اختلفنا أم اتفقنا مع الأستاذة “إشراقة سيد محمود” رئيس مشروع الإصلاح والتغيير بالاتحادي المسجل، فقد درجت هذه القيادية على استخدام المقص كحالة ثابتة في معاركها مع خصومها على طول الخط، حيث ارتسمت هذه الصورة الواقعية عن شخصية “إشراقة” كمقاتلة صعبة المراس سريعة الغضب والفوران، تتحرك من خلال زحف كرنفالي وإعلامي في وجه الذين تعتبرهم في خانة الأعداء المناوئين لها، بغض النظر إذا كانت على صواب في حربها أم على خطأ.. لقد فعلت ذلك في حربها مع حزبها ونقابة العاملين بوزارة العمل، وبعض المحطات الأخرى، وها هي الآن من خلال تطور جديد تدخل في معركة واضحة المعالم ضد المؤتمر الوطني، بعد أن تدهورت العلاقة معه إلى مستوى متواضع على خلفية مؤازرة الحزب الحاكم الدكتور “أحمد بلال” على حساب العلاقة القديمة معها (أي إشراقة) والتي ظهرت بشكل لا يقبل القسمة بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني الحالية.
قطع المسافة بين الصداقة والاختلاف يحتاج إلى خطوات منتظمة وحسابات متأنية في سبيل فتح أبواب المراجعة والدراسة، أو العمل على ترك الفرامل تتطور بهدف قيام معادلات كيميائية لها ما بعدها، فلا أحد يستطيع أن يتكهن بمستوى النتائج التي قد تتمخض جراء المنهج الموغل في الخطورة الذي تتصدره “إشراقة” في وجه السُلطة.. ها هي رئيس مشروع الإصلاح والتغيير بالاتحادي المسجل، ترفع مذكرة غير مسبوقة للقائد العام للقوات المسلحة تحثه على تذكر مهامه غير العسكرية التي تشكل ترياقاً يحمي البلاد من الفوضى في حالة تأزم الموقف السياسي.. فلا شك أن هذه المذكرة لها صيغة دستورية بنص المادة (144/2) إلا أنها تحمل معاني وأشياء من وراء الأكمة، فهي خطوة تتوشح القانون غير أنها لها مؤثرات قد لا تروق للوطني.. وبذات القدر تخاطب “إشراقة” مواطني الرقعة الملتهبة في عطبرة باستخدام حقهم القانوني في التظاهر، وتطالب الشرطة بتوفير الحماية لهم، فهي أيضاً دعوة تقوم على المربعات السحرية إلى جانب أنها مبنية على المبادئ العامة والقيم الموضوعية.. فكيف ينظر المؤتمر الوطني إلى هذه الخطوات التي لها تأثير واضح في الكيمياء السياسية، فهل تكون مدخلاً لتمتين صفحة العداوة مع “إشراقة” أم هي نافذة لفتح العشق القديم؟
لا شك أن وثبة الجمباز العاتية التي انطلقت من “إشراقة” ربما تشكل منهجاً معادياً للسُلطة لا يعرف التوقف والهدنة، فهل يستفيد الاتحادي المسجل من هذا الوضع الدراماتيكي أم لا؟.. قد تحمل الإجابة القاطعة مضارب متنوعة يدخل في أتونها الشق الوطني المرتبط بتطورات الساحة، وكذلك تدخل فيها اتجاهات بوصلة الصراع الحامي بين “إشراقة” و”بلال”.. وربما يستخدم الوطني أدواته وجبروته في وجه “إشراقة” إذا تمادت في معاداته، وقد تفكر رئيسة مشروع التغيير بالاتحادي إلى جر الحزب الحاكم إلى هذا الوضع، فكل الاحتمالات مبنية على جدول اللوغريثمات الغامض، فالشاهد أن علاقة الوطني مع “إشراقة” بدأت بالتحالف والدخول في مواقعه الدستورية ثم الوصول إلى المنطقة الوسطى حتى استخدام المقص في باحته..! فالواضح أن “إشراقة” في حالة حرب دائم تتلفح ثوب من رماح لا تقر الهدنة والاستراحة ولا تعرف عقد سوميت على العنق، فهل تصدم الجدار الأسمنتي أم تخترق فواصل الزمن؟ فكيف إذن تكون محصلة وثبة الجمباز العاتية على ملعب المؤتمر الوطني؟!