{ لا حديث بين الناس بالأمس وأمس الأول إلا عن كارثة الحريق الذي اندلع في قلب سوق أم درمان العتيق في الساعات الأولى من يوم (السبت) الماضي، وكيف قضى الحريق على محتويات (300) محل تجاري، والتهمت النيران كل ما وجدته من بضائع ونقود وأذابت حتى الحديد وبعد أن انطفأ الحريق وأخمدت النيران على يد أفراد شرطة الدفاع المدني ظهرت الكثير من القصص المأساوية التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة وتداولتها شمارات المشمراتية أو (الشمشارين) من بينها احتراق ثلاثة عشر ملياراً بالتمام والكمال عبارة عن صندوق (ختة) وحسب رواية (أمين الختة) كان يفترض لولا اندلاع الحريق أن تسلم لصاحبها بعد طلوع الشمس (السؤال) يظل يدور في أذهان الكثيرين (ثلاثة عشر مليار ختة شهرية) ديل (بيتاجروا في شنو) وبيربحوا كم في الساعة واليوم والشهر الأستاذ “مختار” صاحب مكتبة العمدة لبيع الجرائد وترويج الثقافة علق قائلاً على هذه (الختة الخبطة) نحن ختتنا بثلاثة آلاف جنيه (معذبانا ومتورة نفسنا) ونجمعها بعد تلتلة ومجابدات ونظل نضاري فيها من مكان لمكان حتى تصل لصاحب النصيب.
{ قلت لصديقي “مختار” انتو فقرانين وختتكم تعبانة (تجار العطور والكريمات بي دم بارد خاتين ليهم ختة ثلاثة عشر مليار في دكان هلكان قابل للاحتراق والاختراق.
{ قصة أخرى كشفت عن أحد التجار المتضررين يبدو أنه لم يتحمل الصدمة القوية التي تلقاها من نار البكور جعلته يذرف دموع الحسرة والفجيعة على أنقاض البضائع والأوراق المالية المختلفة المحترقة بالكوم والردوم (رزم من العُملات محلية وأجنبية) والتي يبدو واضحا أن صاحبها المصدوم من فاقدي الثقة في المصارف والبنوك وفضل حفظها داخل متجره خوفاً من أن تتعرض للحبس الإجباري بأحد المصارف التي صارت تصرف للعملاء قروشهم بـ(القطارة) (ألف أو ألفين بالكتير) وأمثاله كثر احترقت أموالهم وأحلامهم بسبب أزمة انعدام الثقة.
{ وصاحب محل بيع الأواني المنزلية وجد في حالة من الذهول ممسك بـقطعتين من الأواني (حلتين) هي ما تبقى من الأواني الكثيرة التي كانت مرصوصة على الأرفف والبترينات وغالبيتها المحشورة مردومة فيما تبقى من مساحات (الدكان) بالكراتين والشوالات الكبيرة.
{ وهناك تاجر من المنكوبين والمحروقين بنار عدم الثقة في (المصارف الممنوعة من الصرف) وهذا التاجر من ضمن ما فقد من بضائع وأموال تخصه فقد أمانات بمليارات الجنيهات أصحابها لجأوا إليه بعد أن فقدوا الثقة.
{ وضوح أخير :
ومن تحت الرماد الكال حماد، لرسالتنا للحكومة أن تسرع في عمل دراسة عاجلة لللوصول لكيفية إعادة ثقة التجار ورجال الأعمال في المصارف وإعادة الأمل للمواطن البسيط في حياة كريمة، ورسالتنا للتجار الذين لم يتحملوا صدمة الحريق أن يعيدوا ثقتهم في الله سبحانه وتعالى الذي قدر بأن تكون الدنيا دار امتحانات لعباد بمثل هذه الابتلاءات ولكي يتدبروا ويتفكروا ويراجعوا ما بأنفسهم ويتحسسوا مؤشرات قوة الإيمان بدواخلهم وهل هناك رضا بالشر كما هناك فرح بالخير.
{ وأخيراً ندعو الجميع للوقوف بتدبر وتفكر عند الآية الكريمة من سورة الأنبياء .
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾..