ما بعد التخرج.. أحلام شبابية يئدها الواقع المأزوم
بعضهم يُصاب بالإحباط.. وآخرون يفضلون الهجرة
الخرطوم_ مثاني عوض الله
رغم فرحة التخرج والشعور بالإنجاز والقليل من الحُرية بالتخلص من ضغوط الدراسة والمذاكرة، إلا أن الكثير من الشباب حديثي التخرج يفاجأون بعد أيام من ظهور نتيجتهم بأنهم يشعرون بالقلق والضيق والحيرة، هذه المشكلة التي يعانيها الكثيرون في صمت تكشف الدراسات أنها تخص كل شباب العالم في ظاهرة تعرف باسم “اكتئاب ما بعد التخرج”.
أقرب لاهتمام الشباب
يرى شباب من ذوي النظرة العملية في الحياة أن العمل مطلوب للشباب ولو لم يكن في مجال الدراسة التي أنفق فيها سنوات عمره، وبالتالي لا يمتنعون عن العمل في أعمال صغيرة تدر ربحاً قليلاً نسبياً عليهم، سواء في المحال التجارية أو السكرتارية في الشركات أو المهن التي لا تتطلب تخصصاً أكاديمياً بعينه وعلى الرغم من الإحساس دائماً بالرغبة في عمل أفضل وأقرب لاهتمامات الشاب إلا أنه يمكن أن يقتنع أن هذا العمل أفضل من الفراغ الذي يمكن أن يحيط به، كما أنهم يستفيدون من ذلك بإضافة خبرات جديدة في الحياة العملية إلى رصيد خبراتهم.
أحلام ما بعد الجامعة
تقول “صفاء عبد الله” طالبة طب بالمستوى السادس جامعة الخرطوم: من خططي بعد التخرج مباشرة بناء أسرتي الصغيرة وإكمال الخدمة الوطنية في مجال بعيد قدر الإمكان عن الحقل الطبي لأكتسب مهارات وخبرات إضافية، ثم مرورا بمرحلة الامتياز استغلالها في تطوير ذاتي في المجال الطبي بالدراسة والبحث العلمي، وتابعت: أخطط أيضا في هذه الفترة لتأسيس مشروعي الربحي الخاص مستقلة رغبتي وهوايتي في مجالي تصميم الأزياء أو العناية بالبشرة وذلك لأحقق بقدر الإمكان استقلالي الاقتصادي ومن ثم الصعود بطموحي المهني للتخصص الذي أحلم به (جراحة الأطفال)
وفي ذات السياق يحدثنا “طارق الأمير”: بالنسبة لي عايز أعمل شغلي الخاص وما أقع في فخ الوظيفة. ومن خططي أيضا عايز احقق الأهداف الختيتها عايز أغير من مجتمعي للأحسن، وأكون إنسانا مؤثرا فعليا.
إلا أن زميله “حسن عبد المنعم” يرى أن الهجرة هي الطريق الأنسب له خاصة وأن ضعف الأجور لن يحقق له طموحاته في الحصول على منزل وتكوين أسرة.
أما “محمود ياسر محجوب” الطالب بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، كلية الدراسات التجارية قسم المحاسبة.. يكشف عن عشقه وحبه للإعلام قائلا: بعد التخريج أريد أن أطور في هوايتي ورغبتي وهي تقديم البرامج بدراسة دورات تدريبية في مجال الإعلام وخصوصا الإذاعة والتلفزيون، ثم عمل مشروع صغير لسد الحاجة المالية.
وأوضحت وقالت لنا “هدى أحمد” طالبة بجامعة النيلين كلية الآداب، قسم الفلسفة، خطتي بعد التخريج أريد فقط أن أسس أسرتي الصغيرة، وأحس إحساس الأمومة الذي هو حلمي، وخلاف كدا ما عايزة إلا الصحة والعافية وأشوف أولادي ناجحين.
من جهتها قالت “ليلى أحمد”: بعد التخرج مباشرة أريد أن أطور مهاراتي في فنون المكياج وأن افتح لي مركزاً للتجميل، ومن خططي أيضاً عمل مشروع استثماري صغير هو عبارة عن تجارة خارجية هي جلب بضاعة من الخارج .
ويقول “عمر الوسيلة” طالب بكلية القانون جامعة النيلين، بعد التخرج مباشرة أريد أن أتوجه نحو السوق من خططي أسافر الضعين واشتغل في التجارة لأنو الشغل بالوظيفة ما بغطي مع الظروف الاقتصادية.
إحباط ما بعد التخرج..
يصاب كثير من الطلاب بالإحباط نتيجة جلوسهم في المنزل لعدة سنوات دون أن يجدوا وظيفة مناسبة تتفق مع أنفقوه من سنوات في التحصيل الأكاديمي لهذا فإن الدكتور “علي محمد حسين” يضع نقاطاً يرى أنها من شأنها أن تعين بعض الشباب على تجنب الإحباط وتنظيم جهودهم من أهمها العمل على إعداد سيرة ذاتية وكتاب تغطية جيد: عندما تتخرج من الجامعة فأنت تبدأ المرحلة والخطوة الجديدة في الحياة وبناءً عليه عليك أن تقوم بالاستعداد الجيد لهذه المرحلة، ولهذا يجب أن تحتاط بأكثر الأدوات والأسلحة قوة، بالإضافة إلى تعلم أن في الحياة المهنية الكثير من الاحتمالات: أنت في مرحلة الاختيار فيها موضوع ليس ناجحا وفكرة ليست سديدة، لا تستطيع أن تقسم الاختيارات بين أبيض وأسود، عليك أن تحاول الجمع بين الخليط، وصنع ما يناسبك منه بإتقان، ولهذا فإذا أتاك عرضا للعمل قم بقبوله، ولا تفكر فيما تطمح إليه الآن، عليك أن تفكر فيما ستحصل عليه من هذا العمل من فوائد للمستقبل، فهو مصدر مالي حتى ولو بسيط ويعزز الاستقلال المالي الذي يخصك وبذات الوقت سيكون إضافة إلى السيرة الذاتية التي تخصك، بدلا من أن تبقى خالية من الخبرات، كن متيقنا أن هناك فترة ستأتي سيمكنك فيها الاختيار بما ترغب لكن بعد الصبر، أما مرحلة ما بعد التخرج احرص على ضبط جماح طموحك قليلا، وتقبل جميع الأطياف لفترة محدودة والنقطة الثالثة هي تعلم التدرج : وهذا البند ينسجم مع البند السابق، فالقفزات المتسارعة قد لا تؤدي إلى النتائج المرغوبة دوما، فأحيانا قد يكون التدرج خطوة خطوة على هذا السلم أو ذاك يفي بالغرض ويعطي النتائج المدهشة لاحقا، أما القفز فله نتيجتان أما الاختصار دون الخبرة، وأما الكسر دون الجبر، ولهذا من الأولى أن تعد قدميك إلى المشي نحو العلا، والإبحار نحو المستقبل، بدل القفز نحو الفضاء الخالي. والمرحلة الأخيرة هي البدء بمراسلة الشركات الصغيرة والمتوسطة: ولهذا نتائج مفيدة جدا، ففي العادة أن ما تطلبه الشركات الكبيرة يعتمد أما على الخبرات الكبيرة في العمل، وأما شهادة متفوقة من الجامعة، فإن كنت تحوز هذه الشهادة يمكنك أن تفكر بمثل هذه الشركات على اعتبار أنها وسيلتك لتحقيق الطموح مع الحذر من قدراتك على المنافسة فهي تضم متفوقين أيضا، أما بعكس هذا فقم بمراسلة الشركات التي قد تؤمن لك حلم العمل وبذات الوقت اكتساب الخبرة، فقط أعد السيرة الذاتية التي تناسب وتقدم.