أن حزب الأمة القومي لن يشارك في أي حوار ثنائي، وأن قضايا الدستور بحثها في مؤتمر قومي دستوري “وليس دستور إقصائـي يفصل لتكريس الديكتاتورية”.
وأضافت أن “الانتخابات الحرة والنزيهة لها استحقاقات ومطلوبات، كما أن تجربة انتخابات النظام الماثلة سماتها تزوير وتزييف إرادة الشعب، لذلك فإن حزبنا لن يكون جزءاً من عملية تجميل وإضفاء شرعية للطغيان”، واستغربت “نقد الله” إصرار مساعد الرئيس على تكرار تصريحاته المجافية للواقع برغم توضيحات الحزب التي أعلنها في مؤتمر صحفي مشهود عقد قبل يومين.
وأردفت “هذا ما تعود عليه النظام، في تشويه ممنهج لمواقف حزب الأمة القومي منذ مجيئه وحتى الآن، لكن الشعب السوداني يدرك ألاعيب النظام، ومصداقية الحزب”، ورأت أن إعادة تدوير ذات التصريحات في وسائل الحكومة الإعلامية الرسمية تهدف بوضوح إلى ضرب وحدة نداء السودان وتشويه صورة الإمام والحزب، خاصة وأن التصـريحات مُتزامنة مع عودة المهدي بـ(الأربعاء).