مخرج (حكايات سودانيّة) يبوح لـ (المجهر) بأسرار التجربة
(الدراما السودانية تعاني).. هذا ما يقوله كل أهل الشأن ويوافقهم عليه الواقع بلا شك.. إذ لم تفلح الدراما السودانية حتى الآن في كسر طوق المحلية وحجز مقعدها في ركب الدراما العربية.. وتتفاوت الأسباب في ذلك بين اتهام الممثل السوداني بالكسل والنمطية.. وبين اتهام الدولة بأنها لا تولي الدراما ما تستحق من اهتمام.. وهناك من يلقي باللائمة على الفضائيات التي لا تحفل كثيراً بإنتاج هذا الضرب من الفن الإنساني.. لكن في خضم هذا الواقع تشرق تجارب تفرض على المتابعين والنقاد احترامها.. ومنها تجربة (حكايات سودانية) التي قدمت حتى الآن (103) حلقات واحتفى بها النقاد حتى صارت مرجعاً درامياً كما قال بعضهم.. بالإضافة إلى تجارب جريئة اقتحمت أوربا وأمريكا وصوّرت أعمالاً سودانية تتعلق ببني جلدتنا في تلك البقاع.. وهي المغامرات التي خاضها الأستاذ جمال عبد الرحمن منتجاً.
ولأن القاسم المشترك بين (الحكايات) وبقية الأعمال هو المخرج “أبو بكر الشيخ”.. رأينا أن نستنطقه في هذه المساحة في عدد من المحاور:
{ تجربة (حكايات سودانية) جاءت في زمن تعاني فيه الدراما.. حدثنا عن الفكرة والبدايات؟!
– (حكايات سودانية) هي مبادرة من قناة الشروق، وفكرتها أن توفِّر دراما سودانيّة تحمل مضامين السلام والتنمية والاستقرار، وأوكل العمل بدايةً لفريق على رأسه مخرج سوري، بمساعدين سودانيين.. وكنت أشغل حينها منصب المخرج المنفذ.. واستمر الحال هكذا حتى وصلنا إلى الحلقة (14)، ثم توقّف الفريق السوري، فاستعانت القناة بالأستاذ “قاسم أبو زيد” الذي قام بإخراج حلقة واحدة ثم توقّف بدوره.. بعدها رأت القناة المغامرة والعمل بالفريق الفني السوداني الذي كان مساعداً للفريق السوري، وذلك للحفاظ على نفس نسق العمل.. وتوليت مهمّة الإخراج.. وبعدها واصل قطار الحكايات انطلاقه حتى رفد مكتبة الدراما السودانية بمائة وثلاث حلقات.. وصارت التجربة بحمد لله مرجعاً دراميّاً سودانيّاً كامل الدسم كما قال النقاد.. وما يميز السلسلة أنها شبابية بالكامل.
{ تتحدّث وكأنّ التجربة مرّت بسلاسة.. وأراك قد قفزت فوق الصعوبات.. فصِّل لنا أكثر؟!
– الصعوبات موجودة في أي عمل.. وبخصوص الحكايات فالتحدي الأول كان جغرافياً.. بدءاً بصعوبة الترحال وصولاً إلى معاناة العمل في كل بقاع السودان.. شمالاً وجنوباً.. شرقاً وغرباً.. إذ كان التصوير في أماكن نائية محفوفة بمخاطر الطبيعة.. جبال وصحاري وفيافي.. قضى فيها فريق العمل أياماً وليالي.. أمّا التحدي الثاني فكان في محاربة (بعض) الزملاء للتجربة في بداياتها.. وهذا أمر طبيعي نحسب أننا تجاوزناه الآن، وقُبلت التجربة من كل أساتذتنا وزملائنا، عدا القليل الذي يحسب بأصابع اليد.
{ يلاحظ تعدّد الوجوه تمثيلياً في (حكايات سودانية).. كيف يتم اختيار الممثلين؟
– كل حلقة يتم اختيار الممثلين لها بصورة مختلفة عن سابقتها.. وهذا مكننا من إشراك أكبر عدد ممكن من باب التنوع وإتاحة الفرص.. بل كادت الحلقات أن تجمع كل الممثلين السودانيين إلا القليل جداً.
{ نخرج من الحكايات إلى تجارب خرجت فيها الكاميرا للتصوير بأوربا وامريكا.. وعادت في إحداها النجمة المهاجرة “تحية زروق”؟!
– منها فيلم (درب النمل) الذي تم تصويره بين هولندا وفرنسيا وبلجيكا، وهو يناقش – لأول مرة – هجرة الشباب السودانيين غير الشرعية.. ويعرض عدداً من المآسي لشباب يموتون وهم يهاجرون بلا دليل.. وهناك من يصابون بالشلل بسبب البرودة الشديدة.. وهناك من يضيعون وينتهون إلى السجون.. وأيضاً من التجارب فيلم (روح الأعياد).. ويناقش معاناة السودانيين المغتربين في أوربا خلال الأعياد.. أما فيلم (تحية واحتراماً) الذي تم تصويره بأمريكا.. فيناقش مشكلة أبناء المهاجرين الذين يحملون الجنسية الأمريكية ولم يزوروا السودان.. فهم متنازعون ما بين ثقافتين.. وقد أسعدنا جداً أن تشارك فيه نجمتان بقامة “تحية زروق” و”تماضر شيخ الدين”.. وكانت فرصة لتقديمهما للجيل الجديد الذي لم يشاهدهما.
{ كيف أقنعتم تحية زروق بالمشاركة؟
– العمل عرض على النجمة فسألت عن المخرج فقيل لها إنه “أبو بكر الشيخ”.. فطلبت مهلة لمشاهدة بعض تجارب المخرج ثم وافقت.. والطريف أنه في أول لقاء بيننا أشرفت على استقبالها وتهيئة مكانها بل حتى سؤالها عن ما تفضل تناوله من طعام.. وبعد انصرافي سألت عن المخرج فقيل لها إنه من كان برفقتك.. فطلبت حضوري فوراً و(جضّمتني) وقالت: (الشافع دا).. فضحك الجميع.. وكانت فرصة عظيمة للاستفادة من خبراتها.. وقد بكت وهي تودعنا.. وقالت إنها تريد الرجوع إلى السودان لكن بعد بعض الترتيبات.
{ ومن أنتج هذه الاعمال؟
– الأعمال كلها أنتجهتها شركة (خزف) لصاحبها الأستاذ “جمال عبد الرحمن”، الذي رأى أن ينتج أعمالاً تخدم الدراما السودانية حقيقة دون انتظار التسويق المسبق لها.. وكانت مغامرات جريئة يستحق عليها التحية.. وبعد عودتنا للسودان بادرت قناة الشروق بشراء كل الأعمال بعد مشاهدتها.. فلها التحية.