الخرطوم : سيف جامع
دفعت الاحتجاجات المحدودة، التي شهدتها البلاد (الخميس) الماضي، دفعت الحكومة لتوفير الوقود ودقيق الخبز، الأمر الذي انعكس مباشرة في تقليل حجم الصفوف أمام المخابز ومحطات خدمة الوقود وانسياب المواصلات بصورة نسبية، وتشهد البلاد منذ بداية العام الجاري شحاً كبيراً في الوقود والخبز والسيولة، وأصبحت ظاهرة اصطفاف المواطنين أمام المخابز ومحطات خدمة الوقود والصرافات الآلية مشهداً مألوفاً وتفاقمت الأزمة الأسبوع الماضي وبلغت ذروتها في ظل تراجع كبير لسعر صرف الجنيه السوداني أمام العُملات الأجنبية، وتجاوز سعر صرف الدولار حاجز الـ(80) جنيهاً في السوق الموازي.
وانعكس ذلك على حركة التجارة، وعمليتي البيع والشراء، وسجلت زيادة غير مسبوقة في أسعار السلع الاستهلاكية، إذ ارتفع سعر جوال السُكر المستورد زنة (50) كيلو من (1050) جنيها في الأسبوع الماضي إلى (1550) جنيهاً.
وكشفت جولة (المجهر) أمس بمحطات الوقود والمخابز عن وجود وفرة في الخبز واختفت في بعض المخابز ظاهرة الصفوف، وعزا أصحاب المخابز ذلك إلى استلامهم لحصصهم من الدقيق منذ يوم (الخميس)، بيد أنهم طالبوا بمضاعفة الحصص من الدقيق لتحقيق الكفاية للمستهلك. ورصدت (المجهر) وجود ما بين (7ـ10) أشخاص أمام نوافذ البيع بالمخابز مقارنة مع الأسبوع الماضي، حيث يصطف العشرات أمام المخابز طلباً للخبز لأكثر من ساعة، وشهدت محطات الوقود وفرة خاصة (البنزين) حيث أصبح متوفراً، وأكد عامل بإحدى المحطات أن البنزين والجازولين متوفران، لكن هنالك مشكلة في الجازولين إذ ينتهي سريعا، بسبب زيادة الطلب عليه خاصة وأن مركبات النقل العام تستخدم الجاوزلين، ورصدت كاميرا (المجهر) اصطفافاً محدوداً للسيارات في محطة وقود (أويل ليبيا) بضاحية بري، ويبلغ استهلاك السودان من البنزين حوالي (4000) طن في اليوم، فيما تنتج المصفاة (3200) طن، تستورد الحكومة الآن ما يغطي العجز، وقال رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، “معتز موسى”، إن الوقود متوفر بميناء بورتسودان، وفي طريقه للعاصمة والولايات بحسب تغريدة له نشرها في حسابه على (تويتر)، وأرجعت الحكومة الأزمة إلى سوء الإدارة.
وأكدت محلات البيع المخفض بولاية الخرطوم، استقرار أسعار السلع المعروضة لديها، بالرغم من الزيادة الكبيرة التي طرأت في الأسعار ووقفت (المجهر) أمس في أحد مراكز البيع المخفض، حيث كشفت عن فرق السعر بين محال البيع المخفض والسوق، وعزا العامل بالمركز ذلك إلى أن الأسعار التي يبيعون بها للمواطنين قديمة قبل الزيادة الأخيرة، لجهة أن السلع المعروضة من قبل الزيادة الآنية، مؤكدا أن هنالك زيادة في الأسعار لكنهم لم يذهبوا بعد إلى السوق لشراء سلع جديدة، لافتا إلى أن السكر ارتفع إلى (1500) جنيه، وقال إن سعر علبة الصلصة الحجم الكبير لايزال بسعر (35) جنيها بينما في السوق بلغ (50) جنيها ورطل الشاي (120) جنيها فيما بلغ في السوق (150) جنيها.
وقال “ناجي محجوب بابكر” إن أسعار الغاز مستقرة مع وجود وفرة بخلاف الأيام السابقة، مؤكدا سعر الأسطوانة (140) جنيها فقط، مشيرا إلى محلات البيع المخفض عددها أكثر من (100) محل منتشرة بولاية الخرطوم، تحتوي على السلع الاستهلاكية والغاز.
وكانت شائعات سرت عن توقف شركات دال للصناعات الغذائية عن إنتاج وتوزيع منتجاتها بسبب ارتفاع سعر الدولار، لكن شركة دال نفت ذلك، وبالرغم من تأكيد مجموعة شركات دال الغذائية عن استمرار عمليات الإنتاج والتوزيع لكل منتجاتها الغذائية من ألبان وعصائر ودقيق وغيرها، سبقت ذلك بتعميم قائمة جديدة لأسعار منتجاتها وأن جميع خطوط الإنتاج تعمل بشكل طبيعي، مضيفة أن جميع شاحنات وسيارات التوزيع تنساب في عمليات التوزيع للبقالات والمتاجر في جميع أنحاء العاصمة والولايات.
وأفاد مصدر مطلع من داخل الشركة، أن عمليات الإنتاج لم تتوقف على الإطلاق، إلا أن التوزيع كان قد توقف يوم (الخميس) الماضي، مؤقتاً لمراجعة أسعار البيع ومواكبتها لأسعار الصرف بحسب مجريات الأُمور، مؤكداً أن عمليات البيع والتوزيع مسْتمرة منذ صباح يوم (السبت) كالمعتاد.
ومع اقتراب إجازة ميزانية 2019 يخشى المواطنون من زيادة جديدة قد تطرأ على الأسعار، لكن رئيس مجلس الوزراء القومي، “معتز موسى”، جدد استمرار الحكومة في دعم الخبز بمبلغ (350) مليار جنيه يومياً، لحصة ولاية الخرطوم البالغة (43) ألف جوال، ودعا “موسى” المواطنين إلى ضرورة مراقبة المخابز حتى لا يتحول دقيق الخبز المدعوم إلى استخدامات أخرى، وأكد عدم وجود اتجاه لرفع الدعم في الوقت الحالي.
فيما ظلت أزمة شح النقود بالصرافات قائمة، فطوال يوم أمس شهدت الصرافات ازدحاماً، لكن في عصر ذات اليوم تم تغذية عدد من الصرافات بمدينة الخرطوم بحري، ويصطف المواطنون يومياً أمام الصرافات في مشهد متكرر منذ أشهر، حيث أكد موظفون أنهم لم يتمكنوا من سحبهم مرتب شهر نوفمبر الماضي، بالرغم من أن شهر ديسمبر مضى نصفه، وأشاروا إلى أن تغذية الصرافات لا تتم بصورة كافية وتواجه البنوك صعوبة بالغة في توفير الكاش مقابلة سحوبات العملاء بسبب سياسة بنك السودان لإعادة توازن سعر الجنيه، مما عزز إطلاق شائعات عن إفلاس النظام المصرفي، لكن رئيس الوزراء، “معتز موسى”، نفى ذلك، وحمَّل “معتز” مطلقي الشائعات مسؤولية إفلاس البنوك وشح السيولة الحالية، وقال إن الأموال المودعة في البنوك كودائع استخدمتها البنوك في المرابحات والمضاربات وحتماً ستعود خلال سنة أو سنتين.
وجددت الغرفة القومية للمستوردين باتحاد الغرف التجارية التأكيد على مواصلة سعيها عبر آلياتها وتعاونها مع جهات الاختصاص المختلفة لتخفيف آثار التحديات الاقتصادية على منسوبي الغرفة، خاصة فيما يلي مراجعة السياسات المالية والنقدية بموازنة العام ٢٠١٩ والتي عبرت الغرفة عن أملها بأن تكون قد استصحبت الظروف والتحديات التي تواجه جميع القطاعات.