حوارات

رئيس الحركة الوطنية لجنوب السودان المعارضة د. “كاستيلو قرنق” في حوار مع (المجهر)

ـالأسبوع المقبل سيتم عقد اجتماع حول إعادة خط سكك حديد بابنوسة/ واو

-جنوب السودان بعد الانفصال تحول إلى نقطة التقاء بين العرب والأفارقة، وعلى الدول العربية تقوية أواصر الصداقة مع جوبا .

هناك شكوك وشبهات حول المعارضة الجنوبية في دول الغرب

محاسبة مرتكبي المجازر يجب أن تتم وفقاً للأعراف لتحقيق السلم الاجتماعي والعدالة

حوار : فائز عبد الله

أكد رئيس الحركة الوطنية بجنوب السودان، “كاستيلو قرنق” أن جنوب السودان أقرب الدول جنوب الصحراء للعرب، كما أن مصر وليبيا لم تعارضا تطلعات الجنوبيين، وشدد أن الدول الأوروبية باتت الآن مستعدة لدعم السلام مجدداً.
وأوضح “كاستيلو” لـ(المجهر) أن جنوب السودان تحول بعد الانفصال وتبنى شمال السودان للهوية العربية، إلى نقطة التقاء بين العرب والأفارقة.
وطالب النخب في دولة جنوب السودان بأن لا تخطئ التفكير في العرب لأن دولة الجنوب باتت أقرب دول جنوب الصحراء الآن للدول العربية، قائلا: “الجار قبل الدار بغض النظر عن أي اختلافات أخرى”.
قال رئيس الحركة الوطنية لجنوب السودان “كاستيلو قرنق” إن وجوده بالمانيا طوال (44) عاماً لم يُغره بالتخلي عن الجنسية الجنوبية والانتماء إلى الجنوب، وأضاف أن دوره أثناء حياة الزعيم الراحل “جون قرنق” انحصر في مسارات التنمية وتحديث وسائل النقل والنقل النهري والسكك الحديدية والنقل البري، بجانب مشروع السكة حديد التي لها دور متطور في هذا العصر الذي نتحدث فيه عن التغيير المناخي.
وأشار “كاستيلو” إلى أن (مصر وليبيا لم تعارضا تطلعات الجنوبيين)، وأضاف أن أغلب الجنوبيين يتحدثون ويفهمون اللغة العربية أكثر من أي لغة أخرى، مبينا أن الرئيس “سلفا كير” عندما يخاطب مواطنيه بالعربية يفهمه عدد أكبر، ما لا يحدث عندما يخاطبهم بالانجليزية.
وأوضح أن الدول الغربية ترى أن الحرب في جنوب السودان الأخيرة شبيهة بحرب الثلاثين عاما التي شهدتها أوروبا وذلك بتحول الحرب في الدولة الحديثة إلى “حرب الكل على الكل” فإلى مضابط الحوار.

*السيد “كاستيلو”.. في البدء حدثنا عن موقف الدول الغربية من قوى المعارضة من قضية سلام جنوب السودان؟
بدون مجاملة الرأي السائد في الدول الغربية عن المعارضة الأفريقية بصورة عامة هو أنها لا تختلف كثيرا عن رأيها في قيادات حكومة الجنوب، إلا كونها في المعارضة فقط والسبب الأساسي في ذلك أن المعارضة التي تخرج من السُلطة يكون صوتها صاعدا وعاليا ويختلف أثناء وجودها في النظام وايضاً لا تكون هناك معارضة لنظام أو حكومة لدولتها إلا إذا فقدت السُلطة فيها.
أما إذا عادوا وحصلت تسوية ورجعوا إلى أحضان السُلطة نادراً ما تتذكر هذه القيادات حديثها وأقوالها التي قالتها أثناء معارضتها لنظام.
– كيف تنظر للتغييرات الإقليمية وخاصة التي حدثت في دول جوار جنوب السودان ؟
التحولات الإقليمية بدول الجوار مثل يوغندا وكينيا وإثيوبيا وغيرها تعمل من أجل تحقيق مصالحها والاستفادة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية، والإعجاب الوحيد الذي نشهده في أوروبا ويتم الترويج له في الدول الغربية هو رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد “أبي أحمدي” الذي قيل عنه إنه بالرغم من قصر الفترة التي قضاها في الحُكم إلا أنه أنجز الكثير حتى القضايا الشائكة مثل سرعة المصالحة مع اريتريا .
وهنالك شكوك وشبهات حول المعارضة الجنوب سودانية من دول الغرب وسيكون الامتحان بعد وصولنا إلى كراسي الحُكم ربما ينطبق علينا ما قاله الرئيس “سلفاكير” حديثاً في مدير عام الجمارك الذي تم فصله بأنه محاط بأناس يحبون الأكل ويكرهون العمل.
فالمعارضة عليها أن تفي بما تفعله بعد وصولها إلى كراسي الحُكم وليس فيما تقوله أثناء وجوده في المعارضة.
و الاختلاف في الرأي محبب في أوروبا وهو أساس الديمقراطية لأنهم يظنون بأن الاختلاف في الرأي يولد شيئا جديدا.
-هناك اتهامات لقيادات بالجنوب “لكاستيلو” أنه عميل لألمانيا بعد منحه الجنسية؟
الأحاديث عني لم تتوقف ولكن أقوال أن وجودي في ألمانيا لفترة (44) عاماً جعلني أجهل أو أتناسى هذه الأقوال والاتهامات وأصبحت كمن يعيش في الأفلام المستقبلية الخيالية لأنني عشت في دولة لا تعرف القبلية حتى وأن عرفت العنصرية فالآن يوجد عضو بالبرلمان الالماني أصوله من غرب أفريقيا وكان يمكنني أن أكون عضواً في البرلمان الألماني لو أخذت الجنسية الألمانية وبالرغم من عيشي في المانيا لمدة (44) سنة وزوجتي المانية وأبنائي بلغوا سن الرشد، إلا أنني لم أتجنس أو آخذ الجنسية الألمانية، وحتى من اتوا بعدي ساعدتهم في الحصول على الجنسية الألمانية.
-هل تم ترشيحك لبرلمان بالمانيا؟
صحيح .. هنالك حزب سياسي الماني مرموق، طلب مني ترشيحي إلى البرلمان الألماني إلا أنني رفضت .
وهنالك في جنوب السودان من يظنون بأنني الماني الجنسية ويتساءلون لماذا تتدخل بشؤون الجنوب.
– إذا استدام السلام هل ستعود إلى المانيا، أم تقيم بالجنوب؟
إذا استتب السلام في ربوع الجنوب وقررت لأسباب ما فلربما افكر في أن أصبح المانياً إلا أنني لم افعل ذلك حتى ساعاتنا هذه .
-ما هو موقفك من قضية القيادات المطلوبة لدى المحكمة الجنائية الدولية ؟
نصيحتي أن لا نتنكر للعدالة، وأن طرحي كان أن هنالك من فقد العديد من ذويهم في الحرب الداخلية في جنوب السودان، وهذه الحرب لم تكن إثنية فقط بالمفهوم الشائع لأن هنالك من النوير قتلوا النوير ومن الدينكا قتلوا الدينكا، كما وقع في مناطق واراب والبحيرات والنوير في شرق النوير، فتعريف الحرب التي دارت في الجنوب ناقص لجهة أنها حرب خرجت عن الإطار كما جاء في تعريف “كلازوس بدس” (عن الحرب) والعديد من القبائل لا تعرف أين هي أوروبا ناهيك عن (لاهاي) ولكي تشعر هذه القبائل بأن العدالة قد حققت قلت إن تكون المحاكم داخلية بمشاركة قيادات هذه القبائل بشاهدة المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي، والقوانين القبلية السودانية والجنوب سودانية المختلفة تحبذ التعويض لصالح الأحياء بدلا عن الانتقام فإذا تم سجن من تسببوا في المجازر في سجون خمسة نجوم في (لاهاي) فهذا لن يمنع الانتقام، لذا يجب الأخذ بالاعتبار ما ذهبت إليه في إجراء محاسبة من ارتكب جرما، وبذلك نكون قد استجبنا لمطالب المجتمع الدولي وحققنا السلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، هذان هما الأساسيان ويمكنني الدفاع عن هذا الموقف .
وحتى إبان دخول الاستعمار لم يكن مجتمع الدينكا مثلا يعرف السجون بل التعويض.
-ماهو دورك في الحركة الشعبية قبل رحيل الزعيم “جون قرنق”؟
كان دوري في الحركة الشعبية أثناء قيادة الراحل د “جون قرنق” التفكير في مسارات التنمية واتقفنا على تحديث وسائل النقل والنقل النهري والسكك الحديدية والنقل البري، لجهة أن مشروع السكك الحديد لها دور متطور في هذا العصر الذي نتحدث فيه عن التغيير المناخي فالسكك الحديدية صديقة للبيئة، وتربط في المقام الأول بين جنوب السودان والسودان وسهلة التنفيذ لوجود خط بين واو وبابنوسة والذي يسهل تمديده إلى جوبا وإلى دول الأفريقية المجاورة وهذا سيكون مشروعنا الأول بدلا من التغاضي عن الحقائق والهروب إلى (ممبسا) فالمعادلات الاقتصادية تتطلب منا أن نبدأ بمشروع السكك الحديد – واو – بابنوسة وتحديث النقل النهري لأنه سريع وموجود منذ سنوات، ثم التركيز على المشاريع الزراعية مثل توسيع مشروع الأرز في أويل الذي مساحته الآن (11 هكتاراً) نريد توصيله إلى (100 هكتار) لتقطيعه حسب حاجات المنطقة الاستهلاكية والتصدير.
-من أين يتم تمويل هذه المشاريع ؟
أنا تحدثت في العام “2016”م مع ممولي مشروع السكة الحديد، وافقوا على تمويل المشاريع الزراعية الأساسية ومشروع السكك الحديدية والنقل النهري، وكلفت فريق من المحامين بإعادة الاتصالات بهذه المجموعات والممولين وقد نجحنا في ذلك وسيكون أول اجتماع مباشر في 12/12/2018 حول إعادة خط السكك الحديدية واو /بابنوسة، أما الخبراء الألمان فقد أعطوني الدراسة الأولى لهذا الخط قبل أسبوع وهي الأن في حوزتي وهنالك الكثير الذي يمكن تحقيقه مثل التنقيب عن النفط في بحر الغزال والاستوائية، فالنفط لا يوجد فقط في أعالي النيل كما توجد كميات كبيرة من المعادن في بحر الغزال والأستوائية.
– ما رأيك في علاقة جنوب السودان مع الدول العربية ؟
علينا ألا نخطئ التفكير في هذه العلاقة فالعرب اقرب إلينا من غيرهم فالجار قبل الدار، بغض النظر عن أي اختلافات أخرى ونحن اقرب الناس للدول العربية من الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، المحور الذي يتحدثون عنه بأن السودان المعبر بين الدول الأفريقية والدول العربية تتمثل في قلب الالتقاء والممر هو (جنوب السودان) إذ إن الشمال ذو هوية عربية فلا يمكنه أن يكون معبرا في آن واحد، والكثير من الجنوبيين يتحدثون اللغة العربية، وحينما يتحدث الرئيس “سلفا كير” باللغة الأنجليزية يفهمه عدد اقل من الذين يفقهونه عندما يتحدث باللغة العرببة، وعلى الدول العربية تقوية أواصر الصداقة مع جنوب السودان ومساعدته على النهوض، فهنالك الكثير الذي يمكن لجنوب السودان أن يخدمه في هذه العلاقة.
بعض القيادات ترى أن الجنوب سيكون أقرب إلى الغرب؟
أرى أن الجنوب أقرب للسودان العربي أو المصري أو الليبي، فلم يكن “جون قرنق” يخاف الذهاب إلى قاهرة المعز أو إلى طرابلس أثناء الحرب مع السودان، وإذا العرب في هذه الدول كانوا غير راضيين عن دورهم الإيجابي في إيجاد حل لقضية جنوب السودان، لتم القبض على “جون قرنق” وإرساله إلى الخرطوم وهي الروح التي نريد أن تستمر بين الجنوب وجميع الدول العربية، وحتى ملك المغرب جدد أواصر الصداقة بالجنوب في زيارته التاريخية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية