المؤتمر الوطني .. الدبلوماسية الحزبية عبر المجالس الأفريقية
التوجه لأفريقيا من خلال منظمات المجتمع المدني
تقرير _ هبة محمود سعيد
اتخذ حزب المؤتمر الوطني الحاكم خلال سنواته الماضية، سياسة للانفتاح على الأحزاب الأفريقية، وسعى للتواصل معها وتنفيذ خططه في المحيط الإقليمي، ومن بينها مواجهة العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان، ومناهضة المحكمة الجنائية الدولية، ما أسفر عن خروج عدد من الدول الأفريقية من ميثاق المحكمة الجنائية باعتبار أنها أداة استعمارية مسلطة على الدول الأفريقية.
مجالس أفريقية
في العام 2013 تشكل مجلس الأحزاب الأفريقية في الخرطوم وانتخب نائب رئيس الحزب الحاكم في السودان د.” نافع علي نافع” أميناً عاماً للمجلس، فيما انتخب ” وينتر كابمبا” من دولة زامبيا رئيساً للمجلس الذي اتخذ من الخرطوم مقراً له.
الشهر الماضي تولى نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، الدكتور “فيصل حسن إبراهيم” مقاليد أمانة المجلس من سلفه د.” نافع ” بحكم لائحة المجلس التي تنص على حق الحزب الحائز على المنصب تبديل المرشح. شارك في المجلس (45) حزباً من (34) دولة من أقاليم أفريقيا الخمسة، ويتكون المكتب التنفيذي للمجلس من (30) عضواً يمثلون (30) حزباً أفريقيا، يهدف إلى توطيد العلاقات المشتركة بين الأحزاب الأفريقية والعمل على تشجيع تبادل الخبرات وتنسيق المواقف على الأصعدة المختلفة وحل المشكلات الداخلية في إطار القارة.
ويمثل مجلس الأحزاب الأفريقية بحسب مراقبين بادرة أفريقية غير مسبوقة يعزز من آليات العمل الأفريقي المشترك من خلال إحداث فضاء سياسي جديد متناسق في الرؤية والأطروحات تجاه كل القضايا الأفريقية.
فترة خصبة شهدها مجلس الأحزاب الأفريقية خلال تولي الدكتور “نافع علي نافع” منصب الأمين العام له وذلك من خلال رسائله الإيجابية _ أي المجلس_ الموحدة للدول الأعضاء، وقد تمكن من خلال ذلك التكتل الأفريقي، تكوين رأي سياسي قوي وواضح، ظهر ذلك جلياً عبر انسحاب الدول الأفريقية الموقعة على قرار الجنائية، الذي وصفته الأمانة العامة للمجلس بالموقف التاريخي من قبل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، ودعت الأحزاب السياسية الأفريقية لتحذو حذو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من أجل عزة وكرامة الشعوب الأفريقية .
وقد أكد القيادي بالمؤتمر الوطني بروفسير ” الأمين دفع الله” بوصفه مراقباً ولصيقاً بشؤون المجلس خلال حديثه لـ( المجهر) أن السودان استطاع من خلال المجلس أن يطرح رؤيته التي يريد، لافتاً إلى لعبه ادواراً كبيرة في قضايا الأمن والسلم، وقال: (جميع التفاعلات التي كانت في الفترة الماضية خلقت صلات قوية بين الأحزاب الأفريقية الأعضاء)، وزاد: (المجلس استطاع أن يشكل رأياً إقليمياً، ولأول مرة يتجه السودان نحو أفريقيا).
أنشطة غير سياسية..
لم يتوقف نشاط المجلس على العمل السياسي فحسب، بل تضمنت أنشطته برامج خاصة بالمرأة والشباب، وقدم الدكتور “نافع” على قدرات و إبداعات قيادات المرأة في أفريقيا ، مشيراً إلى الإرادة القوية للمرأة الأفريقية، لافتاً إلى قدرتها على المساهمة الفعالة في نهضة القارة ورفاهية إنسانها.
ودعا الأمين العام لمجلس الأحزاب السياسية الأفريقية خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لاجتماعات المكتب التنفيذي لجناح المرأة والورشة التدريبية بقاعة برج الاتصالات بالخرطوم بحضور البعثات الدبلوماسية المعتمدة بالخرطوم أبريل الماضي، دعا المكتب التنفيذي لجناح المرأة في السعي لتحقيق إنجازات كبيرة في القارة باعتبار أن القارة بكرة و معطاءة، وقال: “تقع عليكن مهمة حشد نساء أفريقيا في إطار مشروع نهضوي كبير وهادف يمكن نساء القارة سياسياً و اقتصادياً والذي يطور المرأة الأفريقية معرفياً وتقنيا”.
وأشار نافع إلى أن مجلس الأحزاب السياسية الأفريقية اهتم بالتنمية السياسية داخل الأحزاب الأعضاء بالدعوة إلى أن تعزز الأحزاب قيم الحرية و الديمقراطية والنزاهة والشفافية بالإضافة إلى بناء المؤسسات الحزبية المستقلة في أدائها.
دبلوماسية فئوية …
واجهة أخرى للدبلوماسية الحزبية والفئوية يمثلها مجلس الشباب العربي والأفريقي الذي تأسس في العام2004 واتخذ أيضاً من الخرطوم مقراً له، حيث شغل مقعد الأمين العام الأستاذ “ياسر يوسف” والي الشمالية الحالي ليخلفه الأستاذ د.”عوض حسن” في أمانة المجلس. ويعد المجلس منظمة شبابية دولية تضم في مكتبها التنفيذي (17) دولة عربية وأفريقية ومنتشر في (8) منسقيات، كانت له إسهاماته في القضايا الوطنية في تمثيل لعدد من الدول العربية والأفريقية في مراقبة الانتخابات العامة للسودان 2015م والاستفتاء الإداري لدارفور والحوار الوطني وقام بإعداد تقارير للمراقبة في مصلحة السودان. مكنت الدورة الحالية التي استمرت لمدة أربعة أعوام، بدأ من أغسطس من العام 2014م وستختتم في ديسمبر الحالي للعام 2018م، أن يكون المجلس مسجلاً في الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، كما أن للمجلس علاقات كبيرة مع المنظمات الإقليمية النظيرة.
مبادرات داخلية وخارجية ..
مبادرات داخلية وخارجية تبناها مجلس الشباب العربي والأفريقي، استطاع بأن يكون عبرها جسراً للتواصل بين الشباب العربي والأفريقي، كما قدم مساهمات ورعايات للمعوقين والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة بدعم من الدول العربية مثل البحرين والسعودية والإمارات.
وقد قدمت الدورة الحالية العديد من المبادرات داخلياً وخارجياً قامت بتشجيع الشباب عربياً وأفريقياً عبر جائزة (أفرابيا) للشباب العربي والأفريقي التي استمرت لأربعة أعوام متتالية، والتي تأتي هذا العام بحسب الأمين العام لمجلس الشباب العربي والأفريقي” عوض حسن إبراهيم” لـ(المجهر) متوسعة المجالات عن الأعوام الماضية، فكانت خمسة مجالات تمثلت في: (الشعر _ القصة القصيرة _ الفنون التشكيلية _ الأفلام القصيرة _ الموسيقى) بدلاً عن ثلاثة مجالات للعام الماضي، لافتاً إلى أن الشروط العامة للمسابقة هي أن تتراوح سن المتسابقين بين (18 _ 35) عاماً.
التوجه إلى أفريقيا …
إذاً علامة فارقة في مسار القرارات السياسية شكلها مجلس الأحزاب الأفريقية خلال سنوات تكوينه الخمس الماضية، ومساهمته في تعميق الديمقراطية في القارة الأفريقية، في الوقت الذي لعب فيه مجلس الشباب العربي والأفريقي خلال سنوات تكوينه الـ(14) دوراً نظيراً عبر مسار آخر متمثل في تشكيل الشباب وتغيير مسيرتهم من خلال توعيتهم وتبصيرهم بالمخاطر المحيطة بهم عبر برامج توعوية وتنويرية، وإعدادهم على القيادة بأفكار تنافس القارات الأخرى.
ويرى المحلل السياسي الأستاذ ” حسن الساعوري” في حديثه لـ(المجهر) أن السودان أراد أن يعطي أفريقيا حقها من خلال الاتصالات والعلاقات عبر هذه المجالس، بعد أن كانت توجهاته عربية، وقال: يبدو أن الناس شعروا أن هناك عدم توازن في العلاقات، وبالتالي فكروا في إعطاء الحزب حقه من العلاقات، وزاد: قضايا المجتمع المدنية كلها محاولة للوصول إلى الشعوب شعبياً قبل الوصول إليها رسمياً، ومضى قائلاً: إذا استقر السودان سيجد نفسه مطلوباً للقيادة في المنظمات الإقليمية الأفريقية مثل إيقاد والاتحاد الأفريقي، كما أنه سيجد نفسه المحور الأساسي للقارة وسيكون وضعه مختلفاً.